قرّرتْ الفنانة اللبنانية سابين معاودة نشاطها الفني من لبنان الذي غادرتْه إلى قبرص عام 2018، وهي في صدد التحضير لأكثر من عملٍ فني، بينها مسلسل جديد وأغنية جديدة وسلسلة من الحفلات.

سابين تحدثت إلى «الراي» عن يأسٍ تراه في عيون بعض النجوم ونجاحٍ غير متوقع لبعض الأعمال كما عن نجوم تحبّهم وأثّروا في حياتها.

• بعدما حققتِ النجومية ابتعدتِ لفترة، واليوم تطلّين عبر «تيك توك»... لماذا؟

- حين بدأتْ الأوضاع في لبنان تتدهور، شعرتُ بأن الأمورَ لن تُحلّ بسرعة، بل يحتاج الأمر وقتاً طويلاً، ثم توفي والدي، وبعدها حصلتْ الثورة (انتفاضة 17 أكتوبر 2019)، ثم جاءت جائحة كورونا واندلعت الحرب، إلا أنني شعرتُ بأن الإنسان لا يمكنه البقاء جالساً بلا حركة، خصوصاً أن الفتاة عندما تكون في عمر صغير أو أكبر قليلاً لا تستطيع البقاء في بلاد تعيش أزماتٍ متواصلة. فقررتُ السفر إلى قبرص، لأنها الأقرب إلى لبنان وهناك عملتُ فعلاً، وكان أمراً غريباً لأن اللغة المتداوَلة فيها هي اليونانية، وكنت الفنانة الوحيدة العربية هناك، ولذلك استفدت كثيراً. فهناك جالية عربية كبيرة من لبنانيين وسوريين وعراقيين وأردنيين وفلسطينيين، وهذا ساعَدَني كي أتابع عملي وألا أبقى في المنزل مكتئبة.

• لكن الأوضاع في لبنان مازالت غير مستقرة؟

- صحيح، أعلم ذلك ولكننا تعوّدْنا. خلال الحرب لم أستطع العودة، وفور انتهائها رجعتُ مباشرة، لأنني لا أستطيع الابتعاد عن بلدي كثيراً. وبصراحة، لا يوجد بلد يشبه وطننا، والغربة صعبة، لغة مختلفة، عادات مختلفة، طريقة تفكير مختلفة، مع أنني لو كنتُ في دولة عربية لَشَعَرْتُ ببعض الانتماء.

• وهل أصدرتْ أعمالاً جديدة طوال فترة وجودك في الخارج؟

- آخر ما كنتُ أعمل عليه كان مسلسلات، وكليبات، وحفلات، وعندما بدأتْ المشكلات سافرتُ.

• ما هو آخِر مسلسل شاركتِ فيه؟

- «فخامة الشك».

• ولماذا اخترتِ أن تكون إطلالاتك عبر «تيك توك»؟

- لأنه منصة فعّالة تساعد الفنان. في البداية لم أكن أتابعه، لكنني اكتشفتُ أنه يستقطب جمهوراً واسعاً يتابع الموسيقى ويشبه إلى حد ما جمهور «إنستغرام»، ومن المفيد أن تنتشر الأغنية على مختلف المنصّات، وهذا الأمر يشكّل دَفْعاً للفنان. أحياناً نُنْزِل فيديو كليب ولا يحصل على متابعة كبيرة، ثم فيديو آخَر يحصل على مشاهدات ضخمة فيجذب الناس إلى حساب الفنان ويتابعونه أكثر. وفي النهاية، كل عمل يساعد الآخَر بطريقة أو أخرى.

• وماذا حققتِ من خلال هذا الظهور؟

- جاءتْني فرصُ عملٍ فعليّة من خلال 3 فيديو كليبات نشرتها وأصبحتْ «فايرال»، مع أنني لم أكن أتوقّع ذلك، لأنني لست ناشطة كثيراً على المنصّة، وكان الأمر غريباً. وقد نشرتُ مقاطع من أغنياتي، وفي اليوم التالي انتشرتْ في شكل كبير.

• أيّ أغنيات؟

- «باركولي يا بنات»، «آخِر همّك»، «ابعتلي إيميل» و«بيني وبينك يا هالليل»، وهي أغنيات يحبّها الناس ويعرفونها.

• وعملياً، كيف تُرجمت هذه المشاهَدات إلى فرص عمل؟

- جاءني عَرْضُ عَمَلٍ خارج لبنان، وأحياناً تأتي الفرص من حيث لا نتوقع.

• وهل تفكرين بإصدار أغنية جديدة والعودة بقوة؟

- بالتأكيد. الفن بالنسبة إليّ ليس هواية، بل عشق. هناك مَن يقول إنه يحب الغناء منذ الطفولة، أما أنا فالغناء جزء من شخصيتي ولا يمكن نزْعه مني، وفي الليل أكتب أفكاراً، وأستمع إلى الموسيقى.

أملك موهبة الغناء، وإذا لم أستخدمها أتعب نفسياً. ورغم أنني توقفت عن الكليبات والإصدارات الجديدة، لكنني بقيتُ أستخدم طاقتي الفنية.

• وهل تعملين حالياً على أغنية جديدة؟

- نعم، بإذن الله.

• وهل هي باللهجة اللبنانية؟

- لم أحدد حتى الآن، لأنني أركز حالياً على الحفلات، فهي مهمة جداً للفنان كونها التجربة العملية التي تكشف للإنسان أين يجب أن يطوّر نفسه، وما الذي يحبه الجمهور أو لا يحبه، كما أنها تمنحني دافعاً كبيراً وسأستمر بها، ليس فقط في لبنان، بل في الدول العربية، تماماً كما كنت أفعل في قبرص، خصوصاً أنني اكتسبتُ خبرة كبيرة فيها. وسأُصْدِر أغنيات جديدة كما سأحيي الحفلات لأن كلاهما مُهِمّان.

• وماذا عن التمثيل؟

- تلقيتُ عرضاً قبل أيام عدة وفي انتظار الاتفاق عليه. العمل قصير، ولا يهمّني سواء كان طويلاً أو قصيراً أو إذا عُرض خارج موسم رمضان المبارك. ولا أؤمن بأن التمثيل محصور في الشهر الفضيل فقط، بل يهمّني أن يكون العمل جيداً ويضيف إليّ وأضيف إليه. مسلسل «أحمد وكريستينا» عُرض في رمضان وحقّق النجاح، و«فخامة الشك» بُثّ خارج رمضان ونجح جداً.

أحياناً هناك أعمال جيّدة تُظلم في رمضان لأن الناس يتابعون أعمالاً مُنافِسة وفي توقيت العرض نفسه، وبطبيعة الحال هم لا يستطيعون مشاهَدة كل شيء.

• وهل العرض من شركة إنتاج عربية أو لبنانية؟

- عربية.

• هل يمكن القول إن الفنانين الذين غابوا في الأعوام الأخيرة مرّوا بظروف شبيهة بظروفك أم أن هناك غربلةً على الساحة الفنية؟

- الوضع في البلد أثّر على الجميع، وليس على الفنان وحده. كل الأعمال توقّفت، والوضع المالي أثّر علينا كما على الجميع. لكن السرّ يَكمن في الاستمرارية، وهذا ليس كلاماً مكرَّراً، بل حقيقة.

أحياناً لا يكون النقص في الفنان، بل تكون هناك مشكلة مع الفريق الذي يتعامل معه لأنه لا يتقبّل أفكارَه، وهذا الأمر يجعله يَفقد من اندفاعته ويبطئ مسيرتَه الفنية، ولكن الفنان مجبَر على التعامل مع إدارة أعمال لأنه لا يستطيع أن يفعل كل شيء لوحده، ولو أنه يعمل بمفرده لكان الوصول أسهل لأنه لا ينقصه شيء.

وفي النهاية الظروف تختلف بين فنان وآخَر، وربما هناك مَن وجد أنه لا يستطيع الإنتاج، ولكنني أفرح كثيراً عندما أشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي فنانين كنت أتابعهم في صغري. وما يحصل في لبنان يَجْري في كل العالم، لأن الفن لا يتوقّف على جيل معين.

• هل تعتقدين أنّ بعض الفنانين أصيبوا باليأس فعلاً؟

- نعم، وأرى ذلك في عيونهم.

• حتى الأسماء الكبيرة؟

- هناك غياب للفرح في عيون بعض النجوم والنجمات. هم يَطرحون أعمالاً جديدة، ولكن الأغنيات التي تَنتشر اليوم «لا عالبال ولا عالخاطر».

• الناس يريدون الجديد ووجوهاً جديدة؟

- وَجْهي ليس مستهلَكاً، مع أنني بدأتُ باكراً جداً في الفن قبل أكثر من 20 عاماً، وهناك مَن بدأوا قَبْلي بكثير وهم ناجحون ومستمرّون.

• نقصد الجيل الذي يَكبرك؟

- الله يكتب النجاح في توقيت معين، كما يتوقف الأمر على الطريقة التي يعتمدها الفنان في تعامله مع الناس وفي طريقة غنائه، لأن التواضع مهمّ وضروريّ. وليس مطلوباً أن يرى الفنان نفسَه وكأنه «سوبر ستار» أو «ميغا ستار»، لأن الناس يريدون أن يشعروا بأنه يشبههم ويوجد شيء مشترَك بينه وبينهم سواء في ملابسهم أو شكلهم أو جسمهم. الجميع يحبون إليسا، ليس لأن أغنياتها جميلة فقط، بل لأنها عفوية وطبيعية ومهضومة ويشعرون بأنها تشبههم.

• وهناك مَن يضعون حواجز بينهم وبين الناس...؟!

- طبعاً، وعلى طريقة المدرسة الفنية القديمة. الكل يريد الشهرة ومن جميع الأجيال، ولكن الناس يفضّلون الفنان القريب منهم، وهذا هو هدفي لأنني أريد أن يستمرّ الناس في محبتهم لي ولأعمالي، فأنا فنانة ولستُ بلوغر ولا مؤثّرة.

• إلى إليسا، مَن الفنانات اللواتي ترينهنّ قريبات من الناس؟

- نوال الزغبي لديها هذا الجانب وأشعر بأنها قريبة من الناس في مقابلاتها. هناك الكثيرات في الحقيقة.

• وبالنسبة إلى الفنانين الرجال؟

- أحب آدم كثيراً وناصيف زيتون بطريقة حديثه وتواضعه واحترامه، كما أحب رامي عياش.

• ملحم زين معروف بصدقه وتواضعه أيضاً؟

- نعم، كما أنه صاحب صوت قوي جداً وحساس ويصل إلى القلب. وعندما أسمعه لا أصدّق وأقول: «ما هذا الصوت؟ كيف يمكن أن يكون بهذه القوة والجمال؟»، والفنان الراحل ملحم بركات كان صوته جميلاً جداً.

أريد أن أتحدّث عن أمر شخصي يتعلّق بآدم ولم أقله من قبل، وهو أنه قدّم لي خدمة كبيرة جداً فنياً وإنسانياً وشكّلت نقطة تحوّل في مسيرتي. عندما تعاملتُ مع مروان خوري في أغنية «آخِر همَّك» شعرتُ بأنّها مختلفة عن «ابعتلي إيميل» وأغنيات البوب التي قدّمتُها، ووقتَها أردتُ أن أقدّم شيئاً رومانسيّاً يُظْهِر موهبتي أكثر، لأنّ الناس كانوا يرون أنني أقدّم بوب ناجحاً ولا يعرفون حدود صوتي أو حجم موهبتي، ولذلك كانت «آخر همَّك» بالنسبة إليّ امتحاناً: إمّا أن أُتْقِنَها، أو أن تمرّ مروراً عادياً، فاتصلتُ بآدم وقلت له: «أريد منك خدمة» ففاجأني بقوله «من عيوني»، ثم قَصَدَني في بيتي وجَلَسَ ساعاتٍ معي حيث كان يغنّي لي المقطع، ويشرح لي أين يجب أن أضع الإحساس، وأين أتنفّس، وكيف أقدّم الجملة، تماماً كما لو أنني أمام أستاذ موسيقى. ومَن يسمع الأغنية يشعر بأن بَصْمَتَه فيها. وعندما دخلتُ الاستوديو مع الموزّع جاد بعقليني ومروان خوري، سجّلتُ الأغنية خلال نصف ساعة فقال لي مروان: «واو» لأنني كنتُ جاهزة تماماً وتعلّمتُ درسي. ولذلك، أنا ممتنّة جداً لآدم، ولا أنسى أبداً ما فعله لأجلي. تخيّلي، أي فنان يفعل هذا؟

• الفنان الواثق من نفسه...

- صحيح... هناك فنانون كُثُر وقفوا بجانبي، ولا أنسى أيّ شخص قدّم لي رأياً أو نصيحة أو دعماً في الغناء أو في أي تفصيل فني، وبينهم ملحم بركات الذي قدّم لي أغنيتين هما «أنا عيوني بحبّوك» و«ممنوع يزعل هالحلو» وأتيح لي أن أُحْيي معه نحو 14 حفلة، وهذا الأمر أضاف الكثير إلى مسيرتي، لأن جمهور «الموسيقار» الراحل كبيرٌ وراسخ ومُحِبّ للفن الحقيقي، والغناء إلى هذا الجمهور مسؤولية كبيرة ويجب أن أقدّم له أفضل ما لديّ.