إن أردنا أن يكون حوارنا مثمراً فلابد من التواضع؛ لأنه أساس في نجاح كل حوار، كذلك من المهم أن نتحاور على أساس وجود خلاف وتباين في الأفكار أو المواقف أو المصالح، ولولا التباين المشار إليه لكان الحوار مُمِلاً وعقيماً، فالتطابق في وجهات النظر قد يدل على جمود الفكر، أو على الإغراق في التقليد، أو أنّ المتحاورين ليسوا في الأساس أصحاب قضية تستحق الاختلاف والحوار.
إنّ أفكار كل واحد منّا عزيزة عليه، ومع الأيام قد تصبح جزءاً من التكوين المعنوي للذات، ولهذا فإنّ أحدنا كثيراً ما يشرع في حوار وهو خائف من الخسارة والانقلاب على الذات، وهذا يعني أن يستهدف كل واحد من المتحاورين استمرار الحوار من خلال طمأنة صاحبه بسبب ما في الحوار من لطف واحترام متبادل وسماحة وانتقاء دقيق للكلمات، والحوار ليس مصدراً لاستنزاف الأفكار والمعتقدات الشخصية، وإنّما لإثرائها والارتقاء بها.
إن الحوار شيء أساسي ومهم في حياتنا، فهو ليس للتفكّه وإنما ضرورة لأنه طريق النضج والارتقاء بالأفكار، وقد قيل: إنه حين تحتك فكرتان تتولد منهما فكرة ثالثة هي أرقى منهما، ولهذا فإن علينا النظر إلى الحوار على أنه من العصف الذهني والإخصاب الفكري، وليس صراعاً من أجل إثبات الجدارة الشخصية. والحقيقة أن احتكاك الأفكار بعضها مع بعض يُعدّ وسيلة مثلى لتشذيبها وتخليصها من التطرف الذي قد يشوبها، بما يمنحها من التوازن والملاءمة.
M.alwohaib@gmail.com
mona_alwohaib@