على وقع استعداد بيروت لاستقبال ممثل المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي علي لاريجاني بعد أن يُنهي الزيارة التي بدأها لبغداد، طالب رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع حكومة الرئيس نواف سلام بـ «أن تفكّر جدياً بدعوة مجلس جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي إلى عقد جلسات طارئة لطرح مسألة التهديد الإيراني للبنان، وكذلك التقدّم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي مفادها أن إيران تهدّد لبنان وتتوعّده، وصولاً إلى التهديد بالتدخّل العسكري المباشر».

وقال جعجع في بيان له: «دأب مسؤولون إيرانيون، من مختلف المستويات، خلال الأسبوع الماضي، على التطرّق إلى قرارات الحكومة اللبنانية ومهاجمتها، والأسوأ من ذلك كلّه إطلاق التهديدات والوعيد بأن ما صدر عن الحكومة لجهة نزْع السلاح (حزب الله) لن يمرّ. ولو اقتصرت مواقف المسؤولين الإيرانيين على مجرد إبداء الرأي في أحداث داخلية تحصل في بلد آخَر، وبالطرق الدبلوماسية المعهودة، لكان الأمر مقبولًا ولو بحدّه الأدنى. ولكن أن يذهب أصحاب هذه المواقف إلى حدّ الجزم بأن قرار الحكومة بنزع السلاح لن يمر، فهذا ينمّ عن تحريض من جهة، وتهديد بتدخّل عسكري ضدّ الحكومة اللبنانية من جهة أخرى، من أجل منعها من تنفيذ قراراتها».

وأضاف: «لم نتدخّل يوماً، كلبنانيين، في الشؤون الداخلية الإيرانية، ولم نسأل مثلًا إيران عن الازدواجية العسكرية على أرضها من خلال وجود جيش إيراني وحرس ثوري، وفي المقابل لا نقبل إطلاقاً أن تستمر إيران بالتدخل في شؤوننا الداخلية بعدما أدى تدخلها في الأعوام الأربعين الماضية إلى خراب لبنان وإعادته عشرات السنوات إلى الوراء (...) والمطلوب من هذا النظام أن يهتم بشؤونه فحسب، وأن يترك شؤون اللبنانيين لهم ولدولتهم فحسب».

وترافق موقف جعجع مع ترقُّب بيروت وصول لاريجاني بعد أن يُنهي الزيارة التي بدأها اليوم لبغداد وهي أول محطة رسمية له خارج البلاد بعد تسلّمه منصبه، وذلك وسط توَهُّج ملامح أزمة دبلوماسية بين بيروت وطهران على خلفية مواقف إيرانية جزمت بأن قرار الحكومة اللبنانية بسحب سلاح حزب الله «حلم لن يتحقق» وفق ما أعلن مستشار المرشد الأعلى علي أكبر ولايتي، لتردّ الخارجية اللبنانية بأن هذه التصريحات «تشكل تدخلاً سافرا وغير مقبول في الشؤون الداخلية اللبنانية وسنردّ بما تقتضيه الأعراف».

وقبيل مغادرته طهران أكد لاريجاني أنّ «لبنان إحدى الدول المهمّة والمؤثرة في منطقة غرب آسيا، وإيران لها منذ القدم علاقات تاريخية وثقافية وسياسية عميقة مع هذا البلد». وأضاف: «علاقاتنا مع الحكومة والشعب اللبناني في مجالات مختلفة، تشمل السياسة والثقافة والاقتصاد، وهي متجذرة وواسعة،‌ وفي هذه الزيارة أيضاً، سنعقد مشاورات مهمّة مع المسؤولين اللبنانيين والشخصيات المؤثرة».

كما اعتبر أنّ «الظروف السائدة في لبنان، خصوصاً في ظلّ التطورات الأخيرة والاشتباكات الخطيرة مع الكيان الصهيوني، حسّاسة وخاصة»، قائلاً: «من هنا، فإنّ الحوار من أجل تعزيز الاستقرار والأمن الإقليمي يحظى بأهمية كبيرة».

وأكد لاريجاني أنّه خلال جولته في لبنان، سينقل رسائل من الجمهورية الإسلامية الايرانية، فـ«المواقف الإيرانية تجاه لبنان كانت دائماً واضحة تحت عنوان الحفاظ على الوحدة الوطنية اللبنانية في أي ظرف، والتأكيد على استقلال لبنان وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية».

وختم: «إنّ الجمهورية الإسلامية كانت دائماً مستعدة لمساعدة الشعب اللبناني من أجل تجاوز الأزمات وإيجاد الاستقرار والتنمية المستدامة، وستظلّ كذلك».

وفي سياق متصل، أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية اسماعيل بقائي، «إن طهران تدعم حق لبنان في الدفاع عن نفسه أمام إسرائيل»، معتبراً أن ممارسة هذا الحق غير ممكنة دون التمتع بقدرات تسليحية وعسكرية.

وفي مؤتمر صحافي أسبوعي، قال بقائي إن «إيران تؤكد ضرورة الحفاظ علي سيادة لبنان ووحدة أراضيه وحقه في الدفاع عن نفسه إزاء الاعتداءات الإسرائيلية والصمود أمام الكيان الصهيوني»، معتبراً «أن ممارسة هذا الحق غير ممكنة دون التمتع بقدرات تسليحية وعسكرية، ونؤمن بأن القرارات في هذه القضايا شأن داخلي لبناني، وعلى شعب هذا البلد، مع مختلف مكونات المجتمع اللبناني، تحديد مصالح وطنه من خلال الإجراءات القانونية والمعتمدة، والعمل على نفس الأساس».

أضاف: «ندرك الصعوبات في مجاراة كيان محتل وغير ملتزم بالقوانين الدولية والتجربة أثبتت أن تجهيز الدول بالمعدات العسكرية وتعزيز القدرة الدفاعية هو الحل الوحيد لمنع الاعتداءات الإسرائيلية».