شكّل عام 2025، محطة مفصلية في المسار الاقتصادي لـ دولة الكويت، حيث اتسم بالجرأة في اتخاذ القرار، ومحاولات جادة لمعالجة ملفات اقتصادية ظلت عالقة لعقود، ما أعاد ضبط العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص، وبين السوق والتنظيم. مع العمل على تحفيز الصناعة المحلية ودعم المصانع في مختلف المجالات من خلال تذليل كل الصعوبات الممكنة.

في القطاع العقاري، مثّل تثبيت دستورية قانون مكافحة احتكار الأراضي الفضاء نقطة تحول تاريخية، أنهت مرحلة الجمود والمضاربة غير المنتجة، وأسهمت في زيادة المعروض وتهدئة الأسعار، مع إعادة الأمل لشريحة الشباب الباحث عن السكن، بانتظار تشريعات مكملة تتعلق بالرهن العقاري والتمويل الإسكاني.

أما سوق المال، فقد شهد تحسناً ملحوظاً في السيولة والقيم المتداولة، مدعوماً باستقرار نسبي، وتحسن نتائج الشركات القيادية، وتعزيز الحوكمة والشفافية، ما أعاد المستثمر المؤسسي إلى السوق بحذر إيجابي، مع ترقب أدوات مالية وإدراجات جديدة.

وفي القطاع المصرفي، أكدت البنوك الكويتية متانتها المالية، محققة نمواً مستقراً في الأرباح، وتحسناً في كفاية رأس المال، مع توسع مدروس في التمويل الموجه للقطاع الخاص، رغم استمرار التحدي في تمويل المشاريع الإنتاجية طويلة الأجل.

وعلى صعيد السياحة، سجل عام 2025 انتعاشاً ملحوظاً بالأرقام، حيث استقطبت الكويت 8.56 مليون زائر حتى سبتمبر، محتلة المركز السابع عربياً، مع توقعات بوصول الإيرادات إلى 1.13 مليار دولار بنهاية العام. إلا أن هذا التحسن لا يخفي تحديات البنية التحتية والنقل السياحي، ما يستدعي تسريع تطوير المشاريع، وتفعيل الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص، خاصة في مجالات النقل البحري، والفنادق المتوسطة، والوجهات الثقافية مثل جزيرة فيلكا.

وجاءت القرارات الحكومية خلال 2025، كإشارات إيجابية للسوق، عبر فتح ملفات كانت مغلقة، وتسريع الإجراءات، وإعادة النظر في الرسوم والتراخيص، ومعالجة تشوهات اقتصادية مزمنة، في رسالة واضحة بأن الإصلاح لم يعد خياراً بل ضرورة.

ومع توجه الدولة إلى تشجيع الشباب على الانخراط في العمل بالقطاع الخاص، تبرز الحاجة الملحّة إلى تهيئة بيئة عمل عادلة ومستقرة تضمن استمرارية المشاريع الشبابية، لا سيما مشاريع أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تواجه تحديات حقيقية تتمثل في شدة المنافسة وممارسات الاحتكار.

فاستدامة هذه المشاريع ونموها تتطلب حماية تنظيمية وتمكيناً فعلياً، بما يتيح لها تجاوز التعثر، والتحول إلى نماذج نجاح واقعية تُحتذى بها، وتشكّل حافزاً حقيقياً للشباب والشابات للدخول بثقة إلى القطاع الخاص والمساهمة في تنويع الاقتصاد الوطني.

Malmoasharji@gmail.com