هل لديك معضلة كبيرة؟ هل تعاني من مشاكل صحية، اجتماعية أو مالية؟ السؤال المعتاد: ومن منا خالٍ من تلك المشاكل؟!

الفرق بين الناس هو في طريقة حل تلك المشاكل والمعضلات، هناك حلول مدمرة، وهناك حلول مقبولة، وأيضاً هناك حلول ممتازة، الكل يبحث عن الحل لأي مشكلة تواجهه.

أغلب الناس لا ينتبهون إلى أهم عنصر من عناصر الحل، لهذا لا تنجح حلولهم. السؤال ما أهم عنصر من عناصر حل أي معضلة؟!

الجواب: أهم عنصر من عناصر أي حل هو «الزمن»، نعم الزمن، إنه البعد الرابع الذي بانت أهميته مع الفيزياء الحديثة، وبخاصة في نظرية النسبية لأينشتاين (Albert Einstien)، بعدها لم يعد الزمن خلفية صامتة تتحرك فيها الأحداث، بل أصبح بُعداً رابعاً يتشابك مع المكان في نسيج واحد، هذا الفهم غيّر نظريتنا إلى الكون، ومنحنا إطاراً فلسفياً لفهم طبيعة الأزمات والمشاكل وكيفية التعامل معها.

في القضايا الشائكة عليك أن تجعل الزمن جزءاً من الحل، وكما أن الجاذبية والانحناء يؤثران في تدفق الزمن في الكون، فإن الأحداث البشرية سواء كانت اجتماعية أو سياسية يمكن أن تبطّئ أو تسّرع مسار الحلول، ففي بداية كل أزمة أو مشكلة يكون الزمن كثيفاً مشحوناً بالمشاعر والانفعالات، وهنا عادة تكون القرارات متسرعة وخاطئة...

إن الزمن -لمن يعانون من الأزمات- يكون زمناً بطيئاً وثقيلاً، أما المراقبون الذين لا يعنيهم الأمر، فيرون الزمن سريعاً ومتغيراً، إنه الزمن نفسه لكن الإحساس به تغير، هذا التغير بالإحساس يمكن أن يساعد الوسطاء وصانعي القرار على اختيار اللحظة المناسبة للتدخل.

في حل القضايا الشائكة، الزمن لا بد أن يكون جزءاً من الحل، من خلال «التبريد الزمني» وهو ترك القضية تهدأ وتتراجع حدة الانفعالات فيها، يكون هذا هو السبيل الأفضل لجعل الأطراف أكثر استعداداً للحوار ولقبول الحلول، الزمن كان هو الحل.

في حالات أخرى قد يكون تسريع الزمن أفضل حل، فالخلافات الأسرية تحتاج إلى ضغط الوقت للتسويات السريعة قبل أن تترسخ الخلافات، وكذلك القضايا الصحية، يكون تسريع الزمن هو الحل.

وكما يغيّر الزمن شكل الضوء في الكون البعيد، فإن الزمن أيضاً يغير شكل الحقائق في القضايا الإنسانية، هناك معلومات لا تظهر إلا بعد مرور فترة من الزمن، وهناك نوايا لا تنكشف إلا مع التجربة والوقت، في مثل هذه القضايا يكون الزمن حليفاً للحقيقة.

إذا كان البعد الرابع في الفيزياء يكشف لنا أن الزمان والمكان وجهان لعملة واحدة، فان البعد الرابع في إدارة الأزمات يكشف أن الزمن والموقف وجهان لحل واحد، فالحلول لا تأتي بقرارات فورية بل تأتي باللحظة الصحيحة، تلك اللحظة التي يصنعها لنا الزمن.

في الكويت القديمة كان الآباء والأجداد يعرفون بالفطرة هذا العلم، فكان التأني في بعض القضايا هو مفتاح النجاح و«كل تأخيرة وفيها خيرة»، وكانت سرعتهم في حل الخلافات بين الناس هي الحل الآخر، «الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك»، كانت فطرتهم تدرك أهمية الزمن في حل القضايا جميعها، كانوا أفهم من «أينشتاين»، وأوعي من مينكوفسكي (Minkowski)... لمن يريد حلاً، دع الزمن يساعدك في الحل!

من جهة أخرى، يتساءل العرب عن موقف الجامعة العربية من التدخلات الإيرانية السافرة في الشأن العربي، وآخرها لبنان، وهل فعلاً اعتمدت جامعة الدول العربية الزمن لحل كل مشاكلها؟ وكم يطول زمنها؟ هل بعد خراب مالطا؟!