تعرضت البورصات العالمية في جلسة الأربعاء لموجة خسائر حادة، حيث سجلت «وول ستريت»، تراجعات جماعية شهدتها الشركات الكبرى المدرجة، في تهاوٍ كبير لم تشهده البورصة منذ أزمة الأسهم في الخامس من أغسطس الماضي، فيما انعكست هذه الموجة على الأسواق الخليجية لتتكبد مجتمعة خسائر بقيمة 23.5 مليار دولار.
وعالمياً كان لافتاً الخسارة الكبيرة التي تعرضت لها شركة إنفيديا المدرجة في «وول ستريت»، حيث سجلت أكبر انخفاض لسهم أميركي تاريخياً في جلسة الثلاثاء، بخسارة 279 مليار دولار تعادل 9.53 في المئة من إجمالي قيمتها السوقية البالغة 2.65 تريليون أي ما يعادل نحو 3.5 ضعف ميزانية الكويت المقدرة عن السنة المالية الجارية والبالغة 24.5 مليار دينار، تعادل نحو 80 ملياراً.
وبهذه القيمة أصبحت خسارة «إنفيديا» الأكبر لأي شركة أميركية، بعد أن كان الرقم القياسي السابق مسجلاً لشركة «Meta»، الشركة الأم لفيسبوك، والتي عانت من انخفاض في القيمة بقيمة 232 مليار دولار في يوم واحد في فبراير 2022، ما دفع وزارة العدل الأميركية إلى إرسال مذكرات استدعاء إلى «إنفيديا» وشركات أخرى، للحصول على أدلة على أن شركة صناعة الرقائق انتهكت قوانين مكافحة الاحتكار.
وبختام تعاملات السوق الأميركي الثلاثاء، انخفضت ثروة الرئيس التنفيذي لـ«إنفيديا» جينسن هوانغ، بنحو 10 مليارات دولار، إلى 94.9 مليار أي إلى أدنى مستوى لها.
ويبدو أن الضربة تجددت في الثالث من سبتمبر حيث هبطت«ASML» بـ 6.4 في المئة و«TSMC» بـ 6.5 في المئة وسط تداولات شهدت هبوطاً جماعياً للسوق الأميركي وذعراً تاماً، فيما يقول المحللون في بنك «UBS» إن أسهم أشباه الموصلات تعرضت لضغوط حادة كجزء من التصحيح الأوسع نطاقاً في قطاع التكنولوجيا في أوائل أغسطس.
وجاء الهبوط التاريخي في أسواق الأسهم العالمية والإقليمية وسط تخوف من دخول الاقتصاد الأميركي حالة ركود، حيث انعكست تلك الأجواء على مؤشرات البورصات الأميركية والأوروبية وعلى رأسها مؤشرات «داو جونز» و«إس آند بي».
وبالنظر إلى ما فقدته «انفيديا» من قيمتها السوقية، الخاصة بالحواسب الآلية المتخصصة في الرسوم والجرافيك، فيما كان للاستدعاء الذي تلقته الشركة من وزارة العدل كجزء من تحقيق مكافحة الاحتكار التأثير الأكبر في المشهد الحالي.
وعلق الرئيس التنفيذي لشركة NeoVision لإدارة الثروات، الدكتور ريان ليمند، بأن التراجعات القوية في أميركا سببها التقييمات المرتفعة لأسهم التكنولوجيا، مضيفاً في مقابلة مع «العربية Business» أن ما يحصل مع «إنفيديا» مشابه لما حصل مع «مايكروسوفت» وتسبب بانفجار «فقاعة الدوت كوم».
وانخفضت أسهم أشباه الموصلات العالمية والأسهم المرتبطة بها أمس الأربعاء، في أعقاب انخفاض حاد في سعر لسهم «إنفيديا» في الولايات المتحدة بين عشية وضحاها.
وعلى صعيد الأسواق الأوروبية، انخفضت الأسهم بشكل حاد عند بدء التداول بجلسة الأربعاء بعدما هزت المخاوف من تباطؤ وشيك في الولايات المتحدة الأسواق العالمية، في الوقت الذي يترقب فيه المستثمرون المزيد من البيانات الاقتصادية من منطقة اليورو.
