أظهرت دراسة علمية دولية حديثة أن الجينات الوراثية التي نولد بها تساهم في خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية خلال حياتنا، كاشفة عن أن هناك تداخلاً بيولوجياً وراثياً أكبر بكثير مما كان يُعتقد سابقاً.

ويعتقد أعضاء فريق العلماء الذي أجرى الدراسة أن نتائجهم يمكن أن تساعد في تحسين كيفية تشخيص وعلاج هذه الحالات: ليس فقط من خلال الأعراض والسلوك، بل أيضاً من خلال العوامل الجينية المشتركة.

وقال عالم الأعصاب أندرو غروتزينغر من جامعة «كولورادو بولدر»: «الآن، نُشخص 14 من الاضطرابات النفسية بناءً على 5 جذور وراثية يمكننا أن نراها في غرفة الفحص الجيني، وكثير من الناس سيُشخصون باضطرابات متعددة. يمكن أن يكون ذلك صعباً في العلاج ومحبطاً لبعض المرضى. هذا العمل يقدم أفضل دليل حتى الآن على أن هناك أشياء نعطيها أسماء مختلفة حالياً، لكنها في الواقع مدفوعة بعمليات بيولوجية في الأساس».

وأضاف غروتزينغر: «جينياً، رأينا أن الاضطرابات النفسية أكثر تشابهاً بشكل فريد. ومن خلال تحديد ما هو مشترك بين هذه الاضطرابات، يمكننا التوصل إلى طرق لاستهدافها بطرق مختلفة لا تتطلب أربعة تدخلات نفسية منفصلة».

وأظهر بحث سابق تداخلاً كبيراً بين الاضطرابات النفسية، إذ إن أكثر من 50 في المئة من الذين يُشخصون بحالة واحدة يُشخصون في النهاية بحالة إضافية واحدة على الأقل. وتساعد هذه الدراسة في تفسير الأساس البيولوجي لهذا التداخل.

ودرس العلماء أيضاً المسارات البيولوجية المتأثرة بالمتغيرات الجينية المشتركة، والتي يمكن أن توجه في النهاية علاجات أو إستراتيجيات وقائية جديدة. وتشمل بعض هذه المسارات التطور الدماغي المبكر وإشارات الخلايا العصبية. فالمتغيرات الجينية المشتركة للاضطراب ثنائي القطب والفصام مرتبطة بالخلايا العصبية الإثارية، بينما المتغيرات المشتركة في مجموعة جينات الاكتئاب والقلق تشمل الخلايا الدبقية القليلة التغصن، وهي تدعم الخلايا العصبية.

ودأب العلماء لسنوات خلت على دراسة الأساس الجيني للاضطرابات النفسية بهدف تحسين دقة التشخيص وفعالية العلاج، خصوصاً لدى أولئك الذين يعانون من حالات متعددة. وعلى الرغم من أن هذه النتائج لن تغير الممارسات التشخيصية السريرية فوراً، يأمل الباحثون في أن بياناتهم ستؤثر على الإرشادات المستقبلية. كما أنهم يخططون لتوسيع تحليلاتهم لتشمل مجموعات أكبر وأكثر تنوعاً.

وختم اختصاصي علم الوراثة الدكتور جوردان سمولر من معهد «برود» لجامعة «إم آي تي» و«هارفارد» بالقول: «هذه النتائج تقدم أدلة ثمينة لتعزيز فهمنا وكيفية علاجنا للأمراض النفسية بدقة أكبر».