سلطت تقارير صحية متخصصة الضوء على أن الأطعمة المخمّرة الغنية بالبكتيريا النافعة، أو ما يُعرَف بـ«البروبيوتيك»، أصبحت تحظى باهتمام متزايد نظراً لدورها في دعم صحة الجهاز الهضمي والجهاز المناعي.

وتوضح التقارير أن إدخال حصة أو حصتين يومياً من تلك الأطعمة إلى النظام الغذائي يمكن أن يرفع أعداد البكتيريا المفيدة في الأمعاء، وهو الأمر الذي يرتبط بتحسين الهضم والتقليل من بعض الاضطرابات مثل الانتفاخ وعدم انتظام الإخراج.

وفي السياق، يُشار إلى أنّ الزبادي (الروب) يُعَدّ من أشهر مصادر البروبيوتيك، إذ يحتوي عادة على سلالات من «Lactobacillus bulgaricus» و«Streptococcus thermophilus»، إلى جانب أنواع أخرى قد تُدعَّم بها بعض المنتجات مثل «Bifidobacteria». وتبيّن دراسات أن الاستهلاك المنتظم للزبادي، لاسيما «الزبادي اليوناني» الغني بالبروتين والكالسيوم، قد يساعد في خفض مخاطر بعض الأمراض المزمنة ودعم صحة القلب والعظام عند تناوله ضمن نظام غذائي متوازن.

من جهة أخرى، يُعَدّ «الكفير» (شراب حليب مخمّر) غنيّاً بسلالات عديدة من البكتيريا النافعة، إذ تشير تقديرات إلى أنّه قد يضم عشرات السلالات المختلفة، ما يجعله من أكثر الأغذية تنوعاً من حيث مكوّنات البروبيوتيك.

ويُذكَر أنّ «الكفير» يتميّز بانخفاض محتواه من اللاكتوز، الأمر الذي يجعله أكثر ملاءمة لبعض الأشخاص الذين يعانون درجات من عدم تحمّل الحليب، مع استمرار تزويدهم بالبروتين والكالسيوم والفوائد المحتملة لصحة القلب ومستويات ضغط الدم وسكر الدم.

وتتضمّن قائمة الأطعمة المخمّرة المفيدة كذلك المخللات المُحضّرة بطريقة التخليل الطبيعي في محلول الملح والماء، حيث تسمح هذه الطريقة للبكتيريا الطبيعية مثل «Lactobacillus» بالنمو وإنتاج حمض اللاكتيك الذي يحافظ على المنتج ويمنحه نكهته المميزة. وتُشير تحليلات غذائية إلى أن هذه العملية ترفع مستويات مضادات الأكسدة في الخيار المخمّر، ما قد يساعد في حماية الخلايا من التلف الناتج عن الجذور الحرّة، شرط الانتباه في الوقت نفسه إلى محتوى الصوديوم المرتفع في كثير من أنواع المخللات التجارية.

كما يلفت اختصاصيون إلى أهمية الانتباه لطريقة تصنيع بعض المنتجات مثل «مخلل الملفوف» أو «السوركروت»، حيث تُفقِد عمليات التسخين العالي أو البسترة جزءاً كبيراً من البكتيريا الحية النافعة، في حين تحتفظ الأنواع النيئة أو غير المبسترة بالمزيد من هذه الكائنات الدقيقة المفيدة، لذلك يُنصح عند شراء الأطعمة المخمّرة بقراءة الملصقات للبحث عن عبارات تشير إلى «ثقافات حية ونشطة» أو عدم البسترة، مع مراعاة ظروف التخزين المبردة للحفاظ على نشاط البكتيريا.

وبناءً على هذه المعطيات، يشجّع خبراء التغذية الأشخاص الذين لا يعانون مشكلات صحية خاصة على تضمين مجموعة متنوعة من الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك في نظامهم اليومي، إلى جانب الألياف الغذائية التي تُسمّى «بريبايوتيك» وتوفّر الغذاء للبكتيريا النافعة.

أمّا من لديهم حالات طبية معيّنة أو يتناولون أدوية تُضعِف المناعة، فيُفضّل أن يستشيروا طبيبهم قبل الإكثار من المنتجات المخمّرة أو مكملات البروبيوتيك، لضبط الكميات بما يتناسب مع حالتهم.