طرحت الحكومة أخيراً قانوناً جديداً للرياضة، جاء بعد سنوات من الفوضى التي عمّت الأندية والاتحادات، وما نتج عنها من تراجع في مختلف الألعاب الرياضية في الكويت.
فقد ساهمت المحسوبية والانقسامات، وسوء الإدارة، إضافة إلى وجود أعضاء يفتقرون إلى الخبرة والمعرفة، في عرقلة مسيرة الرياضة وإضعاف نتائجها.
ولعلّ من أبرز الأمثلة ما عايشته شخصياً عندما كنت مديراً للعبة التنس الطاولة، إذ قال لي أحد الإداريين إن «لعبة التنس لا تحتاج إلى لياقة بدنية»، فكيف يمكن أن نطالب اللاعبين بالإنجاز في ظل افتقار أبسط المفاهيم الرياضية؟
القانون الجديد يُحسب له أنه جاء ليضع معايير أكثر صرامة في الترشيح والرقابة المالية، بحيث يقتصر على حملة الشهادات الجامعية واللاعبين السابقين، مع تفضيل فئة الشباب لفتح المجال للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في الرياضة ليكون الهدف منها تقليل التدخلات الشخصية والمجاملات والمحسوبية.
جعل القرارات مبنية على بيانات دقيقة وشفافة بدل الآراء والانطباعات. سهولة الرقابة، لأن كل شيء مسجل ومحفوظ إلكترونياً، ويمكن الرجوع له عند أي خلاف.
كما حدّد القانون مدداً انتخابية تمنع الاحتكار الذي أصبح سمة بعض الأندية، حيث كانت المناصب تتوارث بين الأجداد والآباء والأبناء، وهو ما أضرّ بالرياضة وجمّد تطورها.
كذلك شدّد القانون على تعزيز الرقابة الإدارية والمالية، وهو ما يستوجب أيضاً إعادة تنظيم الجمعيات العمومية من خلال تسجيل عادل وشفاف، مع شطب أعضاء الجمعيات العمومية المحتكرة وإعادة هيكلتها بإشراف كامل من قبل هيئة الشباب والرياضة والجهات الرقابية ووضع رسوم الاشتراك برسوم مناسبة ومعقولة بمتناول الجميع ليعكس تمثيلًا حقيقياً للقاعدة الرياضية دون تلاعب.
ومن الجوانب المهمة التي يمكن أن تدعم الإصلاح الرياضي أيضاً هو مبدأ الحوكمة الرياضية، وهو نظام يضمن إدارة الأندية والاتحادات بطريقة شفافة وعادلة، مع وجود رقابة ومساءلة واضحة على جميع القرارات المالية والإدارية، بما يضمن أن تُدار الرياضة لمصلحة اللاعبين والجمهور، لا لمصالح شخصية أو عائلية.
أما بالنسبة لتطبيق الحوكمة الرياضية في الكويت، فيمكن ذلك عبر إنشاء مركز وطني للحوكمة الرياضية تابع لهيئة الرياضة أو كجهة مستقلة، لمتابعة تنفيذ القانون وضمان الشفافية.
كما يُشكَّل مجلس إدارة مستقل يضم خبراء في الإدارة الرياضية والقانون والمحاسبة، بالإضافة إلى لجنة رقابة لتدقيق الميزانيات والقرارات الانتخابية.
ويشمل التطبيق أيضاً إعادة تنظيم الجمعيات العمومية للأندية والاتحادات لضمان تمثيل فعلي للقاعدة الرياضية ومنع توريث المناصب، وإصدار تقارير سنوية عن الأداء المالي والإداري تُنشر للجمهور لتعزيز الشفافية والثقة.
كما يمكن التعاون مع القطاع الخاص لدعم الرياضة مالياً عبر برامج المسؤولية الاجتماعية، بما يرفع ميزانية الأندية ويتيح استقطاب أفضل الكفاءات والمدربين.
ولا شك أن أهمية الرياضة تتجاوز حدود المنافسات، فهي ركيزة أساسية في بناء شخصية الشباب، وتعزيز قيم الانتماء والانضباط، والمساهمة في الصحة العامة.
ومن هنا، فإن أي إصلاح للمنظومة الرياضية هو استثمار مباشر في طاقات الشباب ومستقبل الوطن.
وقد أثبتت تجارب العديد من الدول أن الإصلاح التشريعي إذا ما اقترن بالدعم المؤسسي والشراكة الفاعلة مع القطاع الخاص، فإنه يفتح الباب أمام نهضة رياضية شاملة، ويحوّل التحديات إلى فرص للإنجاز والتميز.
إن القانون الرياضي الجديد خطوة محورية في مسار الإصلاح، لكنه لن يحقق أهدافه ما لم يقترن بالتطبيق العملي الصارم والرقابة المستمرة.
وإذا ما نجحنا في دمج التشريعات الحديثة مع الشفافية، والدعم المؤسسي، والشراكة مع القطاع الخاص، فإن الرياضة الكويتية ستدخل مرحلة جديدة قادرة على استعادة مكانتها ورفع راية الكويت عالياً في المحافل الإقليمية والدولية.