في 28 سبتمبر 2006 نشرت الزميلة «القبس» تقريراً عن منفذ النويصيب الحدودي تحت عنوان «مركز النويصيب الحدودي... واجهة غير حضارية للكويت». وطبعاً التقرير واضح من عنوانه، واستمر -رغم التنبيه الإعلامي- ذلك المنفذ الحدودي على حاله.
وبعد 20 عاماً، نعم 20 عاماً، عبرتُ أنا ذلك المنفذ، فرأيت تلك الواجهة غير الحضارية فكتبت مقالاً في «الراي» بداية هذه السنة تحت عنوان «واجهة الوطن» ذكرتُ فيه ما يلي: «أما منفذ الخفجي (أقصد النويصيب) فقد تم رصف الطريق المؤدي إليه بعد إهمال وطول انتظار، ولكن المنفذ نفسه مازال على وضعه في مستوى النظافة، فهناك بقايا من كل شيء على جانبيه، وقد حُرِمَ من أي لمسة جمال، ما أن تصل إلى نقطة الفصل بين الكويت والسعودية في كلا المنفذين حتى تتغير الصورة وتصبح الشوارع ملساء والأشجار مزروعة والرصيف نظيف في الجانب السعودي وهذا التغيير يدخل في نفسك واجهة الدولة التي أنت متجه إليها».
انتهي الاقتباس القديم.
عقدان من الزمن مضيا بين ما ذكَرتهُ «القبس» وما نُشر في «الراي»، من دون تحمل المسؤولية التي دعا إليها المواطنون. وقبل أيام زرت مرة أخرى منفذ النويصيب...
اليوم أدركت التعريف الحقيقي للمسؤولية، اليوم في الكويت الجديدة هناك قادة يهتمون بسمعة الكويت، تطور ملحوظ في مسارات المنفذ والخدمات؛ فالمشهد الذي تودع به الكويت من نفايات على الطريق اختفى، وهناك اهتمام واضح بالنظافة، شكراً لمن عرف معنى المسؤولية وأعطى للكويت وجهها الجميل، وقد ذهب النقد وتحول إلى ثناء لرجال أخلصوا في عملهم.
إن تحمّل المسؤولية هو عامل مفتاحي في بناء دولة متكاملة، وخلق مجتمع صحي، إن الأدلة العلمية تؤكد أن المسؤولية ليست خياراً فحسب، بل هي عامل أساسي لتقدم الدول، والتماسك الاجتماعي، ومثال ذلك ما قام به وزير الصحة الدكتور أحمد العوضي في افتتاح منفذ النويصيب قبل شهر ليؤكد معنى الاهتمام بصحة المواطن في كل مكان، لقد تغير لدينا اليوم مفهوم المسؤولية، كما بدا لي، وأتمنى أن يستمر ذلك في كل ركن من أركان الوطن.
كل ما نتمناه هنا أن تصبح المسؤولية سلوكاً اجتماعياً للأجيال القادمة، أتمنى دمج مفاهيم المسؤولية الشخصية والاجتماعية في مناهج التعليم منذ المرحلة الابتدائية، من خلال أنشطة تطوعية، مشروع خدمة المجتمع، وتعليم قيم المبادرة، كما أتمنى وضع برامج تدريبية في أماكن العمل تركز على تمكين العاملين نفسياً لتعزيز شعورهم بالفاعلية والمسؤولية، وأخيراً تشجيع المؤسسات الإعلامية على تسليط الضوء على نماذج ناجحة في تحمل المسؤولية، ليكونوا قدوة تُحتذى.
اليوم، نقول شكراً لمن أعاد للوطن جماله وأمنه الصحي، ونسأل الله أن نراهم في كل زمان وفي كل مكان.