برنامج يقدم سيرته الذاتية أسبوعيا على شاشة «روتانا»

«الحلم» جعل من عمرو دياب «قديسا» لا يمسّ ولا تشوبه الأخطاء!

تصغير
تكبير
| كتبت خلود أبوالمجد |
على مر الأزمنة يبقى أحد الفنانين قابعا في الذاكرة كأسطورة لهذا العصر، وكلما ظهرت ألحان جديدة مواكبة للغة الأيام التي يعيشها شباب تلك الحقبة التي يظهر فيها ذاك الفنان الأسطورة قوبل من قبل الجيل الاقدم بالهجوم اللامتناهي وبأنه يفسد الذوق العام، وبقراءة أكثر من سريعة للأمور نجد أن هذه الحال انطبقت على موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ذاته في أول ظهوره وسط العمالقة في ذاك الوقت صالح عبد الحي والشيخ أبوالعلا والشيخ زكريا أحمد وغيرهم، حتى ان أم كلثوم نفسها في بداية تعاملها معه خافت من استخدامه للجيتار الكهربائي في أغنية «إنت عمري» وخافت من طول المقدمة الموسيقية لها، بينما ضرب عبد الحليم حافظ في أول ظهوره بالطماطم والبيض الفاسد عندما غنى «صافيني مرة» ورفضه الجميع إلا أنه أصبح بعد ذلك وبذكائه الفني أسطورة من أساطير العقود المتعاقبة والتي لا تنتهي أثرها حتى اليوم، فحتى مع موسيقى هذا العصر السريعة للغاية والتي في مجملها لا تقدم مضمونا جيدا، لا يجد من يتقدم للإذاعة أو الراغب في النجاح على أساس جودة خامة صوته الفنية سوى الغناء للعندليب الأسمر بـ«ريمكس» أي توزيع جديد للألحان الخاصة بأغانيه لتتناسب مع طبقته الصوتية، وما تعرض له هؤلاء العمالقة في بداياتهم الفنية مر به أيضا «الحلم» وهذا المسمى الذي أطلقه عمرو دياب على حلقاته التي تعرض على شاشة تلفزيون روتانا، ففي بداية ظهوره تعرض للنقد من قبل كم كبير من النقاد والفنانين والملحنين بسبب حركته الزائدة فوق المسرح والقفز اللا معقول الذي يقوم به، لكن كلمات أغنياته لم يتمكن أحد من الاقتراب منها لما لها من معان جميلة تلمس مشاعر الشباب بسهولة ويمكنهم استخدامها في المواقف العاطفية التي يمرون بها، ولكن الألحان دائما ما كان يحدث عليها جدل كبير حول تطابقها أو تشابهها مع العديد من الألحان الأوروبية أو الإيرانية أو التركية، وتمكن عمرو دياب من خلق أجواء الأساطير حوله وباقناع الآخرين بأنه المظلوم دائما فيما يحاك ضده من مشاكل وإشاعات وأقاويل.
أسطورة الحلم

