«هذا الجيل يريد موسيقى وأفكاراً جديدة»
هاني العمري لـ «الراي»: أَتْقَنْتُ التجديد... ولهذا أقول «برافو» لملحم زين
دخل الفنان اللبناني هاني العمَري، الاستوديو لتسجيل أربع أغنيات جديدة، مع أنه لم تمرّ سوى فترة بسيطة على طرْح آخر أعماله «شو القصة؟».
العمَري، الذي يتميّز باختيار الأغنيات التي تحمل كلمات سهلة، والألحان التي تُحفظ بسرعة، وببساطة في الأداء بعيداً عن المبالغات، دعا الفنانين في حوار مع «الراي» إلى التجديد والتنويع في الألوان الغنائية، كما شدد على أن الأغنية الجميلة هي ما ينتظره الجمهور من الفنان وليس كليبات تَبلغ ميزانيتها آلاف الدولارات، وهو اغتنم الفرصة لتهنئة ملحم زين على أغنيته الجديدة.
• بعد «شو القصة؟» التي طرحتَها قبل أسابيع قليلة أنت الآن في الاستديو لتسجيل أعمال جديدة، ألا ترى أن فترات إصدار أعمالك متقاربة جداً؟
- أحضّر ثلاث أغنيات جديدة.
• وكأن هناك اضطراباً على الساحة الفنية حيث نجد أن بعض الفنانين يَطرحون أعمالاً خلال فتراتٍ متقاربة ثم يَبْتعدون، وآخَرون يطرحون أغنيات مستقلة وهناك مَن يتمسكون بأسلوب الألبوم ولم تعد توجد إستراتيجية معيّنة تتحكّم بعمل الفنان؟
- بل إن الإستراتيجية هي نفسها عندي ولا أعرف بالنسبة إلى غيري من الفنانين. وقبل 20 عاماً كانوا يطرحون ألبومات، وكنت من أوائل الفنانين الذين يَطرحون «سنغل» كـ«سهران وناطر عينيك» و«عجبتيني كثير» ثم أضمّها في ألبوم واحد، أما اليوم فقد تَغَيَّرَ العصر ولم يعد هناك مَن يشتري ألبومات.
• هناك شِبه إجماع لدى بعض الفنانين على أن ذوق الفنان لم يَعُدْ يتطابق مع ذوق الجمهور بدليل عدم نجاح غالبية الأعمال التي يَطرحونها؟
- مَن يقولون هذا الكلام يكون لونهم الغنائي «ستاندرد» (معياري) وأغنياتهم تليق بلونهم وبهم، ولكنني كنتُ دائماً خارج هذا الموضوع، وعندما طرحتُ أغنية «كلهم شافوك»، الكل عارَضَني ووقف ضدي. كما كنت أول مَن استخدم ثلاثة أصوات في أغنية «كل ما طَلّ الصبح عليّ بفكّر فيك» في العام 2000، واليوم وضع الشامي صوتين فوق بعضهما في إحدى أغنياته، ووقتَها استغرب الجميع ما فعلتُه.
أنا أنوّع في الألوان الغنائية وأتميز بكلام أغنياتي وأسعى دائماً إلى التجديد لأنه ضروري. ومَن يتمسك بلون معيّن يُعجب به الجمهور لفترة ثم ينتهي.
• لكن يُفترض بالنجم أن يحافظ على هويته الفنية مع اعتماد التجديد في الكلمة واللحن والتوزيع؟
- هم لم يجددوا وما زالوا هم أنفسهم ويتمسّكون باللون عيْنه. عندما طرح ملحم زين أغنيته الأخيرة، قالوا له «هذا ليس لونك»، لكنني أهنئه وأقول له «برافو عليك»، وهذا يَعني أن الاستمرارية تتحقق من خلال التجديد.
• وهل تقصد أن البعض انتهى زمنهم وسنقول لهم قريباً: وداعاً؟
- المسألة ليست في أن يُقال لهم وداعاً أم لا، بل في التجدد. هذا الجيل يريد موسيقى جديدة وأفكاراً جديدة، وهذا الأمر لا يخيفني لأنني أعتمده منذ بداياتي وحتى اليوم. عندما طرحتُ أغنية «عجبتيني كثير» أحدثتْ ضَجّةً مع أنني طرحتُها عام 1996 وهي مستمرّة حتى اليوم، رغم أن عمرها 30 عاماً. وكذلك أغنية «صعبة أبعد عنها صعبة» شكّلت حالةً، وهاتان الأغنيتان مستمرّتان وكأنني طرحتُهما اليوم.
• هذا صحيح، فهناك أغانٍ لا تموت...
- هذا هو التجدد. ولم أقصد أنه يجب أن نودّع بعض الفنانين، بل أقول يجب أن يتطوروا، وهذا التطوّر لا يتحقق من خلال تغيير صوت الكمنجة. أغنيتي الأخيرة «شو القصة؟» تعرّضت لانتقادات كثيرة ولكنها ضربتْ وحققت نجاحاً كبيراً لأنني أُجيد الاختيار.
