يتأثر الناس بكلام الناس، بنسب متفاوتة تبعاً لطبيعة كل إنسان على حدة. فهناك من لا يتأثر، وهناك من يتأثر كثيراً، بل إن بعض الكلام قد يكون الضربة القاضية على المتلقي، خصوصاً إذا كانت الصفة أو المعلومة، مغلوطة...

وقد يؤدي ذلك إلى الوفاة أو الإصابة بأزمة قلبية، كما حدث مع ممثل شهير في الكويت، إذ وصل الخبر إلى أمه بأنه تعرض لحادث مروري مؤسف، فأخذت تتصل به لكنه لم يرد لأنه كان على خشبة المسرح، فتأثرت وتعرضت لأزمة قلبية نقلت على إثرها إلى العناية المركزة في المستشفى...

وتلك إحدى مثالب وسائل التواصل الاجتماعي.

على الانسان أن ينتبه إلى تلك النقطة حيث إن إطلاق التهم جزافاً من دون دليل، إنما هو كارثة دينية وأخلاقية واجتماعية، بل إن حقوق الناس لا تسقط مهما كان المجرم غنياً مشهوراً، ويحرص على أداء الصلاة...

وقد يلجأ البعض إلى إطلاق التهم في الديوانية أو في مكان العمل من دون التأكد، بل إنه يتكئ على «وكالة يقولون».

وفي القرآن الكريم، هناك آية كريمة تتناول تلك النقطة المهمة في سورة آل عمران، إذ قال تعالى في كتابه المبين: «الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل»، فيتمسكون بالفكرة التي لديهم لأنها قناعة راسخة لديهم دينياً واجتماعياً ونفسياً.

وقال تعالى في سورة ق: «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد»، وبالتالي فإن كل شيء يقوله الإنسان مرصود سواء بالخير أو بالشر.

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي).

وقال الإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه:

لا تفش سرك ما استطعت إلى امرئ

يفشي إليك سرائراً تستودع

فكما تراه بسير غيرك صانعاً

فكذا بسيرك لا محالة يصنع

وفي الموروث «فلا تحزن إن ذمك بعض الناس، وقل كما قال الحسن البصري، إذا تحدث الناس عنك بسوء فلا تحزن، وقل مرحباً بحسنة لم أعملها».

وقال المتنبي عن الناس الكثير من أبيات الشعر منها:

بذا قضت الأيام ما بين أهلها

مصائب قوم عن قوم فوائد

وقال أيضاً:

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله

وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

والناس قد نبذوا الحفاظ فمطلق

ينسى الذي يولى وعاف يندم

ومن يقرأ التاريخ، فإن الأنبياء والقادة العظام لم يسلموا من كلام الناس سواء في عصرهم أو من قِبَل من جاء من بعدهم، لكن هناك العدالة الإلهية التي تقتص من الناس الذين يتناولون الناس بألسنتهم سواء في الدنيا أو في الآخرة، لذا فإن الإنسان عليه أن يعمل وفق ضميره ويتمسك بالخلق القويم بعيداً كل البعد عن التباهي أمام الناس كونه يمتلك معلومة خاصة ضد شخص ما، سواء كانت صحيحة أو غير صحيحة، فهي إما أن تكون غِيبة أو بُهتاناً.

وفي كل مجال، تجد كلام الناس حاضراً بالخير والشر معاً، بل وفي الوسط الإعلامي والفني والثقافي وكذلك الفن التشكيلي في الكويت، إذ إن لدي سلسلة طويلة من المواقف الأخلاقية وغير الأخلاقية، ولولا المروءة لذكرت بعض تلك المواقف والقصص.

الممثل العالمي دينزل واشنطن، الذي لديه الكثير من الأنشطة الاجتماعية، حيث إنه يقدم الكثير من النصائح لمجتمعه بشكل عام وللشباب بشكل خاص، لديه مقولات مميزة عن كلام الناس، وهي «إذا ارتديت ملابساً أنيقة سيظن الناس أنك تتباهى، وإذا ارتديت ملابس بسيطة سيظن الناس أنك فقير، وإذا عبّرت عن رأيك فأنت وقح، وإذا بقيت صامتاً فأنت جبان، وإذا كنت ناجحاً فأنت متعجرف، وإذا كنت تكافح فأنت كسول.

ويقول: «كما ترى، فمهما فعلت فالناس دائماً لديهم شيء ليقولوه... إذاً تجاهل الناس وآراءهم لأنه ما دام خالقك راضياً عنك فلا تهتم بما يظنه الناس».

همسة:

«كلام الناس لا يغير معدن الإنسان الأصيل».