الإنسان روح وجسد، ومعنى ومبنى، وظاهر وباطن، وكما أن الجسد لا يحيا ولا يستمر في الحياة من غير توفير احتياجاته من الأكل والشرب واللباس، كذلك الروح لا تستطيع الاستمرار في حيويتها وشفافيتها وممارسة دورها إلا في توفير السعادة والطمأنينة وسد حاجاتها. إذا كان الجسد يتغذى على الطعام المحسوس، فإن الروح تتغذى على المعاني والرمزيات، ومصدر طاقتها وانتعاشها الأساسي هو ذلك المحصول من المشاعر والعواطف النبيلة التي تولدها الأنشطة التعبدية من صلاة وصيام وصدقات وصلة أرحام وذكر لله تعالى وقراءة القرآن، وأنشطة ذات نفع للعباد، كقضاء الحاجات وغيرها.
الأنشطة التعبدية التي تمد أرواحنا بالمعاني والمشاعر الجميلة لا تقوم من غير إيمان قوي بالله تعالى، واستسلام لأمره والاعتقاد بوجوب طاعته والوقوف عند حدوده، من هنا يمتلك الإنسان كل مقومات إنعاش الروح، وللاستفادة من تلك المقومات لابد من الاهتمام بها ومجاهدة النفس، لتعمل صالحاً وتنتعش، وتشعر بالسكينة والطمأنينة.
جاءت أيام العشر من ذي الحجة فطمأنت القلوب، وزال القلق والاضطراب، وشعرنا بالأنس والفرح كلما كبّرنا وهللنا وذكرنا الله تعالى، لأن ذكره سبحانه جدير بتوفير ما تحتاجه الروح من الطمأنينة والأمان، والعمل الصالح بكل أنواعه يشكل كهف سكينة وأمان للإنسان، لأنه يكسبه الأجر في الآخرة، والشعور بالسرور والأمان في الدنيا والآخرة.
نحن في حاجة إلى توفير قوت وفير للروح، وإنشاء تيار روحي قائم على إجلال الله تعالى وتعظيمه، والحرص على اتباع رسوله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، كما يقوم على التعامل مع الشأن الأخروي على أنه الأهم والأولى بالرعاية، وهذا التيار يتكون من تلك الكثرة العامرة التي تُثبت بسلوكها أن خدمة الروح ليست أقل من خدمة الجسد.
M.alwohaib@gmail.com
mona_alwohaib@