• وكأنك تحاول أن تقول إن كلمات الأغنية يجب أن تكون قريبة من الناس؟
- صحيح.
• ولكن البعض يرى أن هناك أزمة كلمة...
- بل هم لا يجيدون الاختيار. والأغنيات الجديدة التي أسجّلها حالياً تتميّز بمواضيعها الجديدة والجريئة. والقدرة على اختيار الأغنية الجيدة نعمة من الله وعلى الفنان أن يركز وأن يسمع جيداً ويكون واعياً.
• هل تشعر بأن الكلام اللبناني المُغْرِق في المحلية كالذي تستخدمه في أغنياتك يصل إلى الجمهور العربي ويتقبله؟
- لطالما أَحَبَ العرب اللهجة اللبنانية، وكلمات أغنياتي جديدة وغير مبتذلة ولا مستهلَكة. بعدما طرحت أغنية «بغازلها وبسهرها» جلستُ مع الراحل سيمون أسمر ثم حضر رامي عياش وقال له «أستاذ، أريد أغنية مثل هذه الأغنية» فقدّم له أغنية «بغنّيلا وبدقّلا». ولكن الأمر لا يقتصر على اختيار الكلمة فقط، بل يشمل اختيار اللحن، الموزع، وتركيبة الأغنية، وكثيرون لا يجيدون كل ذلك، بل يظنون أن دفع المال يساهم في نجاح الأغنية، وهذا ليس صحيحاً. ولو كان كذلك لبقيَ كل النجوم في مكانهم ولم يهتزوا أبداً.
• وهل خفّ وهج بعض الأسماء لأنها لا تجيد الاختيار؟
- لا أحد يريد، بل الكل يحبون التمسك بمكانتهم. وربما هم لم يجيدوا عملَهم ولم يَطرحوا أعمالهم في الشكل المناسب. ولا يجوز أن يطرح الفنان أغنيةً ثم يبتعد سنة كاملة، لأنها فترة طويلة جداً.
• تَقصد تحقيق الاستمرارية؟
- الاستمرارية تتحقق من خلال طرْحِ أغنيات مُناسبة، ولكن ليس من اللون نفسه. عندما طرحتُ أغنيتي الأخيرة وصلتْني اتصالات وانتقادات قال أصحابها لي «حرام هاني العمري صاحب الإحساس أن يغني هذا اللون» فأجبتُ «هل أحببتم اللون؟» فأتى الجواب «نعم ولكنه ليس لك» وكان ردّي «حسناً أنا معك إذا أحببتَها. شكراً». حتى وسام الأمير اتصل بي قائلاً «أريد أن أقول لك شيئاً»، فأجبتُ «ما هو؟» فقال «هذا اللون ليس لونك، ولكنك هَذَّبْتَه وأتيتَ به إلى عندك وألف مبروك». ولذلك، أعود وأقول الذوق والشغل الصحيح والاستمرارية أمور مهمة جداً، ونحن اليوم في زمن «ابن الـ 10 سنوات» يميّز الأغنية، فإما أن تعجبه ويسمعها أو ينتقل إلى أغنية أخرى.
• وكيف تتحدث عن أجواء أغنيتك الأخيرة والأغنيات التي تعمل على تنفيذها حالياً؟
- بالنسبة إلى أغنية «شو القصة؟»، أصررت على هذا الاسم مع علامة استفهام، وكان يُفترض أن يكون اسماً مختلفاً، وهي من كلمات الياس واكيم وألحاني وتوزيع عامر منصور وماسترينغ مارك عبدالنور ويتخلّلها عزف لكريستيان عطاالله، كما أصررت على تصويرها في شكل بسيط جداً، لأن الناس لا يهمّهم عرْض العضلات ولا الاستعانة بـ 12 فتاة جميلة يرقصن على أنغامها، لأن كل البنات اللبنانيات اللواتي نصادفهن يومياً جميلات وفتيات الكليب لن يكنّ أجمل منهن. فضلاً عن أنهم لا يهتمون إذا كانت تكلفة الكليب مليون دولار أو 1000 دولار، بل ما يهمّهم هو أن تكون الأغنية حلوة.
ولكن عندنا يتلهّى فنانون بالقشور ويصورون كليبات بآلاف الدولارات لأغنيات لا تستحق، فهذا يعكس قلة معرفة. كما أريد أن أنوّه بأن الياس واكيم ليس معروفاً ولكنه سيصبح معروفاً جداً لأنه يكتب بطريقة جميلة جداً، وأنا تعرّفت عليه بالصدفة وتعاونتُ معه ولا أستخف بأحد.
• وبالنسبة إلى الأغنيات الجديدة؟
- نتحدث عنها في وقتها وكلها باللهجة اللبنانية.