أسواق الخليج
وخليجياً استقبلت أسواق المال الهبوط العالمي بخسائر واضحة، حيث تكبدت خسائر إجمالية خلال الجلسة الأخيرة بلغت 23.512 مليار دولار تعادل 0.6 في المئة، (حسب كامكو انفست) إذ جاءت السوق السعودية في المقدمة بتراجع في قيمتها السوقية بلغ 20.549 مليار، ثم قطر بـ 863 مليوناً، وأبوظبي بـ 732.2 مليون، ثم بورصة الكويت 637.19 مليون، وسوق دبي بـ 582.9 مليون، والبحرين بـ 145.58 مليون وأخيراً عُمان بخسارة تبلغ 2.22 مليون.
الأسواق الآسيوية
وتراجعت الأسهم الآسيوية بعد أن سجلت «وول ستريت» أسوأ يوم لها منذ تراجع يوم 5 أغسطس، وقادت سوق اليابان التراجع، حيث انخفض مؤشر «نيكاي 225» بأكثر من 3 في المئة، كما تراجعت الأسهم في أستراليا وكوريا الجنوبية، في حين أشارت العقود الآجلة إلى خسائر في هونغ كونغ.
و تراجعت العقود الأميركية في التعاملات الآسيوية المبكرة بعد انخفاض مؤشر «إس آند بي 500» بأكثر من 2 في المئة، حيث قادت شركة «إنفيديا» هبوطاً في أسهم التكنولوجيا، وجاء العزوف عن المخاطرة مع ارتفاع الين، وتراجع مؤشر التصنيع الأميركي، الذي تتم مراقبته عن كثب، مجدداً دون التوقعات. كما أعادت عمليات البيع في أسهم التكنولوجيا إثارة المخاوف في شأن الهوس غير المبرر بالذكاء الاصطناعي.
«إنفيديا» شركة بلا مصنع
تعد «NVDA» واحدة من أكبر الشركات على مستوى العالم في تصميم وإنتاج المعالجات، الخاصة بالحواسب الآلية المتخصصة في الرسوم والجرافيك، وكذلك في تصميم وإنتاج شرائح المعالجة الخاصة بأنظمة ألعاب الفيديو الكبرى عالمياً، مثل البلاي ستيشن والاكس بوكس والسيجا وغيرها، وأيضاً تصمم المعالجات الخاصة بأجهزة الاستقبال الرقمي والديكودارات وأجهزة التلفزيون الذكية، وغيرها من الأجهزة الإلكترونية التي تحتاج إلى معالجات.
وتعتبر «إنفيديا» شركة بلا مصنع، لأنها بالفعل ليس لديها مكان للتصنيع ولا أدوات تصنيع، فهي شركة متخصصة في «التصميم» وليس التصنيع، ويعمل بها آلاف الموظفين.
«إس آند بي» و«ناسداك»
انخفض مؤشر «إس آند بي 500» إلى نحو 5530 نقطة، بينما خسر مؤشر «ناسداك 100» أكثر من 3 في المئة، حيث تراجعت أسهم.
واستقرت عوائد السندات الأميركية لأجل 10 سنوات بعد انخفاضها سبع نقاط أساس إلى 3.83 في المئة، وخسرت السندات الأسترالية المكافئة 7 نقاط في وقت مبكر من أمس، وارتفع الين، حيث أكد كازو أويدا محافظ بنك اليابان أن البنك سيواصل رفع أسعار الفائدة إذا كان أداء الاقتصاد والأسعار كما هو متوقع.
«بتكوين» لم تسلم
لم تسلم عملة «بتكوين» من هزة أسواق الأسهم العالمية حيث سجلت تراجعاً إلى أدنى مستوى خلال شهر وسط تراجع واسع النطاق للاستثمارات ذات المخاطر العالية في الأسواق العالمية، نتيجة المخاوف المتعلقة بالتوقعات الاقتصادية.
وانخفض أكبر الأصول الرقمية بأكثر من 4 في المئة قبل أن تقلص بعضاً من خسائرها لتتداول عند 56635 دولاراً. كما تكبدت معظم العملات المشفرة الأخرى، بما فيها «إيثريوم»، خسائر مماثلة.