No Script

ربيع الكلمات

الواسطة والمحسوبية... ثقافة سيئة!

تصغير
تكبير

القصصُ عن الواسطات هذه الأيام لا تكاد تنتهي، قيادي تبدو عليه علامات الصّلاح والورع، ولكنه يتوسّط لشخص لا يستحق أن يكون رئيس قسم، فيضعه في أعلى المناصب القيادية والإدارية، وآخر تعتقد أنه قائد إداري ناجح فتجده يرمي بعرض الحائط كل اللوائح الإدارية، فقط من أجل توريث شخص آخر للمنصب بعيداً عن كل معايير الكفاءة.

ولكن أسوأ ما في الأمر هو أننا بدأنا نشرّع هذه الواسطة والتي تعني الفساد، لأننا عندما نلجأ إليها فهذا يعني أن صاحب الحق لن يصل إلى حقه، ومن يستحق المنصب لن يأخذه، والخاسر الأكبر هو الوطن الذي يحتاج إلى كل جهد وكفاءة بعيداً عن المجاملة والمحاباة، ولو كنا ندير شركاتنا الخاصة لأتينا بأفضل الكفاءات، فما بالنا عندما نُستأمن ونُدير نضع أقل وأسوأ الناس!

الواسطة مرض في جسد الوطن يجب استئصاله، وهي تفرق بين أبناء المجتمع الواحد، لأنها تسرق أحلام المتفوقين والناجحين، وهي سبب لانتشار الحقد والحسد نتيجة الظلم الذي يقع على البعض.

وحجم التفاوت في الرواتب هو أحد أسباب البحث عن الواسطة للوصول إلى المنصب وبعض الوظائف، ولم يعد يخفى على أحد حجم التفاوت الكبير في الرواتب بين موظفي الجهات الحكومية للتخصص نفسه، فمثلاً تخصص مثل القانون لموظف حديث التعيين في إحدى المؤسسات المستقلة وبعض الجهات الحكومية يساوي ضعف راتب الوظيفة نفسها في بعض الوزارات، وهذا ما يفسر كثرة المتقدمين على هذه الوظائف، والعجيب أن هذا التفاوت الكبير في الأجور والرواتب لا علاقة له بالأداء الوظيفي.

وقد يكون موظف الحكومة - التي لا يوجد فيها كوادر - قد تخرّج في أفضل جامعات العالم، ولكنه لا يملك واسطة قادرة على قبوله في الجهات التي بها كوادر ومميزات مالية أكثر، بينما صديقه الذي تخرّج في «دكاكين الجامعات» بنصف تعليم ولكن لديه واسطة فقُبل فيها.

يجب تعديل هذه المعايير المقلوبة، ووضع معايير جديدة توحّد سلم الرواتب للوظيفة نفسها في مختلف الجهات الحكومية، ويكون التفاوت على حسب الجهد الذي يقدم، ومن يعمل ويقدم أكثر تكون له المفاضلة والأولوية في زيادة راتبه وأخذه للمكافآت.

ولعل الزيادات التي تمت آخر 10 سنوات لم تكن على أسس كافية، ومن كان له صوت عال وهدد بالإضراب تمت زيادة رواتبه، بينما أكثر من 60 في المئة من موظفي الدولة لم يستفيدوا من هذه الزيادات، ولقد كانت المرتبات قبل 10 سنوات تكلف الميزانية 3 مليارات دينار كويتي، أما الآن في 2020 فقد تجاوزت 12 مليار دينار.

سنوات ونحن نسمع عن «البديل الإستراتيجي» وإلى الآن لم ير النور، ومن حيث المبدأ فما هو موجود فيه يحقق نوعاً من العدالة في الرواتب والأجور، حيث سيقلل التفاوت الكبير الرواتب للعاملين في ذات التخصص للأعمال نفسها في الجهات الحكومية، ومن دون المساس بالامتيازات للموظفين الحاليين، وسيطبق على الموظفين الجدد.

أمر آخر يجب التنبه إليه وهم موظفو القطاع الخاص، يجب دعمهم أكثر وحث الموظفين الجدد بالتوجه إلى القطاع الخاص، وربط التعليم بالاحتياجات الفعلية لسوق العمل، وزيادة مبلغ دعم العمالة حتى يصبح القطاع الخاص جاذباً وليس طارداً للكفاءات الوطنية خصوصاً وأزمة كورونا لم تنته بعد، ولا نعلم متى سترجع الأمور إلى سابق عهدها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي