No Script

منع دخول 160 ألفاً للبلاد يفتح نقاشاً مصرفياً حول احتمالات الانكشاف وحجمه

ساقطو الإقامة قروضهم باقية... البنوك تجهّز لملاحقتهم قضائياً في عقر ديارهم

آلاف الوافدين المقترضين تحت مرمى الملاحقة
آلاف الوافدين المقترضين تحت مرمى الملاحقة
تصغير
تكبير
مصرفيون لـ «الراي»: سنطارد المتوقف عن السداد ولو قرضه 50 ديناراً
- تمويلات الوافدين تقارب 2.5 مليار دينار من 16.5 مليار قروضاً شخصية
- بنوك ستقرً الملاحقة قضائياً بالخارج للعملاء المتعثرين ولكفلائهم بالداخل إذا كان التمويل من الحجم الكبير
- الاستعانة بشركات تحصيل تُقنع العميل بالسداد أو تفرض عليه
- البنوك ستبدأ بالطريقة السهلة... تجميد المستحقات إذا وُجدت
- باب التسوية مفتوح على قاعدة «اللي يتحصّل منه أحسن منه»
- حصر التعثرات محاسبياً يبدأ مع عودة الأقساط الشهر الجاري
- جزء كبير قد لا يكون مقترضاً بحكم أعماله البسيطة

يعيش عشرات الآلاف من الوافدين منذ فترة سيناريو سقوط الإقامة لوجودهم خارج البلاد، وإغلاق المطار في وجوههم بسبب تداعيات «كورونا».

الخبر السيّئ أن حياة من تسقط إقامته ستنقلب رأساً على عقب، لكن السؤال هنا، هل يعني سقوط إقامتك، أنك «افتكّيت» من القرض الذي حصلت عليه بطريقة طبيعية قبل الظروف الطارئة وهذه القوة القاهرة؟ مناسبة هذا الحديث، تعود إلى أن هناك نحو 160 ألف مقيم سقطت إقامتهم منذ بداية «كورونا» حتى الآن، بينهم 127 ألفاً أثناء وجودهم خارج البلاد، وقرابة 30 ألفاً رحلوا طواعية بعدما استفادوا من فترة العفو، لينشغل مع ذلك تنفيذيو البنوك وشركات التمويل بجرد محافظهم التمويلية، وحصر العملاء غير الكويتيين الذي توقفوا عن السداد، أو أصبحت رواتبهم غير منتظمة.

وحسب البيانات الرسمية يقارب حجم محفظة القروض الشخصية 16.5 مليار دينار، منها نحو 1.5 مليار من القروض الاستهلاكية و11.9 مليار من القروض المقسطة، وما تبقى يتوزع بين قروض غير مصنفة وأخرى لشراء الأسهم والعقار، علماً بأنه وفقاً لبيانات تقديرية يشكّل المقترضون المقيمون نحو 58 في المئة من حيث أعدادهم وما يقارب 15 في المئة من إجمالي قيمة قروض الأفراد، بما يشكل نحو 2.5 مليار دينار.

خطة الترحيل

وما يزيد سخونة النقاش المصرفي في هذا الخصوص أكثر، أنه وحسب خطة قدمتها أخيراً وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية، مريم العقيل، أمام لجنة تنمية الموارد البشرية في مجلس الأمة، فإن هناك توجهاً لترحيل أكثر من نصف مليون وافد، لمعالجة اختلالات سوق العمل وأثرها على التركيبة السكانية.

وتتضمن الحلول القصيرة المطروحة، ترحيل 360 ألف مقيم، منهم 120 ألفاً عمالة مخالفة، و150 ألفاً ممن تجاوزت أعمارهم 60 عاماً أو يعانون أمراضاً مزمنة، و90 ألفاً يشملون العمالة الأمية والمتدنية التعليم مهما بلغ مستوى عملها.

من حيث المبدأ، سقوط إقامة المقيم المقترض لا يعفيه من سداد مديونيته، حيث قررت البنوك ملاحقة الدائن المتهرب من دفع أقساطه في عقر داره، وهنا تبدأ القصة بالتفصيل:بالطبع، يصعب في الوقت الحالي، توقع رقم محدد للعملاء المحتملين للتعثر، لا سيما أنه كان خلال الفترة الماضية المقترض معفياً حكماً من دفع أقساطه، بعد أن قررت البنوك تأجيل الأقساط بسبب تداعيات فيروس كورونا لمدة 6 أشهر، تنتهي الشهر الجاري. ومن ثم من المرتقب أن تتضح الحالة الائتمانية للمقترضين أكثر مع إيداع راتب أكتوبر المقبل، حيث بداية العودة للاستقطاعات.

وزن المقيمين

هناك سيناريوهات عديدة للتعرف على أسماء المقترضين المقيمين الذين سينقطعون عن سداد أقساطهم، وكذلك تحديد قيم القروض التي حصلوا عليها وما يتوجب سداده في الفترة المقبلة.

لكن جميع البيانات المتداولة حتى الآن لا تشير إلى احتمالية التعرض لأزمة ائتمانية حقيقية، وذلك بسبب وزن قيمة كتلة جزء كبير من المقيمين الذين سقطت إقاماتهم بسبب تداعيات «كورونا».

كتلة مؤثرة

وبقراءة أرقام حجم وعدد الوافدين في المحافظ التمويلية المحلية، يمكن القول إن وزن المقترضين المقيمين لا يشكل كتلة مؤثرة في المحافظ التمويلية، لجهة القيمة، حيث سقف الاقتراض لدى غالبية الوافدين يتراوح عادة بين ألفين و5 آلاف دينار، موجهة غالباً للإنفاق الاستهلاكي وتحديداً شراء سيارة متوسطة القيمة، أو دفع مقدم شقة في بلد المقيم، مع الأخذ بالاعتبار أن هناك حدوداً ائتمانية لبعض المقيمين تصل إلى الحد الأقصى البالغ 25 ألفاً، لكن المستفيدين من ذلك محدودون جداً.

وما يقلّل المخاوف المصرفية من التعرض لأزمة انكشافات واسعة على المقيمين المقترضين الذين سقطت إقامتهم، أن الجزء الأكبر من هؤلاء المقيمين يصنّف على أنه من الشرائح الأقل قدرة في الحصول على تسهيلات، لعدم استيفائهم الشروط المحددة، أقله لجهة الراتب وانتظامه، كما أن جزءاً غير قليل منهم يعمل أعمالاً غير منتظمة، باعتبارهم حرفيين، أو عمالة عادية.

عضوية افتراضية

لكنه في المقابل هناك جزء آخر يندرج مصرفياً ضمن محفظة المقيمين المهددة بالتعثر، فمن الذين سقطت إقامتهم أو معرضين لذلك، هناك أصحاب مهن معروف عنها حمل العضوية الافتراضية في قائمة المقترضين الاستهلاكيين.

وإلى ذلك، تشمل محفظة المقيمين الذين سقطت إقامتهم أصحاب مهن التدريس، والهندسة، والطب، إلى جانب أصحاب الوظائف المتوسطة التي تشمل مندوبين وأعمالاً حرة، وخلاف ذلك من مهن تتراوح أجورها بين 250 و500 دينار، حيث لدى شريحة منهم التزامات ائتمانية استهلاكية في الغالب.

توقف السداد

وبالنسبة لآلية تعامل البنوك محاسبياً مع القروض المتعثرة، ستقوم البنوك ملزمة وفقاً للتعليمات الرقابية بتكوين مخصصات على التمويلات غير المنتظمة، وذلك وفقاً لجدول زمني، يحدد الحجم المطلوب بناؤه، ليبقى مع ذلك السؤال، عما يمكن أن تفعله هذه البنوك قانونياً مع العميل الذي لن يعود إلى البلاد مجدداً؟ ستقوم البنوك وشركات التمويل بملاحقة المقترض المتوقف عن السداد، وغادر الكويت لأي سبب، قبل أن يسدد دينه، حيث ستعتمد الجهات الدائنة على شركات تحصيل الأموال، لكن هذا الإجراء يتضمن الكثير من التفاصيل غير السهلة، وأحياناً المزعجة.

فإذا افترضنا أن هناك مقترضاً مقيماً تعثّر بالفعل، بسبب انقطاع أعماله تحت ضغط تداعيات «كورونا»، وسقطت إقامته سواءً كان اختيارياً أو إجرائياً، يتم الحصر الائتماني تحديد قيمة قرضه، وما إذا كان يقابله أي ضمان مستحقات يمكن الحصول عليها أم لا.

ائتمان حقيقي

وفي حال كان مبلغ الدين مصنفاً بما يعرف بالائتمان الحقيقي، أي من فئة القروض التي تمنح للعميل بالحدود القصوى التي تتجاوز أضعاف راتبه مرات عديدة، ستلجأ البنوك إلى القضاء، وملاحقة قضائياً في الخارج، ولكفيله في الداخل.أما القرض المتدني فالقرار يحتمل أكثر من وجهة نظر أبرزها، تجاهل الملاحقة، حيث يؤدي رفع دعاوى قضائية خارجية لزيادة كلفة القرض، وفي النهاية ستحصل البنوك على هذه الأموال بتسويات قد لا تقابل قيمة القرض محمّلاً بما أنفق عليه من مصاريف قانونية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعض مسؤولي البنوك أفادوا لـ»الراي» أنهم سيطاردون المقترض الهارب، ولو كان مطلوباً بـ50 ديناراً، على قاعدة «اللي يتحصل منه أحسن منه».

مستحقات وظيفية

ومصرفياً، هناك طريقتان لتحصيل القروض من العملاء بالخارج إذا كانت تستحق المطاردة، الأولى: وهي السهلة، أن يتبيّن للبنك أن لدى المقترض الغائب مستحقات وظيفية، ويعمل في جهة ذات تصنيف وظيفي جيد، حيث سيكون على هذه الجهة إيداع مستحقات موظفها المغادر للبلاد في حسابه، مع التنبيه على البنك أن هذا المبلغ عبارة عن مستحقات نهاية خدمة الموظف، علماً بأن هذا إجراء تقليدي، ليقوم المصرف من ناحيته بتجميد كامل مستحقاته التمويلية دفعة واحدة، على أن يخصم من هذا المبلغ القسط المقرّر شهرياً.

وتجدر الإشارة إلى أن التحديثات المصرفية الأخيرة جعلت الشركات ملزمة بتحديد نوع المبلغ الذي تودعه في حساب موظفيها، مع تبويبه إذا كان راتباً أو مستحقات نهاية الخدمة، لتزيد مع ذلك قدرتها على سرعة التصرف في حال التعثر، أو إنهاء الخدمات.

سيناريو ثانٍ

أمّا الطريقة الثانية الشاقة، فتتمثل في أن يكون المقترض يعمل لدى جهة ذات تصنيف وظيفي رديء، حيث من المستبعد أن تودع في حساب الموظف المغادر للبلاد أي استحقاقات، كما أن هناك سيناريو ثانياً يفترض أنه لا يوجد لهذا المقترض أصلاً أي استحقاقات وظيفية.

ووفقاً لهذه الحالة، سيتم التعامل مع دين هذا العميل قضائياً، حيث يدرس عدد من البنوك اعتماد سياسة جديدة في ملاحقة العملاء الذين تعثروا عن سداد التزاماتهم، ومن ضمن الإجراءات التكميلية المعتادة بالسيناريوهات التقليدية، التعاقد مع مكاتب محاماة خارجية، بهدف تكثيف نظم الملاحقة القضائية في بلدان العملاء «المنحاشين».

شركات التحصيل

وتشمل هذه التحركات الاتفاق مع شركات التحصيل في البلدان التي تتركز فيها إقامات العملاء المتعثرين، لاتخاذ كل ما يلزم البنك من خطوات لتحصيل أمواله، حيث تقوم هذه الجهات باتباع أسلوبين متلازمين عادة وهما: الأول: التفاوض مع العميل، والتوصل معه إلى تسوية تسقط جزءاً من قرضه، ويحصل مقابلها الوسيط على نسبة، وليحصل البنك الدائن في النهاية على ما تبقى مع قبوله بتحمل جزء من الخسارة، فتحصيل هذه النسب يقلل من حاجة البنوك لبناء مخصصات إضافية، وهي بالمناسبة آلية عمل مقبولة في قطاع المصارف، حيث دائماً هناك نسبة مخاطر مقبولة، ولذلك تُبنى مقابل المحفظة الائتمانية مخصصات عامة بخلاف الاحترازية.

كما أن تحصيل مبالغ هذه التسويات يعني مصرفياً عوائد أفضل من تجاهل هذه الديون الرديئة، والاكتفاء فقط باتخاذ إجراءات التحصيل المحلية التي غالباً لا تضمن الاسترداد.

ثانياً: ممارسة كل وسائل الضغط القانونية الممكنة على هؤلاء العملاء بهدف تحصيل الديون المستحقة عليهم.

حدود المقيم... ائتمانياً

لا يحق للمقيم الحصول على القرض المقسط، مثل المواطن والذي يبلغ 70 ألف دينار، حيث تقتصر تسهيلاته على التمويلات الاستهلاكيّة، والتي تبلغ حدودها الائتمانية القصوى 25 ألفاً، ومدة سداده إلى 5 سنوات حسب تعليمات بنك الكويت المركزي.

وتجدر الإشارة إلى أنه يصعب على غالبية المقيمين الوصول إلى الحدود الاستهلاكية القصوى بحكم رواتبهم التي لا تؤهلهم لبلوغ هذه المعدلات الائتمانية خصوصاً أنه وفقاً للتعليمات الرقابية لا يتجاوز مجموع الاستقطاعات الشهرية 40 في المئة من الراتب.

اللجوء للإنتربول... وارد

تضمن الإجراءات القضائية الخارجية وضع المتهربين من السداد، أمام مواجهة أحكام داخل بلادهم، ما يعطي فرصة وضع العميل تحت ضغط العودة مجدداً إلى الكويت، لكن هذه المرة لتنفيذ ما يصدر ضده من أحكام قضائية وذلك عبر الإنتربول، مع الأخذ بالاعتبار أن تحريك الإنتربول تجاه قضية ما يحتاج إلى صدور أحكام معينة، كما أن البنوك لا تقدم على هذه الخطوة إلا إذا كانت المبالغ تستحق المتابعة قضائياً، على أساس أن هذا التحرك يتطلّب مصاريف كبيرة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي