يا صاحب السمو قائدنا وكبيرنا وأميرنا

مع اقتراب العشرين من ديسمبر، نُهنّئ أنفسنا ونُهنّئ الكويت بمناسبة مرور عامين على تولّيكم مسند الإمارة، ونتمنى لكم التوفيق الدائم، ونتوجّه بالدعاء الصادق إلى الله العلي القدير أن يعينكم على القيادة والإدارة لما فيه خير بلدٍ عشقته منذ نعومة أظفارك وخدمته بكل محبة وإخلاص منذ أول منصب تسلمته في العمل العام... مُتوّجاً مسيرة الخير الطويلة هذه في موقع أنت فيه الوالد قبل القائد.

أخاطبك يا طويل العمر وأنا أمثّل نفسي وأثق أنني أعبّر في الوقت نفسه عن الغالبية العظمى من أهل الكويت. وأتوجّه بكلام مباشر لكم جرياً على عادة رسّخها حكامنا الذين فتحوا قلوبهم قبل أبوابهم للكويتيين، وهي التواصل المباشر بين الحاكم والمحكوم من دون وسطاء ولا مستشارين ولا نواب ولا وزراء... هذا هو العهد وأنتم الأحرص على استمراره.

قبل سنتين، سلّمك أهل الكويت المشعل، وبعد سنتين يتضح بجلاء أن ملامح العهد ومؤشراته فيها من الإيجابيات ما لا يُحصى ولا يُعدّ على مختلف الأصعدة. صحيح أن الولادات الكبيرة صعبة ومُعقّدة أحياناً لكن الأصح أن يوماً كان لا بد أن يأتي ونرى «الجراح الماهر» يخوض غمار العلاج بقرارات شجاعة وجريئة بدل الاكتفاء بتشخيص الحالة أو وصف المسكنات وتأجيل الاستحقاقات المصيرية.

لكننا يا طويل العمر، نتطلع إلى المزيد، الرؤية مكتملة للعبور إلى المستقبل لكن الأمل بتسريع المسارات أمر مشروع للكويتيين.

هنا نتحدث عن حماية الهوية الوطنية. والجهد الذي بذلتموه لتنقية الملف وحفظ حقوق الناس ومحاسبة المزور والمخالف والمتجاوز للقانون. بدأتم مساراً شاقاً لإعادة الكويت إلى أهلها الأوائل تصحيحاً لارتكابات شوّهت الإرث والتاريخ وعرقلت الحاضر وكادت تسدّ دروب المستقبل. استكمال المسير هنا مطلب كويتي بامتياز.

ونتحدّث أيضاً عن إصرارنا ككويتيين على متابعة مسيرة الإصلاح ومحاربة الفساد وتصحيح الإدارة وتطبيق القانون على الكبير قبل الصغير. نظرة سريعة إلى تراجع التجاوزات من المشاريع الكبرى إلى «التغريدات» والإساءات الصغرى تظهر كم أن الحزم في تطبيق القانون حياة للأفراد والمؤسسات.

ونتطلّع، يا صاحب السمو إلى الملف الأصعب، متابعة تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط فقط. وها نحن نرى في سنتين تسابقاً من دول عظمى وشركات عظمى على العمل في الكويت لتأسيس قاعدة تسمح بمداخيل استثمارية مختلفة عن «المصدر الواحد».

ونريد، يا صاحب السمو، رؤية جهد حكومي أكبر لتطوير التعليم وإعادة الكويت إلى المراتب العليا لتكون في جداول أفضل الدول التي تُقدّم تعليماً راقياً متطوراً حديثاً. لا نريد أن نعيش على ماضٍ كنا فيه مدرسة الخليج وجامعة الخليج بل أن تعود للكويت «بصمة دولية» في هذا المجال.

وكم نتمنّى، أن نلمس جهداً مضاعفاً من الجميع بتوجيهاتكم المباشرة، لضخ المزيد من الدماء في شرايين الاقتصاد وتحريك العجلة وإشراك أهل الكويت، خصوصاً عنصر الشباب، في هذه النهضة التنموية للوصول إلى مجتمع منتج لا مجتمع استهلاكي أو اتكالي.

وفي ملف الصحة، وهو مُتابع من قبلكم بشكل دائم، فإن الطموح هو الاستمرار في تطوير الخدمات الطبية على قدم وساق، وأن نعيد استقطاب الكوادر الطبية الكويتية، وأن نُشرك أهل الاختصاص في تعزيز وجود المراكز الصحية المتخصصة المرتبطة باتفاقات مع مؤسسات دولية كي تكون الكويت منصة متقدمة في الأبحاث والدراسات والعلاج.

ونتلمّس تقدّم مسيرة الخدمات في مختلف القطاعات خصوصاً قطاع الإسكان وتحقيق حلم الشباب في بيت. ونشهد أن إجراءات كثيرة تحققت لكن أهل الكويت يتطلعون إلى المزيد. والأمر نفسه يسري على كل القطاعات الخدمية الأخرى الحيوية من الطاقة إلى المعاملات في الإدارات التي تحتاج تسريعاً في التحول إلى الفضاء الرقمي.

صاحب السمو

من القلب، قيل قديماً صديقك من صدقك. الكويت مليئة بالكفاءات والخبرات والمخلصين والتوّاقين إلى الخدمة العامة. وهؤلاء يمكن الاستفادة من طاقاتهم في إدارة شؤون البلد سواء عبر الحكومة أو الإدارات العليا. والنوخذة يا طويل العمر يحتاج بحارة أكفاء. ونحن على ثقة بأن عينكم الثاقبة ترى دائماً أفضل الكفاءات التي تعين وتعاون.

إنّ مسيرة الإصلاح دائماً ما يكون في ركابها صادقون ومحبون حتى وهم يضعون ملاحظاتهم أو يعبّرون عن رأي آخر مختلف، ودائماً ما يكون في ركابها متضررون إما لأن مصالحهم تأثرت، أو لأنهم يريدون بقاء الأمور كما هي، أو لأنهم غير متعودين على سيادة كاملة للقانون... وهؤلاء لن يكونوا مصدر تثبيط للهمة خصوصاً أن الغالبية العظمى مع مسيرة الإصلاح.

وفقك الله لما يحبه ويرضاه، وأعانك على قيادة السفينة، وكن على ثقة بأن أهل الكويت هم جنود فداء لهذا الوطن.