على وقع التسليم بقضاء الله وقدره، والتأكيد على أن موت العلماء من أعظم المصائب، عبّر عدد من الدعاة ورجال الدين وكبار قراء القرآن الكريم عن بالغ حزنهم لوفاة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ رئيس هيئة كبار العلماء، الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء، ورئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي، رحمه الله.
وكان الديوان الملكي السعودي قد أعلن ظهر اليوم وفاة الراحل، مشيراً إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وجه بأن تقام عليه صلاة الغائب في المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة وجميع مساجد المملكة العربية السعودية.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن «صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وعدداً من الأمراء والوزراء، أدوا صلاة الميت على الفقيد عقب صلاة عصر أمس، في جامع الإمام تركي بن عبدالله بمدينة الرياض».
وأضافت «عقب الصلاة تقبل سمو ولي العهد وأبناء الفقيد، العزاء والمواساة من أصحاب السمو والفضيلة، سائلين المولى عز وجل أن يتغمّد الفقيد بواسع رحمته ورضوانه، وأن يسكنه فسيح جناته».
وقد نعى الوسط الديني والعلمي رحيل سماحته بعد مسيرة حافلة بالعطاء العلمي والشرعي وخدمة الدين والوطن، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يجزيه خير الجزاء على ما قدّم من علم وجهد في خدمة الإسلام والمسلمين.
وارتبطت نبرات صوت الراحل وطريقة إلقائه للخطب من على المنبر بيوم عرفة، فقد كان أكثر الخطباء وقوفاً على منبر مسجد نمرة بعرفة، إذ ألقى قرابة 34 خطبة قبل أن يعتذر لظروف صحية.
وخلّف الراحل وراءه زاداً من العلم الشرعي الذي ينتفع به في أنحاء المعمورة كافة، متمثلاً في عشرات الكتب والمصنفات ومئات اللقاءات الإذاعية والتلفزيونية وثلة من الرسائل الأكاديمية التي أشرف عليها وناقشها.
مسيرة الراحل
• ولد الفقيد، رحمه الله، في 30 نوفمبر 1943 ميلادية في مكة المكرمة وتوفي والده وهو صغير لم يتجاوز الثامنة، وكان تلميذاً لدى محمد بن سنان الذي حفَّظه القرآن الكريم بعد وفاة والده بثلاثة أعوام.
• نشأ الراحل يتيماً، وحفظ القرآن في سن مبكرة، وفقد بصره في العشرينات من عمره، ودرس العلم الشرعي على يد مفتي الديار السعودية الأسبق محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وبدأ حياته العملية بالتدريس وعضوية المجالس العلمية بالجامعات، وكان خطيب جامع الإمام تركي بن عبدالله «الجامع الكبير» بالرياض، وأشهر خطباء مسجد نمرة، وله مؤلفات شرعية عدة تشمل: الفتاوى، والعقائد، وأحكام الحلال والحرام، إضافة إلى كتب أخرى مصنفة من مجموع الفتاوى التي أفتى بها الشيخ في عدد من البرامج والمناسبات المختلفة.
• التحق في دراسته النظامية بمعهد إمام الدعوة العلمي بالرياض 1955 ميلادية، والتحق بعده بكلية الشريعة بالرياض التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1961 ميلادية وتخرج فيها متخصصاً في العربية وعلوم الشريعة.
• عُيِّن مدرساً في معهد إمام الدعوة العلمي بالرياض، واستمر فيه ثماني سنوات، قبل أن ينتقل إلى كلية الشريعة بالرياض التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ليعمل فيها أستاذاً مساعداً عام 1979 ميلادية ثم أستاذاً مشاركاً، إضافة إلى التدريس بالمعهد العالي للقضاء بالرياض، كما أصبح عضواً في مجالس علمية عدة للجامعات السعودية.
• مارس آل الشيخ، إلى جانب أعماله، دور الإشراف والمناقشة في عدد من الرسائل العلمية لطلاب الدراسات العليا في الماجستير والدكتوراه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكلية الشريعة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، والمعهد العالي للقضاء.
• تولى الراحل الإمامة والخطابة في جامع الشيخ محمد بن إبراهيم بالرياض بعد وفاة محمد بن إبراهيم عام 1969، ثم إمامة الجمعة في مسجد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف العام الذي يليه، ثم انتقل إلى إمامة جامع الإمام تركي بن عبدالله، وله جهود كبيرة في إلقاء الدروس والمحاضرات، والمشاركة في الندوات والبرامج الدينية الإذاعية والتلفزيونية.
• في 1982 عُيّن إماماً وخطيباً بمسجد نمرة بعرفة، وعضواً في هيئة كبار العلماء عام 1987. وفي عام 1991 أصبح عضواً متفرِّغاً في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمرتبة الممتازة، كما صدر أمر ملكي عام 1995 بتعيينه نائباً للمفتي العام للمملكة بالمرتبة الممتازة، ثم صدر أمر ملكي بتعيينه مفتياً عاماً للمملكة ورئيساً لهيئة كبار العلماء، ورئيساً للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمرتبة وزير في 14 مايو 1999 بعد وفاة المفتي السابق عبدالعزيز بن باز.
•أنتج مؤلفات عدة في الأحكام الفقهية والعقائد والفتاوى، وغيرها من العلوم الشرعية، منها: كتاب الله عز وجل ومكانته العظيمة، وحقيقة شهادة أن محمداً رسول الله، والجامع لخطب عرفة، إضافة إلى عدد من الكتب المتخصصة بالفتاوى التي أجاب عنها الشيخ في برنامج الإفتاء «نور على الدرب»، من أبرزها: كتاب من فتاوى العقيدة، ومن فتاوى الطهارة والصلاة، ومن أحكام وفتاوى الزكاة، ومن فتاوى الصيام، ومن فتاوى الحج، ومن فتاوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، ومن رسائل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، وفتاوى نور على الدرب «كتاب العقيدة»، وفتاوى نور على الدرب «كتاب الطهارة والصلاة».