شهد 2024 استمرار البنوك الكويتية في تطوير أجندتها المرتبطة بالاستدامة، كما يظهر من الإفصاحات الموسعة في تقارير الاستدامة والحوكمة الصادرة عنها، وفق دراسة أعدتها شركة مناخ للدراسات والبحوث، استناداً لتقارير البنوك السنوية للاستدامة 2024.

وذكرت «مناخ» في دراسة أن تلك التقارير تعكس اتجاهاً واضحاً نحو دمج مبادئ البيئة والمجتمع والحوكمة (ESG) في الإستراتيجيات المؤسسية، مع التزام متزايد بالمعايير الدولية مثل «GRI» و«SDGs» و«TCFD».

مبادرات بيئية

وحسب الدراسة، نفّذت البنوك مجموعة مبادرات بيئية واسعة هادفة إلى خفض الانبعاثات وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، لافتة إلى أن بنك الكويت الوطني أعلن هدفاً لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2060، مع خفض الانبعاثات التشغيلية بنسبة 25 % بحلول 2025، إضافة إلى انضمامه لشراكة المحاسبة الكربونية للقطاع المالي لقياس والإفصاح عن الانبعاثات الممولة.

من جهته، أطلق «بيت التمويل الكويتي» خارطة طريق لجرد انبعاثات الغازات الدفيئة ونشر أول تقرير للبصمة الكربونية. وركّب «بوبيان» 22 محطة لشحن السيارات الكهربائية وحقق إعادة تدوير كاملة لنفايات الورق، بينما أفصح عن إجمالي انبعاثات بلغ 7.7 ألف طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون. كما عزز «الخليج» جهوده عبر تركيب ألواح شمسية وعدادات ذكية ومحطات شحن كهربائية وتدقيقات طاقة مستمرة، مع استعداد لاعتماد معايير بناء مستدامة مثل «LEED»، وبلغت انبعاثاته نحو 11.514.61 طن مكافئ، كما أسهم برنامج إعادة التدوير في تجنب 41.82 طن مكافئ من الانبعاثات.

وأضافت الدراسة أن «برقان» اعتمد مشاريع للحد من الانبعاثات، بينما عمّم البنك الأهلي الكويتي إضاءة موفرة للطاقة وخفّض استهلاك الورق. أما بنك الكويت الدولي، «KIB» فركّز على التحول الرقمي وتقليل المطبوعات، بينما قدم البنك التجاري تحليلاً شاملاً لانبعاثات النطاقات الثلاثة، فيما أفصح بنك وربة عن سياسات بيئية جديدة بالتزامن مع إصدار صكوك استدامة.

التمويل المستدام والشمول المالي

وبينت «مناخ» أن التمويل المستدام برز بشكل واضح العام الماضي، حيث أصدر «وربة» أول صكوك استدامة في الكويت، وحقق طلباً يفوق حجم الإصدار بـ 3.5 مرة. كما أصدر «الوطني» أول سندات خضراء بقيمة 500 مليون دولار، ووضع هدفاً للوصول إلى أصول مستدامة بقيمة 10 مليارات بحلول 2030.

وقدم «KIB» استثمارات في صكوك مستدامة بقيمة 268 مليوناً، مع نهج واضح لدمج مخاطر «ESG» في الائتمان. وطوّر «بوبيان» سياسة «ESG» وإطاراً للتمويل المستدام، وأطلق مبادرة لتمويل السيارات الكهربائية والهجينة، إضافة إلى منتجات مصرفية مرتبطة بالاستدامة.

ورفع «التجاري» محفظته من السندات الخضراء من 10.6 % إلى 20.7 % من إجمالي السندات. واعتمد «الخليج» إطاراً شاملاً للتمويل المستدام وإدارة مخاطر «ESG»، بينما دمج «برقان» اعتبارات البيئة والمجتمع والحوكمة في عمليات الإقراض والاستثمار. وبلغت قروض المشاريع الصغيرة والمتوسطة في «الأهلي» 1.2 % من محفظته، مع اعتماد كبير على الموردين المحليين بنسبة 91.1 %.

وذكرت الدراسة أن تنمية رأس المال البشري برزت كأحد المحاور الرئيسة في القطاع؛ فقد بلغت نسبة النساء في القوى العاملة لدى «الوطني» 44 %، وفي الإدارة 28.8 %، مع خطة لزيادة نسبة النساء بالإدارة العليا إلى 35 % بحلول 2035. وركز «بيت التمويل» على التدريب والابتكار والتحول الرقمي، تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة.

ووصل تمثيل المرأة في «بوبيان» 25 % مقابل توطين بنسبة 81 %، بينما سجل معدل رضا العملاء 96 %. ونجح «KIB» بتوظيف 79 خريجاً جديداً، وبلغ تمثيل النساء في المناصب الإدارية لديه 23.22 %. وفي «الخليج»، بلغت نسبة تمثيل النساء 41.76 % دون تسجيل حالات تمييز، وارتفعت النسب لدى «برقان» إلى 45.6 %، فيما سجل «الأهلي» 41.82 % وقدم 40570 ساعة تدريبية.

تعزيز الحوكمة

ونوهت «مناخ» إلى أن البنوك المحلية طورت أطر الحوكمة لتعزيز موثوقية الإفصاح، حيث أنشأ «الوطني» هياكل حوكمة «ESG» بإشراف مجلس الإدارة، فيما ربط «بيت التمويل» جهوده برؤية الكويت 2035. وقدم «التجاري» نظاماً متكاملاً للامتثال ومكافحة الفساد وحماية البيانات.

وطبق «الخليج» لجاناً متخصصة لضمان دمج «ESG» في العمليات، بينما أنشأ «برقان» لجنة لإدارة «ESG» تبنت سياسات جديدة في 2024. وربط «الأهلي» المكافآت بأداء الاستدامة، مع طلب ضمان خارجي للتقارير وفق متطلبات الحوكمة.

الاقتصاد منخفض الكربون

وأشارت الدراسة إلى أن التحول الرقمي أسهم في دعم الاستدامة، حيث فعّل «بوبيان» حلولاً رقمية للحد من الورق، واعتمد «KIB» عدادات ذكية وشدد على تقليل المطبوعات، بينما قلل «التجاري» عدد الفروع ووسع المعاملات الرقمية. وأطلق «الخليج» حلولاً رقمية موجهة للعملاء، ورفع «برقان» نسبة المستخدمين الرقميين النشطين 18 %.

وحرصت جميع البنوك على إعداد تقاريرها وفق «GRI»، وربط المبادرات بأهداف التنمية المستدامة، والإشارة إلى «TCFD» و«SASB» حيثما كان مناسباً، وأسهمت الجداول التحليلية والتقييمات المادية في تعزيز الشفافية، رغم أن الضمان الخارجي لم يكن متاحاً لدى جميع البنوك.

وخلصت الدراسة إلى أن «نتائج 2024 تشير إلى تقدم واضح في مسيرة الاستدامة داخل القطاع المصرفي الكويتي، مع جهود متزايدة لدمج مبادئ «ESG» في العمليات والحوكمة والتمويل. ورغم استمرار بعض التحديات، خصوصاً في توسيع نطاق الإفصاح وتطوير البيانات البيئية التاريخية، فإن القطاع يواصل تعزيز دوره في دعم الاقتصاد منخفض الكربون والالتزام بمعايير الاستدامة العالمية».