إنّ الدعوة بتهجير الشعب الفلسطيني من دياره ليست فكرةً جديدة بل هي هدف طالما كرر الكيان الصهيوني الغاصب تحقيقه بذريعة تحقيق السلام واستقرار المنطقة، وفي الحقيقة لم يشعل الكيان المحتل تلك الحروب والجرائم والانتهاكات إلّا ليُجلي الفلسطينيين عن أرضهم طوعاً أو كرهاً، ولكن الإرادة الشعبية لهذا الشعب العظيم تأبى الانكسار والاستسلام والرضوخ للقوى المحتلة.

فمنذ نكبة 1948، حاول الكيان المحتل تهجير ما يقارب 750 ألف فلسطيني من ديارهم وإجبارهم على النزوح في ما سمي «بالأماكن الآمنة» والتي في واقعها أبعد ما تكون عن الأمن والأمان... ولكن الشعب الفلسطيني رغم عدم احترام قادة الكيان للمواثيق الدولية وقوانينها إلا أن القيادة الفلسطينية تمسّكت بتلك القوانين والمواثيق ولجأت إلى الأمم المتحدة التي أصدرت قرارها رقم 194، المُؤكد لحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى أراضيهم وبيوتهم... وبطبيعة حال الكيان الإجرامي فإن هذا القرار الأممي لم يُنفذ حتى يومنا هذا.

وفي عام 1955، اقترح الكيان المحتل بدعم من دول أخرى توطين الفلسطينيين في شمال سيناء، ولكن الرئيس السابق جمال عبدالناصر، رحمه الله، واجه هذا المقترح برفضٍ قاطع وحازم... ورفض أشد من القيادة الفلسطينية آنذاك.

وبعد حرب الأيام الستة عام 1967، التي احتل فيها الكيان الصهيوني الضفة الغربية وقطاع غزة «الذي كان تابعاً للإدارة المصرية» والقدس الشرقية «التي كانت تابعة للإدارة الأردنية» فقد أدى ذلك الاحتلال إلى تهجير قسري للفلسطينيين إلى مصر وسوريا والأردن. ولم يستسلم الشعب الفلسطيني البطل لتك المحاولات وقاوم بكل عزمٍ وبسالة.

وكذلك في أعقاب الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1993 – 1987) استمرت محاولات التهجير بدعوات من قوى سياسية صهيونية على رأسهم رحبعام زئيفي، الذي دعا بشكل صريح وعلني أن المنطقة لن يسودها السلام إلا بترحيل الشعب الفلسطيني إلى إحدى الدول العربية... وقد قوبل مشروع زئيفي، بالرفض والتنديد من القوى السياسية الفلسطينية والحكومات العربية والإسلامية والعالمية.

وبسبب هذه الدعوات والمحاولات المتكررة من الكيان المحتل بتهجير الشعب الفلسطيني الأعزل جاءت فكرة عقد مؤتمر في أوسلو، والذي نتجت عنه اتفاقية أوسلو 1993، التي تؤكد على ضرورة حل القضية الفلسطينية عبر المفاوضات وليس التهجير المزعوم.

ولهذه الأسباب ولقطع دابر فكرة التهجير التي تراه إسرائيل هدفاً وليس وسيلة لتحقيق السلام تبنت القمة العربية في بيروت عام 2002، مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، حينما كان ولياً للعهد. والتي تنص على إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود عام 1967، وعودة اللاجئين الفلسطينيين وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان السورية المحتلة.

ولكن كان رد الكيان الصهيوني على هذه المبادرة بلسان أرييل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، هو الرفض القاطع لهذا الاقتراح... ما يدل على أن الكيان إنما يشعل الفتن والحروب ويفتعل لا أقول الأزمات بل يفتعل الكوارث والجرائم حتى يتمكن من تحقيق الهدف الذي يصبو إليه وهو تمشيط الأراضي الفلسطينية بالكامل من الشعب الفلسطيني أجمع.

X: @Fahad_aljabri

Email: Al-jbri@hotmail.com