في تطوّر جديد في مجال تقنيات مراقبة كوكب الأرض من الفضاء الخارجي، قدّم القمر الاصطناعي «فاي سات 2» حديثاً، صورة مدهشة تُظهر جزيرة فيلكا الواقعة على بُعد نحو 20 كيلومتراً من السواحل الكويتية عند رأس الخليج العربي.

وتكشف الصورة الفضائية تنوّعاً بصرياً في ألوان المياه المحيطة بالجزيرة، من الأزرق العميق إلى الأخضر الفاتح، وذلك نتيجة لامتزاج الرواسب البحرية مع أنماط الرياح النشطة في المنطقة.

وطوال العام، تدفع الرياح الرمال والغبار الناتج عن أنشطة التخلص من التربة نحو الخليج، فتتراكم هذه الجزيئات كرواسب في المياه المحيطة بجزيرة فيلكا.

ولأن الجزيرة تقع مباشرة في مسار الرياح السائدة، تنشأ حولها أنماط دوامية مميزة تشكّل هذه التدرجات اللونية الخلابة التي التقطها القمر الاصطناعي.

وقد أُنجزت عملية تشغيل القمر الاصطناعي في الربع الثاني من العام الحالي، وبدأ منذ ذلك الحين في إرسال بيانات علمية تُستخدم في الرصد البيئي وإدارة الأراضي والخرائط الجغرافية.

وهذا القمر الاصطناعي هو من نوع «كيوب سات» (Cubesat)، ويحلّق على ارتفاع 510 كيلومترات، ومزوّد بجهاز تصوير متعدد الأطياف يعمل بسبعة نطاقات ابتداء من الضوء المرئي ووصولاً إلى الأشعة تحت الحمراء القريبة، وذلك بدقة تصوير أرضي تبلغ نحو 5 أمتار. ويتميّز هذا النوع من الأجهزة بقدرته العالية على مراقبة البيئة وتحليلها بدقة من المدار الفضائي. وتبرز الأهمية الأكبر لهذه المهمة في كونها مصمّمة لاختبار تقنيات الذكاء الاصطناعي المدمجة على متن ذلك القمر الاصطناعي، حيث أظهرت الصورة بعضاً من هذه القدرات، مثل تمييز وجود المحيط أو الغيوم، ورصد وتصنيف السفن تلقائياً.

وتظهر في الجزء السفلي من الصورة نقطة صغيرة ساطعة باللون الأحمر، وهي لسفينة تجارية تم التعرف عليها من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي.

ومن خلال التطبيق ذاته، يمكن للقمر الاصطناعي تحديد ما إذا كانت حركة المرور البحرية في منطقة معينة تتطلّب مزيداً من الرصد أو التدقيق، ما يعزز من إمكانات الرقابة المستقلة دون تدخل بشري مباشر. كما تشمل التطبيقات الأخرى على متن القمر الاصطناعي تقنيات لضغط الصور الفضائية، واكتشاف التلوث البحري والحرائق البرية، وتحليل المناطق المتضررة من الكوارث مثل الزلازل والفيضانات، وحتى تحويل الصور الفضائية إلى خرائط شوارع يمكن استخدامها من قبل فرق الطوارئ. ويعكس هذا الإنجاز مدى تطوّر استخدام الذكاء الاصطناعي في مراقبة كوكب الأرض، كما يُعد خطوة نحو الاستفادة الذكية من بيانات الأقمار الصناعية في الاستجابة للأزمات البيئية والبشرية، مع توفير رؤية فريدة لما يجري على سطح الأرض من ارتفاع مئات الكيلومترات.