قال وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكن، إن قرار كل من فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا، الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل، هو خطوة أخلاقية صائبة وتعكس إجماعاً دولياً، حيث إن أكثر من 140 دولة تعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، جنباً إلى جنب مع «إسرائيل آمنة».
وأضاف بلينكن، في مقال رأي لصحيفة وول ستريت جورنال، أن هذا الاعتراف، رغم أهميته، «يأتي فيما لا تزال أزمة غزة مستمرة، وسط معاناة المدنيين الفلسطينيين وأسرى إسرائيليين، وخطط إسرائيلية معلنة لاحتلال أجزاء من القطاع».
وشدد على أن الأولويات العاجلة حالياً تتمثل في منع المجاعة، وتحرير الأسرى، وإنهاء الحرب، معتبراً أن الحديث عن حل الدولتين يمكن أن ينتظر.
وأشار إلى أن «الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة يمكن أن يساعد على تمكين إسرائيل من الانسحاب من غزة وتسريع التطبيع...».
وأوضح بلينكن أن إسرائيل حققت هدفين من أهدافها الثلاثة المعلنة في غزة، وهما تدمير حركة «حماس» كقوة عسكرية، وقتل المسؤولين عن هجوم 7 أكتوبر 2023، لكن الهدف الثالث المتمثل في تحرير الأسرى يبدو صعب التحقيق عبر احتلال القطاع بالكامل.
وأكد أن إسرائيل لم تضع خطة للانسحاب من غزة ومنع عودة «حماس»، وأن الاحتلال الدائم سيضاعف معاناة الفلسطينيين الأبرياء ويؤدي إلى تمرد مستمر يستنزف إسرائيل عسكرياً ومعنوياً.
ضرورة المسار السياسي
ويرى بلينكن أن خطة الاعتراف بفلسطين أصبحت ضرورة، مشيراً إلى أن دولاً عربية رئيسية دانت «حماس» ودعتها إلى نزع سلاحها وإطلاق سراح الأسرى، كما أبدت استعدادا للمساهمة في إعادة إعمار غزة وتأمينها وإدارتها بعيدا عن سيطرة الحركة، لكن بشرط وجود مسار سياسي حقيقي نحو تقرير المصير للفلسطينيين.
اعتراف مشروط وزمني
وحذر بلينكن من أن الاعتراف غير المشروط بالدولة الفلسطينية «لن ينهي معاناة غزة ولن يضمن قيام دولة فاعلة»، داعياً إلى مسار اعتراف مشروط ومحدد المدة، بحيث تمنح الفلسطينيين مهلة زمنية واضحة (ثلاث سنوات مقترحة) لاستيفاء شروط تتعلق بضمان أمن إسرائيل.
وأوضح أن هذه الشروط تشمل «عدم سيطرة حماس أو أي جماعات إرهابية على الدولة الفلسطينية، وعدم وجود ميليشيات مسلحة مستقلة، وعدم التحالف مع أطراف ترفض وجود إسرائيل، وإصلاح المناهج التعليمية والخطاب العام بما يرفض التحريض على الكراهية، إضافة إلى بناء مؤسسات دولة قابلة للاستمرار».
وأكد أن مجلس الأمن «هو الجهة المناسبة لتقييم مدى التزام الفلسطينيين بهذه الشروط، وأن الفيتو الأميركي سيطمئن الإسرائيليين، بينما يمكن للطرفين التفاوض على القضايا الجوهرية مثل الحدود والأمن والقدس وحق العودة بالتوازي مع مسار الاعتراف».
متطلبات من إسرائيل
في المقابل، دعا بلينكن إسرائيل إلى اتخاذ خطوات عاجلة تشمل: «وضع خطة انسحاب من غزة، وقف توسيع المستوطنات وإضفاء الشرعية على البؤر العشوائية، وقف هدم منازل الفلسطينيين في الضفة والقدس، محاسبة المستوطنين المتطرفين على أعمال العنف، احترام الوضع القائم في الأماكن المقدسة، ودعم إصلاح السلطة الفلسطينية بدلاً من إضعافها».
مواجهة أجندة «حماس»
واختتم بلينكن بالقول إن «حماس سعت لعقود إلى إفشال حل الدولتين، بدءاً من تفجيرات التسعينات مروراً بهجمات 2002، ووصولاً إلى هجوم 7 أكتوبر الذي كان يهدف جزئياً إلى إحباط جهود إدارة بايدن لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول أخرى».
وشدد على أن تبني مسار اعتراف مشروط ومحدد زمنياً بالدولة الفلسطينية سيكون الرد الأمثل على أجندة «حماس»، ويمثل فرصة لوضع الإسرائيليين والفلسطينيين على طريق التعايش السلمي والآمن والدائم.