ومنذ ما يقرب الشهرين بدأت قناة روتانا سينما في عرض مجموعة من الحلقات المصورة والتي أطلق عليها اسم «الحلم» على شاشتها تستعرض فيها تاريخ ومشوار عمرو دياب منذ الطفولة وحتى الآن ونجاحه العظيم محاولين إظهار الجانب الآخر من شخصيته، ولا ننكر أن تلك الحلقات تمكنت منذ الإعلان عنها من اجتذاب الجمهور خصوصا الشباب المتابعين لكل أعماله الفنية وكان من الممتع مشاهدتها لأنها استعرضت نشأته وكيف صمم هذا الشاب القادم من مدينة بورسعيد الساحلية على تحقيق حلمه بالغناء وأن أيا من العقبات لم تعترض طريقه وحتى الغناء في الملاهي الليلية تمكن من استغلاله لصالحه بفضل علاقاته الجيدة مع أصحاب تلك الأماكن وبالفعل في بداياته لا يمكن لأحد أن يقول إن هناك إشاعة أخلاقية ربطته مع أي من المترددين على هذه الملاهي أو العاملين فيها، فهو من البداية كان محبا للاستقرار فبحث عن الزواج الذي ربطه في البداية مع « شيرين رضا» وهي ممثلة وابنة أبرز أعضاء الفرق الشعبية المصرية والذين يعدوا المؤسسين لهذا الفن في القاهرة، وكانت هذه أيضا خطوة نحو تدعيم مشواره الفني، إلا أن هذا الزواج الذي أثمر عن أول أبنائه «نور» لم يستمر طويلا لرغبة شيرين المستمرة في العودة للفن وهو لم يرغب في ذلك لحاجته لأن تكون الأضواء مسلطة عليه هو فقط بينما يكون دور الزوجة هو الدعم، كل هذه الأمور وغيرها كان من المفيد للمشاهد أن يراها ليعرف الجانب الآخر من شخصية ذاك الفنان من خلاله أو من حديث أصدقائه المقربين منه.
التمجيد والتفخيم
ولكن تلك الحلقات تغير مسارها من السرد لقصة حياة عمرو دياب والعقبات التي تغلب عليها بذكائه الفني الذي لا يختلف عليه أحد إلى اتجاه التمجيد والتفخيم فيه ولمسيرته وعبقرية ألحانه التي اقتبسها منه عدد وكم كبير من الملحنين والفنانين الأوروبيين، وليس هذا تشكيكا في قدرات عمرو دياب أو ملحنيه، ولكن كل ما تم استعراضه في إحدى حلقات «الحلم» كان عن أن النسخة الأصلية لعدد من الأغنيات دائما ما يكون له ويقوم الأسبان أو الكرواتيون أو الهنود أوغيرهم من هذه البلاد بالاستيلاء عليها، ولم يتحدث أحد عن إمكانية أن تكون هذه الأغنيات أو حتى مقدماتها مستوحاة من أغان أميركية حديثة وقديمة مثل ما حدث في أغنية «الليلة دي» التي من يستمع إليها يجدها متطابقة مع ألحان «Sway»
وهذا ما لا يمكن إخفاؤه عن المتابعين لأغنيات أشهر المغنيين الأجانب أو من يقال عنهم عالميون، هذا بخلاف التطابق اللامعقول في تصميم أغلفة ألبومات عمرو دياب مع إنريكي اجلاسياس وريكي مارتن وغيرهم.
ثقافة التطبيل
كان أكثر ما يثير الأعصاب في تلك الحلقات هي قيام عدد من ألمع الأسماء الفنية بالثناء الكبير على عمرو دياب حتى أن هناك أحدهم قال ان عددا من أصحاب القلم وممن يرغبون الشهرة يقومون بتوبيخ أو تقديم النقد اللاذع للحلم ابن دياب وبالتالي يصلون لما يرغبون فيه، وهذا ما حول الفنان لأحد الملائكة التي لا تدنو ولا تقترب حتى من مرتبة الخطأ، وهذا يسيء إليه وليس العكس، فما من بشر لا يخطئ على وجه الأرض، والمتابعين الجيدين لعمرو دياب وبحيادية تامه يجدون أن ما يثار حوله من إشاعات مفبركة في الأغلب لا يمكن إلا أن تنطلق منه أو ممن حوله، فهي سخيفه ولا ترقى للعقلانية، ولا يتعلق بها سوى المراهقين وهي الفئة العمرية التي يخاطبها منذ بدايته في الغناء، والكثير من الجمهور أصبح لا تنطلي عليه تلك الحيلة المرافقة دائما لموعد طرح ألبومه الجديد في الأسواق عن تسريب الأغنيات وتعريضه للشركة المنتجة دائما للخسارة، فلا يعقل أن ينتقل عمرو دياب من شركة إنتاج لأخرى وترافقه نفس المشكلة في الإثنتين، فما المكسب الحقيقي الذي سيجنيه المسرب للأغنيات غير المكسب المادي، وهل هناك من ينافس عمرو دياب في الوسط الفني؟ رغم كل ما يثار حول المنافسة الكبيرة بينه وبين تامر حسني، وجميل أن يكون التعامل مع عمرو دياب من قبل الملحنين والشعراء هو البوابة الحقيقية للنجاح والانتشار، ولكن لا يصح أن يتحول لملاك لا تشوبه الأخطاء.
الأسطورة
جميل أن تتواجد مثل هذه البرامج التي تحكي تاريخ أبرز الفنانين المتعلق بهم الشباب ولكن لا يجب أن تتحول هذه المادة المقدمة إلى وسيلة للانتقام من العثرات التي اعترضت طريق الفنان سواء بالتقليل من قيمتها أو بتحويل الفنان ذاته لكيان ممنوع المساس به، وليس الهدف مما كتب التقليل من قيمة عمرو دياب كفنان تمكن بالفعل من شق طريقه ووضع اسمه في مصاف الفنانين العالميين لذكائه الفني وقدرته على قراءة أفكار الشباب رغم تخطيه تلك المرحلة العمرية بعقود كثيرة، لكن المقصود هو توجيه رسالة لصناع مثل هذه الوثائقيات ليكونوا معتدلين فيما يقدموه فلا يشوهوا صورة الفنان لدى جمهوره وأيضا لا يصنعوا منه ذاك الملاك الذي لا يخطىء.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي