توصل علماء وباحثون إلى فرضية جديدة تفيد بأن هناك «حاسة» إضافية قد تسمح للأمعاء ببث إشارات دقيقة إلى الدماغ، وذلك عبر تفاعل بكتيريا الأمعاء الدقيقة مع الأعصاب المتصلة بالجهاز العصبي المركزي.
وتفتح هذه النظرية آفاقاً جديدة لفهم العلاقة المعقدة بين الجهاز الهضمي والنظام العصبي، خصوصاً كيف تؤثر ميكروبات الأمعاء في المزاج والسلوك.
وتشير الدراسة إلى أن بكتيريا الأمعاء تنتج حركات وتذبذبات ميكانيكية دقيقة لاتزال غير مدركة بالكامل، لكنها تسبب استجابات عصبية يتم نقلها إلى الدماغ من خلال أعصاب العصب الحائر والألياف العصبية المعوية. وهذا قد يشكل نظام استشعار غير تقليدي و«حاسة إضافية» تحدّ من التفاعلات بين النشاط الجرثومي ووظائف الدماغ.
ويعتقد الباحثون أن هذه الحاسة تلعب دوراً في تنظيم الهموم العقلية مثل القلق والاكتئاب، حيث رُبطت سابقاً اختلالات الأمعاء بمجموعة من اضطرابات المزاج والأمراض العصبية التنكسية. ويقول العلماء إن فهم هذه القناة الجديدة للتواصل العصبي يمكن أن يساهم في ابتكار علاجات تعتمد على تعديل ميكروبات الأمعاء لعلاج أمراض الجهاز العصبي.
وتلقي هذه الأبحاث الضوء على ضرورة إدراك أن أجسادنا تعتمد على نظام معقد ومتكامل يفوق الحواس الخمس التقليدية، حيث يتبادل الجهاز العصبي البشري رسائل مستمرة ومتنوعة مع الأعضاء الدقيقة من خلال إشارات غير مرئية. وهذا يكشف عن بعد جديد في العلاقة بين الصحة النفسية والميكروبات المعوية.
وفي المستقبل، تأمل الفرق البحثية في التوسع بدراساتها لاكتشاف كيف يمكن استغلال هذه الحاسة الجديدة في علاج أمراض مثل التوحد، الفصام، والتصلب اللويحي، فضلاً عن تحسين الأداء الإدراكي وتقليل التوتر والقلق عبر ضبط توازن بكتيريا الأمعاء.
وتمثل هذه النتائج ثورة في فهم التفاعل بين الإنسان والميكروبيوم، مؤكدة أن العلاقة بين أجهزتنا الحيوية هي علاقة ديناميكية وشديدة التعقيد، وهذا يتطلب إعادة تقييم نماذج العلاج والوقاية الصحية وفقاً للاتصال العصبي الجزيئي الدقيق بين الأمعاء والدماغ.