فهد البسام / نقطة / مبروم على مبروم!

تصغير
تكبير
لو فرضنا صحة الرواية وان معالي الوزير لم يقدم بلاغا مستوفي الشكل للنيابة العامة او ان النيابة العامة لم تسجل البلاغ لاسباب شكلية وان معاليه كان يعلم كل ذلك قبل جلسة الاستجواب او جلسة طرح الثقة، اقول اننا لو فرضنا صحة كل ذلك فإن الوزير حينها يمكن اعتباره من اشطر الوزراء في تاريخ الكويت السياسي، وينطبق عليه بجدارة معيار التاجر الذكي الذي ارساه حسين بن عاقول «التاجر اللي يقدر يبيع هاللحم...».
فبداية تسجيل البلاغ قبل الجلسة او بعدها لا يغير شيئا من حقيقة الواقعة او الجريمة المراد التحقيق فيها او من نية الوزير او المستجوب، لكن الهدف السياسي كان هو المقصود آنذاك، لذا فإذا استطاع الوزير تمرير ذلك على المستجوبين فإنه يكون بذلك قد لعب معهم باسلوبهم وطريقتهم وغلبهم.
فالسادة «المبدئيون الجدد» كانوا خلال السنوات الفائتة يتذاكون بكثرة علينا وعلى الحكومات «المسكينة» المتعاقبة فيتقافزون من قضية إلى قضية، ومن موقف الى موقف، ومن مبدأ إلى مبدأ، وكل ذلك كان حسب «تفصال» الشخص المستهدف ودون اي التزام بوحدة قياس واحدة مجردة، فالشعرة مثلا في عين وزير المالية شجرة، لكن العود في عين وزير الشؤون او وزير الدولة او يامن حبتك عيني يوما فإنها تكون شعرة، وكل ذلك كان يتم عبر اساليب وطرق استعراضية فجة تميل للتخوين والاقصاء او تأليب الرأي العام بمعلومات غالبا ما تكون مقتطعة من سياقها او مغلوطة لا عبر ارقام او احصائيات او حتى سياسات مختلف عليها «هوبا» يوسف الابراهيم حرامي، «هوبا» عادل الصبيح منتفع، «اررب اررب شوف صور الموظفين بتوع» علي الجراح، اما ضيف الله شرار «فما تكبرش الموضوع ياراجل»، كما وان وزراء الشؤون المتعاقبين ومواضيع كمصاريف دورة الخليج او مبنى الاولمبيا او حتى توقف الانشطة الرياضية «فالهون ابرك ما يكون ياجماعة» فالوزراء من حبايبنا وهذه المواضيع قد تمس طرف ثوب رابح المليون واخوانه ولا داعي للاصطدام بالجبل حاليا، وليذهب «الفئوي» عادل الصرعاوي وربه يقاتلا انا بالمجلس قاعدون، لذا فما كان من معالي الوزير - ان صحت الرواية - إلا ان التزم بقواعد اللعبة التي وضعتموها، «بص شوف» احالة للنيابة، وفي اليوم التالي وبعد مرور العاصفة بسلام فإن «اللي شاف الاحالة يصلي عالنبي» ويادار ما دخلك شر!

وفوق كل هذا وفي نفس الوقت ومن جهة اخرى يقابل هذه الدعوة المحمومة لحماية المال العام هنا دعوة لاسقاط القروض والتبذير في مسارب أخرى هناك، لاحظوا معي ان اغلب دعاة حفظ المال العام في هذه القضية من الاخوة النواب «المبدئيون الجدد» هم انفسهم دعاة اسقاط القروض والبدلات والعلاوات وتثامين الجليب وخيطان، فكان الاخوة «المبدئيون الجدد» يريدون منع حرامي واحد من الانتفاع بسرقته لا حرصا على مال عام وحفظه لاجيال قادمة الله اعلم بمستقبلها لكن ليستفيد من السرقة حرامية اكثر، فهم يعطونك انطباعا وشعورا قويا بأن ليس الحفاظ على المال العام هو الهدف بقدر ما هو الخوف من الاستفراد بالغنائم والاسلاب هو ما اثار نخوتهم وفزعتهم وغيرتهم، وتبقى الكاريزمات والحناجر والحواجب دائما بخدمة كل هذه التباينات والازدواجيات.
ان صدقت الرواية، تذاكيتم فتذاكى وانتهى الموضوع، لكن الدرس المستفاد هنا هو ان اساليب ومناهج «الهوبا هوبا» و«ارررب ارررب شوف» و«تحط على بطنها تنورر» قد تفيد بالانتخابات، قد تعطيك بعض التقدير في الدواوين والمجالس، قد ترضي ضمير الدهماء والعوام المقصرين اصلا بأداء واجباتهم الوظيفية تجاه الدولة، قد تمنحك الفرصة لتبديل عقالك باخر يرمى عليك من الهائمين والتبع، لكنها بالتأكيد، اكرر بالتأكيد لا تبني وطنا.
فهد البسام
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي