حذّرت دراسة حديثة موّلتها ونشرتها جامعة أكسفورد البريطانية من أن نماذج الذكاء الاصطناعي الدردشية، بما في ذلك أدوات مثل «ChatGPT»، تجعل المراهقين أسرع في معالجة المعلومات، لكن أقل عمقاً في التفكير، ما يُثير مخاوف حول مستقبل التعليم حول العالم، لاسيما مع تزايد استخدام التكنولوجيا بين اليافعين والمراهقين الشباب.

وإذ أُجريت الدراسة في بريطانيا تحت قيادة البروفيسورة إيما تايلور، فإنها ركزت على تحليل تأثير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على طلاب المدارس المتوسطة والثانوية عبر استبيانات واسعة النطاق شملت أكثر من 5000 طالب في أوروبا وأميركا، مع التركيز على عادات الدراسة اليومية.

وأظهرت نتائج الدراسة أن استخدام الذكاء الاصطناعي يُقلل من التفكير الانتقادي لدى اليافعين والمراهقين بنسبة 25 في المئة، حيث يعتمد 60 في المئة منهم على هذه الأدوات لإكمال الواجبات الدراسية والمشاريع الأكاديمية، ما يُضعف قدرتهم على تحليل المعلومات بعمق أو صياغة أفكار مستقلة.

وقالت البروفيسورة تايلور: «الإجابات السريعة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي تُقلل من التركيز على حل المشكلات الإبداعية، ما يؤدي إلى تراجع في مهارات التحليل على المدى الطويل»، مشيرة إلى أن الدراسة حللت بيانات من 5000 طالب، ما كشف عن تراجع في القدرة على صياغة حجج منطقية مقارنة بالجيل السابق. وأضافت أن هذا التأثير يظهر بوضوح في المواد التي تتطلب تفكيراً إبداعياً مثل الأدب والعلوم.

ويُحذر خبراء مختصون من مخاطر الاعتماد المفرط، داعين المعلمين إلى توجيه الطلاب نحو استخدام هذه الأدوات كأدوات مساعدة وليس كبديل عن التفكير، مع وضع برامج تدريبية مستمرة لتحسين مهارات التفكير النقدي.

وتُشجع جامعة أكسفورد على دمج الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم بحذر، مع التركيز على تصميم نشاطات تعليمية تُعزز التفكير الإبداعي، مثل المشاريع الجماعية التي تتطلب نقاشاً وتحليلاً، بالإضافة إلى جلسات حوارية تُركز على حل المشكلات العملية.

وحول العالم، يمكن للمدارس استغلال هذه التوصيات لتطوير مناهج تُركز على المهارات النقدية، خصوصاً مع تزايد استخدام التكنولوجيا بين الشباب الذين يشكلون القوة العاملة المستقبلية.

وتبرز نتائج هذه الدراسة أهمية إرشاد المراهقين إلى استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بوعي، مقدماً توصيات للمعلمين لتحسين المناهج الدراسية، مثل دمج المناقشات الفكرية في الصفوف وتنظيم مسابقات تُركز على حل المشكلات الإبداعية.

كما تلهم النتائج المدارس عالمياً لتطوير إستراتيجيات تعليمية تُوازن بين التكنولوجيا والمهارات البشرية، مع التأكيد على أهمية تعزيز التفكير العميق لدى الطلاب في عصر المعلومات من أجل بناء جيل قادر على الابتكار والمساهمة في الاقتصاد المعرفي.