No Script

طهران تستعدّ لخطوةٍ حادّة

روسيا وإيران في سورية ... تنظيم الخلاف

 مسلحون ومدنيون يرفعون أعلام روسيا وإيران وسورية وهم على ظهر آلية داخل الأراضي السورية
مسلحون ومدنيون يرفعون أعلام روسيا وإيران وسورية وهم على ظهر آلية داخل الأراضي السورية
تصغير
تكبير

كثُر الحديثُ عن صراعٍ روسي - إيراني في سورية حول الأولويات والأهداف والوجود في مناطق دون أخرى. إلّا أن الواقع في بلاد الشام يؤكد أن هناك خلافات منظّمة ارتضى بها الأطراف الأصدقاء من دون أن يؤثر ذلك على الأهداف الرئيسية. لكن يبدو أن طهران قرّرت اتخاذ خطوات أكثر تصعيدية في سورية من المتوقّع أن تُثير القلق في إسرائيل بعد التطورات التي حصلت في المنطقة العربية.

في سنوات الحرب السورية، قامتْ إسرائيل بدورها لتنفّذ أجندتَها بإسقاط الرئيس بشار الأسد وإعطاء كأس النصر لـ«داعش» و«القاعدة» بقصْفها في مئات الغارات مواقع مختلفة على كامل الخريطة السورية. ولكن إسرائيل فشلتْ ليس فقط في تحقيق أهدافِها بل استدرجتْ وجوداً لإيران وحلفائها على الحدود في درعا والقنيطرة وعلى تخوم الجولان السوري المحتلّ.

وكثُرتْ التكهناتُ عن خطواتٍ روسية لإبعاد إيران لمسافة 40 كيلومتراً عن الجولان. إلّا أن الواقع، بحسب مصادر مطلعة في سورية، يؤكد أن المستشارين والخبراء الإيرانيين موجودون مع حلفائهم على طول الحدود مع الجولان المحتل.

وتشرح المصادر أنه «نظراً للتطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، أصبحتْ إسرائيل على حدود إيران وأصبح لديها وجودٌ أمني وعسكري. وتالياً فإن طهران تستعدّ لتردّ بإظهار وجودٍ لها ولحلفائها في مكان آخَر، سورية، توجّه عبره الرسائل لإسرائيل بأن توازن الردع غير مفقود وأن إسرائيل لا تملك اليد العليا وأن لإيران أوراقاً تلعبها».

وتؤكد المصادر أن إيران موجودة في محافظات درعا والجولان والقنيطرة ودمشق والبوكمال وتدمر والبادية لأن هذه المناطق تُعدّ من أهم المناطق التي توفّر خط إمداد لحلفائها ومواقع إستراتيجية لحماية هؤلاء في الشرق الأوسط وعلى رأسهم الرئيس الأسد و«حزب الله» اللبناني.

وتضيف المصادر أن الوجود الإيراني يأتي بتضامن وتنسيق تام مع الأسد الذي يصرّ على الدور الإيراني في سورية خصوصاً بعد توقيع معاهدات دفاع وأمن بين البلدين، وأن روسيا لا تتدخل بهذه العلاقة ولا تحاول التأثير بها لاسيما أن موسكو التي تملك علاقات قوية مع إسرائيل لم تتدخل يوماً في الصراع الدائم بين إيران وسورية من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.

وكانت روسيا نشرت صواريخ S-300 وS-400 المضادّة للطائرات بعدما اتهمت إسرائيل بإسقاط طائرة روسية ومقتل خمسة عشر ضابطاً بداخلها في سبتمبر 2018. إلّا أن انتشار هذه الصواريخ كان بمثابة تهديد بالاستخدام إذا تأخّرت إسرائيل عن إخطار موسكو مسبقاً بأي هجماتٍ، بما يتيح لها اتخاذ التدابير الكافية لمنْع وقوع خسائر بشرية في صفوف قوّاتها. ولم تسمح روسيا باستخدام صواريخها ولم تستهدف إسرائيل هذه المنظومة بل قبِلتْ بالتوازن الذي فرضتْه روسيا عليها. إلّا أن موسكو كانت تخبر حلفاءها بمَن فيهم إيران، كلّما أبلغتها إسرائيل بقيامها بضربات داخل سورية.

إلّا أن إيران قامت بإخلاء مراكزها التي سلّمتْها لـ«حزب الله» (وفق ما ذكرت «الراي» سابقاً) وخصوصاً أنها لا تملك قوات قتالية بل قوات استشارية وقوات تنسيقية وقيادية على الأرض وقوات فنية تدير بعض الطائرات المسيّرة وقواعد الأركان وغيرها.

وقد أعلن الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله أنه سيردّ على قتْل أيّ من جنوده وقواته، ولم تلتزم إسرائيل بالمتغيرات والتسلّم والتسليم، فقامت بضرْب هدفٍ كانت القوات الاستشارية الإيرانية تنتشر فيه. وهذا ما تسبّب بمقتل أحد عناصر «حزب الله» في يونيو الماضي. ومنذ ذلك الحين، توقّفت إسرائيل عن ضرب أي هدف كانت تتمركز فيه القواتُ الإيرانية خشية قتْل عنصر أو أكثر من «حزب الله». ولا تزال إسرائيل تنتظر الرد، وقد أخْلت كامل مواقعها على الحدود مع لبنان منذ أكثر من 3 أشهر وهي في حال تأهب قصوى.

وتبقى الخلافات الروسية - الإيرانية مقتصرة فقط على الوجود التركي في سورية. فموسكو تعتقد أن تركيا تساعد في الحل وقد أدخلتْها إلى مناطق الشمال السوري، وأن لا حل إلّا بالتعاون مع أنقرة حتى ولو سُجّلت خلافات تركية - روسية في إدلب ومحيطها وفي المناطق التي تسيطر القوات الأميركية - الكردية. وتَعتبر موسكو أنه لا توجد خيارات متعدّدة لأن تركيا موجودة في مراكز ثابتة وتتعاون كلما تعقّدت الأمور على الأرض عسكرياً.

أما إيران وسورية فيعتبران أن تركيا لم تدخل دولةً منذ الحرب العالمية الثانية إلّا وبقيت فيها وامتنعت عن مغادرتها. ويؤكد الرئيس السوري على عدائه لأنقرة بينما تعتبرها إيران حليفةً إستراتيجية حتى ولو اختلفتْ معها في سورية وفي حمايتها للجهاديين في الشمال السوري.

وتنتظر منطقة الشرق الأوسط بقلقٍ الانتخابات الأميركية المقبلة لتستخلص العِبَر وتعتمد على إستراتيجيةٍ للسنوات الأربع المقبلة. ولكن إيران تعتبر أنه بمعزل عن إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب من عدمه، فعليها التصرف للإبقاء على توازن الردع وتوازن الرعب مع المستجدات في المنطقة وبالأخص مع إسرائيل. ولذلك فهي تتحضّر لتوجيه الرسائل لتقول لعدوّتها تل أبيب إن الساحة ليست خالية لها وإن إيران تملك العديد من الأوراق لتلعبها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي