أهل الميدان دعوا إلى معالجة الثغرات وإيجاد آلية اختبارات حقيقية
معلمون: «التعليم عن بعد» في صورته الحالية لا يعلِّم وسيعطي مخرجات متفوقة بلا تقييم
- سلبيات التعليم عن بعد في عيون الميدان:
- افتقاد البيئة الدراسية التفاعلية الجاذبة بين المعلم وطلابه
- عدم تدريب كثير من المعلمين التدريب الكافي على استخدام التطبيق
- حدوث أعطال أثناء الحصة تسبب إرباكاً مما يضطر المعلم إلى إغلاق البرنامج ثم تشغيله
- غياب التقييم الموضوعي للطالب الذي يقتصر على الحضور والمشاركة والواجبات
- التركيز على الجانب النظري وافتقاد جزء مهم جداً متمثل بالجانب العملي في بعض المواد
- افتقاد الطالب للمجتمع المدرسي الفعّال الذي يبني شخصيته
- ضعف التحصيل العلمي لدى الطالب لعدم تفاعله مع معلمه وزملائه بصورة مباشرة
- عدم الموضوعية في تقييم المتعلمين وهنا يظلم بعض الطلاب الفائقين
- عدم تقويم المتعلم سلوكياً وصعوبة تعديل سلوكه لأنه غير موجود أمام المعلم
من الميدان، حيث التعامل المباشر مع نظام التعليم عن بعد، كان للمعلمين موقف متحفّظ تجاه آلية التطبيق التي فرضتها الظروف الراهنة مع جائحة كورونا، معددين السلبيات التي لمسوها من خلال التعامل عن قرب مع النظام.
«الراي» بعثت رسائل جماعية إلى عدد من المعلمين للمشاركة في تقييم تجربة التعليم عن بعد، فتلقت إجابات أكدت أن «التعليم عن بعد أمر فرضته الظروف الراهنة، وندعو الله أن تزول هذه الأزمة ويرفع عنا هذا الوباء».
ومن قراءة آراء المعلمين الذين أكدوا أنه لا يخلو أي تطبيق جديد من بعض السلبيات إلى جانب الإيجابيات، تم رصد بعض سلبيات التعليم عن بعد، وأبرزها افتقاد البيئة الدراسية التفاعلية الجاذبة بين المعلم وطلابه، وعدم القيام بتدريب كثير من المعلمين التدريب الكافي على استخدام هذا التطبيق، ووجود بعض السلبيات في التطبيق نفسه والتي قد تحدث ارتباكاً في أثناء الحصة مما يضطر المعلم إلى إغلاق البرنامج ثم تشغيله، وعدم الدقة في تقييم المتعلم التقييم الموضوعي، فمعظم الدرجات على الحضور والمشاركة والواجبات والتقرير، وهي أمور في معظمها نظامية لا تعليمية، كما يفرض النظام أعباء مالية متمثلة في شراء أجهزة كمبيوتر ربما قد يصل الأمر إلى ضرورة وجود ثلاثة أو أربعة أجهزة في البيت الواحد، إضافة إلى التركيز على الجانب النظري، وافتقاد جزء مهم جدا وهو الجانب العملي في بعض المواد الدراسية.
وفي تفاصيل آراء المعلمين، الذين تحفظوا عن ذكر أسمائهم، يقول معلم «حتى اللحظة لم يدرك بعض الطلاب مسؤولياتهم وواجباتهم في التعليم عن بعد، وما زال الاعتقاد بأنْه نوع من التسلية وملء الفراغ دون أدنى مجهود، ويقابلها الدرجات التامّة. وكذلك عدم متابعة بعض أولياء الأمور أحيانا وإلقاء المسؤولية على وزارة التربية ومعلميها، فالتعليم عن بعد عملية تشاركية تامّة بين البيت والمدرسة».
وتحدث معلم آخر عن بعض مساوئ التعليم عن بعد، بالقول «منها ضعف تفاعل الطلاب وصعوبة توصيل المعلومة، كما يحدث في التعليم المباشر بشكل شخصي. والأولاد الصغار في المراحل الابتدائية لا يستفيدون شيئاً من التعليم عن بعد، ويجب على ولي الأمر تعويض تعليم ابنه بطرق أخرى». كما أكد معلم آخر أن «النظام ليس له إيجابيات حيث يفتح الطالب هاتفه وهو في حالة عدم انتباه، أو مشغول بأي شيء آخر، وعندما يتم سؤاله عن عدم متابعته يبرر ذلك بأنه لا يسمع والصوت غير واضح لديه، كما أن الواجبات التي يكلف بها الطلبة تأتينا بالإجابات نفسها، التي عادة ما تكون عن طريق حلول جاهزة من المكتبة أو معلمين خصوصيين»، مضيفاً أن «هناك جانباً آخر يتمثل في إرهاق لولي الأمر وقعوده إلى جانب الطالب، وخاصة في مرحلتي الروضة والابتدائي، ومتابعة الأبناء في هاتين المرحلتين إرهاق كبير، وخاصة بوجود أكثر من طالب في مراحل مختلفة».
ويتحدث معلم آخر عن «افتقاد الطالب للمجتمع المدرسي الفعّال الذي يبني شخصية الفرد بسبب المواقف التي يتعرض لها في هذا النطاق، يضاف إليه ضعف التحصيل العلمي لدى الطالب لعدم تفاعله مع معلمه وزملائه بصورة مباشرة، وعدم الموضوعية في تقييم المتعلمين وهنا يظلم بعض الطلاب الفائقين، وعدم تقويم المتعلم سلوكياً ويصعب تعديل سلوكه؛ لأنه غير موجود أمام المعلم، هذا عدا تحول البيئة المنزلية من الهدوء والراحة إلى صراعات قوية بين أفرادها المتعلمين، على الاستئثار بالجو المناسب للمتابعة عبر جهاز الكمبيوتر».
وطرح معلم مسألة تطوير آلية التعليم عن بعد وعدم التفكير في إلغائها، تحسباً لأزمات مستقبلية قد توقف التعليم المباشر في المدارس، مقترحاً أن تكون هناك آلية تقييم مناسبة للطالب، عن طريق الاختبارات الإلكترونيه بوجود بنك من الأسئلة واختبار بتوقيت معين يراعي الفروق الفردية بين الطلاب. وشدد على «ضرورة تلافي السلبيات لاستمرار النظام، فلا يوجد أي ولي أمر عنده استعداد للمجازفة بأولاده أو صحتهم بإرسالهم إلى المدرسة، فيكون الحل الوسط في التعليم عن بعد ولكن بمعالجة السلبيات وليس الإلغاء التام».
إلى ذلك اعتبرت مجموعة من المعلمات، التعليم عن بعد بيئة خصبة للغش الجماعي والدروس الخصوصية والنجاح الوهمي واصفات التجربة بأنها «غش عن بعد» سواء في الواجبات المنزلية أو في إعداد التقارير، ومؤكدات أن النسب الوهمية التي حصل عليها طلبة الفصل التكميلي 2019-2020 دليل على فشل النظام الذي أوجد مخرجات تعليمية متفوقة بلا تقييم.
واستشهدت المعلمات في أحاديثهن لـ «الراي» بالتقارير المقدمة من طالبات الصف الثاني عشر خلال هذا الفصل للصف الثاني عشر حيث كانت «copy paste» من مراكز خدمة الطالب، ولكن للأسف صدرت تعليمات من قبل الإدارات المدرسية بضرورة اعتمادها ومنح الطالبات درجتها الكاملة رغم تطابقها مع بعضها كأنها نسخة واحدة مصورة.
وانتقدت معلمة هذا النظام مؤكدة أن لديها طالبة كانت نائمة طوال العام الدراسي الفائت، وهي كثيرة التغيب والإهمال إلا أن صحوتها في التعليم عن بعد كانت مذهلة ولافتة للنظر، حيث أصبحت الطالبة الأولى في حل الواجبات المنزلية ومنها أسئلة صعبة جداً في النحو والقواعد، أعدت للطالبة المتميزة فكانت إجاباتها النموذجية دليلاً على تواصلها الدائم مع «مدرس خصوصي» وهناك حالات كثيرة مشابهة في معظم المدارس لحالة الطالبة المشار إليها.
وبيّنت المعلمة أن النظام كثير التعليق والأعطال ويحتوي على كثير من المشكلات الفنية التي أهمها ضعف النت ودخول كثير من الطالبات خلال الأسبوعين الفائتين في دوامة «عدم الإضافة» في الفصول الافتراضية الأمر الذي اضطرهن وأولياء أمورهن لمراجعة إدارة المدرسة للتسجيل في هذه الفصول فصلاً فصلاً ومادة مادة، إلا أن جهل كثير من المعلمات بالأمور التقنية دفع إدارات المدارس إلى تعليق المشكلات على شماعة الدعم الفني، مؤكدة أن المشكلة هدأت خلال الأسبوع الحالي بعد تدريب المعلمات على كيفية إضافة الطالبات.