قالت الفنانة الفلسطينية هيام عباس، إن هويتها الفلسطينية جزء لا يتجزء من شخصيتها، التي لا تتخلى عنها وتساعدها في رفض أو قبول أي دور يعرض عليها.
وأعربت عباس، خلال حوار مع «الراي» جرى في القاهرة، عن سعادتها بتكريمها والاهتمام بحضورها في الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائي، لافتة إلى أن سعادتها كانت كبيرة، بالحصول على «الهرم الذهبي لإنجاز العمر»، وأن التكريم في القاهرة له وقع خاص على نفسها، لأنها شكلت شخصيتها «الممثلة»، من خلال حبها للسينما المصرية، وتراها السبب الرئيسي في حبها للفن.
• بداية، كيف كان وقع تكريمك في مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ 46 عليك؟
- بالتأكيد شرف كبير أن يتم تكريمي بمهرجان القاهرة، خصوصاً أن مصرهي «أم السينما»، وهي أول من جعلني أحلم بشيء اسمه سينما. كبرت في قرية لم يكن بها أي شيء، إلى أن جاء التلفزيون، وأصبحت عن طريقه أعرف أن هناك شيئاً اسمه سينما وتمثيل، من خلال الأفلام المصرية التي شاهدتها وأصبح حلمي أن أكون ممثلة وقد كان.
• ومَن مِن الفنانين، الذين كانوا أثناء فترة المشاهدة والمتابعة في الصغر سبباً في حبك للسينما وللفن بشكل عام؟
- كل الجيل القديم، أنا مغرمة بفاتن حمامة وعمر الشريف وأم كلثوم وعبدالحليم وأسمهان، وأحب الأشياء التي تربط كل التفاصيل الفنية مع بعضها مثل الصوت والإضاءة، وكل الأشياء البصرية كانت تعطيني فكرة أنني ممكن أن أقدم أشياء كثيرة بالفن وليس التمثيل فقط، وأنه من الممكن أن أكون كاتبة ومخرجة ومصورة.
• حدثينا عن أهم الصعوبات التي واجهتك حتي أصبحت فنانة؟
- نشأت في عائلة متعلمة ومثقفة، وكانوا يريدونني أن أصبح طبيبة أو مهندسة أو محامية أو أستاذة في الجامعة. وعندما أخبرتهم أنني وُلِدت لكي أكون ممثلة، بدأت من هنا الصعوبة، وجيلي واجه صعوبة في احتراف الفن، خصوصاً النساء في ظل عدم وجود إنتاج فني في المجتمع الفلسطيني، وكان الوضع أنني ارتكبت جريمة لأني أريد أن أصبح ممثلة.
• وماذا عن المشاركة الفلسطينية في فعاليات مهرجان القاهرة في الدورة الأخيرة؟
- صعب جداً أن أقيّم هذه الأفلام، لأني لم أشاهدها، لكن دعيني أحدثك عن تجربة سينمائية جديدة لي تمنيت أن تعرض في مهرجان القاهرة وهو فيلم «فلسطين 36»، الذي سيمثل فلسطين في «جوائز الأوسكار»، ولا أعرف ما السبب في عدم عرضه في القاهرة، ربما تكون الأسباب إنتاجية.
• لنقترب معك من كواليس فيلم «فلسطين 36» وظروف تصويره؟
- هذا الفيلم أعتبره تجربة خاصة، فقد أخذ سبع سنوات حتى يتم تصويره، لأن ميزانيته كبيرة وفريق العمل ضخم، حيث تدور الأحداث في فترة زمنية قديمة في منتصف ثلاثينات القرن الماضي، وهذه النوعية من الأفلام تحتاج ميزانيات ضخمة أكبر من الأفلام العادية وبالفعل تم بناء القرية القديمة التي تدور فيها الأحداث في فترة الثلاثينات في فلسطين، وجاءت أحداث 7 أكتوبر، وتوقف التصوير سنتين وتغيرت أشياء كثيرة، لكن كان هناك إصرار لخروج الفيلم، والذي تم تصويره في الأردن بميزانية جديدة وبعض المشاهد تم تصويرها في الداخل الفلسطيني خلسة.
• إلى أي مدى أثرت هويتك الفلسطينية على أعمالك العالمية التي شاركتِ بها؟
- هويتي الفلسطينية هي جزء من هويتي كإنسانة، لا أفصلها عن نفسي، فكل ما أحمله بداخلي من معتقدات ومبادئ يساعدني في اختيارالدور أو رفضه.
• حدثينا عن محطات في رحلتك الفنية وكيف تتعاملين مع المواقف الصعبة فيها؟
- الرحلة كانت طويلة وبها مخططات وصعوبات متعددة، وأتذكر عندما كنت أعيش في باريس وجاءني المخرج المغربي أحمد بولان، ورشحني لفيلم «علي ربيعة والآخرون»، الذي يحكي عن المجتمع المغربي في فترة السبعينات التي نطلق عليها فترة «الحرية المطلقة»، وبالفعل قدمت الدور لكن لم أتقن اللهجة المغربية بشكل كبير وكانت تحدياً كبيراً بالنسبة إليّ.
ثم جاءت تجربة فيلم «ستان روج»، وهو فيلم نسائي، وهذا الدور كنت في بداية مشواري وأعتبره فيلماً جريئاً وصعباً وأعطاني من مساحة الحرية ما يجعلني الممثلة التي أحلم أن أكون عليها اليوم، وقلت لنفسي هذا الفيلم تحد كبير لي كممثلة، وإذا لم أثبت نفسي فيه سأجلس بالبيت، لكن الحمد لله التجربة نجحت ومن وقتها أصبح الأمر أسهل وتنقلت من محطة فنية لأخرى وتعلمت لهجات كثيرة بالمثابرة.
• المتابع لتفاصيل رحلتك الفنية سيجد حبك للإخراج والتصوير بجانب التمثيل، حدثينا عن هذا الأمر؟
- ذكرت أن تجربة التمثيل للبنت في فلسطين كانت صعبة، فقد بدأ الأمر بالالتحاق في مدرسة للتصوير، ولم أكن أعرف لماذا أتعلم التصوير، لكنه عرّفني أن لدي جانباً إبداعياً معيناً من الناحية البصرية واشتغلت وقتها مصورة بمجلة «العودة» التي كانت تصدر في القدس الشرقية وكنت المصورة الرسمية بجامعة بيرزيت. ومن خلال عملي كمصورة، عملت بمسرح الحكواتي، حيث كنت أصور العروض هناك، وبدأت أجرب نفسي كممثلة، ومن هنا وجدت نفسي وعرفت أنني وُلِدت لأكون ممثلة.
• مشوارك الفني مليء بالمحطات الفنية التي صنعت اسمك كممثلة لها ثقل فني... من هم أهم المخرجين الذين تحبين أن تتحدثي عن تعاونك معهم خلال هذه الرحلة؟
- الحمد لله هناك أسماء كثيرة أعتز بتعاوني معها، مثل الأستاذ يسري نصرالله، الذي قدمني في فيلم «باب الشمس»، والحقيقة كان له دور كبير في حياتي وتعاوني معه أعتبره جائزة خاصة، فقصة الفيلم الذي كتبها إلياس خوري تحكي عن فترة النكبة 48، سواء قبلها أو بعدها، وجسدت فيه شخصية «أم يونس». والحقيقة، أن قصة الفيلم قريبة من قصة جدي، وهذا التشابه أثّر عليّ بشكل كبير، وأعتبره توثيقاً لجزء من حياتي.
وأتذكر أنني عندما شاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان كان السينمائي، وكان الأستاذ يسري مشاركاً بفيلم، ظهرت أنا وهو على السجادة الحمراء أيضاً.
وهناك المخرج هاني أبو أسعد والأخوان ناصر، وكذلك المخرجة رجاء العماري التي قدمت معها فيلم «ستان روج»... هذا الفيلم أثقلني كممثلة وسمح لي بالتواجد في حقل التمثيل وقدمت معها أيضاً فيلماً آخر مهماً وهو «الجسد الغريب». وهناك أيضاً المخرجة ديما الحر.