مهنة الطب من أنبل المهن، ارتبطت بالرحمة قبل المهارة، وبالإنصات قبل الإجراء، يبرز فيها أطباء لا تميزهم أدواتهم بل إنسانيتهم، يعاملون الإنسان بما يليق به من تقدير واحترام، هؤلاء أطباء يُشرّفون مهنتهم، يتعاملون مع المريض بعاطفية وإنسانية، لا كحالة رقمية.

وفي الجهة المقابلة، نسمع كثيراً عن طبيب اعتبر مهنته مجرد وظيفة مادية لم يعطها حقها الإنساني، كأن الذي يزوره زبون لمعاملة تجارية، لا مريض يحتاج رعاية صحية.

لقد أهان هؤلاء كلمة طبيب لكسلهم وإهمالهم الذي لم يداو جروح المريض، بل زادها، ومنهم من قضى على المريض تماماً، هؤلاء الأطباء الذين يجهزون (الروشتة) مع بداية جلوس المريض وقبل الفحص، لإنهاء الجلسة وعدم الرغبة في سماع تفاصيل لراحته الذهنية، فيجعلونك لا تتقبل الجلسة، وبذلك يصد الناس عن الأطباء بشكل عام لإهمالهم.

ليس العلاج بورقة يكتب عليها اسم الدواء، حتى صار الناس يشترون الدواء مباشرة من الصيدلية بنصائح المجرب بدلاً من زيارة طبيب يسبب الصداع؛ لأنه طبيب يعطي دواء واحداً يظنه مناسباً لكل الأمراض، قبل التحقق من نوع المرض؛ فإنه يكتفي بكلام المريض أو علامات، ولا يستخدم أي أداة ولا فحوصات! حتى تدمرت الحالة ووصلت إلى غياب الوعي والدخول في أزمات.

كثير منا يتجه إلى أطباء بلا جدوى، وتزداد الآلام مع تغير الأدوية، لما في ذلك من عشوائية، وقد يتسبب ذلك في ظهور مرض آخر مع كثرة الأدوية غير المناسبة، والأخطر أن تكون النتيجة سلبية عندما يتولد منها أمراض مزمنة.

صرنا اليوم نجتهد للبحث عن الطبيب الذي يستحق تلك الكلمة، ولا نُقبل على طبيب إلا بعد السؤال عن مستواه من الذي سبقنا في التجربة، لمعرفة الطبيب الماهر صاحب الضمير، والمعاملة الطيبة، لا شك أن الطبيب الناجح صادق في عمله دقيق في وصف الدواء، فقد يكون المرض بسيطاً يحتاج إلى علاج خفيف كالمسكنات، وقد تشير الأعراض إلى مرض أكبر يحتاج إلى استشارات، فإنه يحولك إلى المتخصص، ولا يفكر أن تحويله للمتخصص فيه تقليل من شأنه وعلمه أمام الناس؛ فإن الدقة ضرورة، إن أهملها الطبيب زاد المرض.

العلاج يؤخذ من الطبيب المتخصص الذي يهتم بعمله، الذي يستمع إليك بسعة صدر حتى لو تكررت الزيارات، لتأخذ منه العلاج المطلوب حتى لو طالت الجلسات، خصوصاً في الأمراض المعقدة.

اختيار الطبيب لا يكون لشهادته العالية، وإنما من سمعته الطيبة، وبنصيحة من شخص ضاع بين الأطباء وجرب أنواعاً من الدواء، حتى وصل إلى أفضلهم؛ فالمجرب يدلك على طبيب ثقة تتجه إليه بلا عناء، ونسأل الله تعالى الشفاء لكل من أصيب بداء.