شكّلت الاضطرابات التي يموج فيها العالم، سواء لجهة العمليات العسكرية في البحر الأحمر أو الحرب في أوكرانيا وأزمة الشرق الأوسط المتأزمة، تهديداً جدّياً على سلاسل التوريد والإمدادات العالمية؛ التي تعاني أصلاً من حالة عدم استقرار منذ أزمة «كورونا» والإغلاقات في مختلف أنحاء الكرة الأرضية، الأمر الذي قاد إلى ارتفاعات بأسعار السلع ومعدلات التضخم على مستوى العالم.
ولم تكن الكويت بمنأى عن تأثير مثل هذه المخاطر والتعقيدات التي أحاطت بالعالم، حيث أكد خبيران في المجال ارتفاع أسعار المواد الغذائية في البلاد خلال النصف الأول من العام الجاري، نتيجة لارتفاع تكاليف الشحن والنقل وتضخم أسعار السلع في الدول المنتجة، إضافة إلى قلة الإنتاج العالمي وتأثير تغيرات المناخ على بعض المنتجات.
ولفتا لـ «الراي»، إلى أن هذه الارتفاعات أثرت بشكل مباشر على المواطن والمستهلك، عبر زيادات مسّت أسعار عدد من المواد الأساسية، مشددين على أهمية اتخاذ إجراءات لتخفيف الأعباء على المواطنين، من شاكلة تطبيق سياسات تكبح ارتفاع الأسعار، ودعم المزارعين لتعزيز الإنتاج المحلي، والعمل على تحسين البنية التحتية للشحن والنقل لتقليل تكاليفه، إضافة إلى تقنين توزيع الدعم ليصبّ في اتجاه محتاجيه من أسر المواطنين أصحاب الدخل المحدود.
صعوبة الحصر
في البداية، أشار رئيس مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك، مشعل المانع، إلى صعوبة حصر عدد السلع الغذائية التي زادت أسعارها بدقة، مستدركاً بأن من الممكن رصد زيادة في أسعار بعض السلع الأساسية في الكويت؛ نظراً للوضع العالمي.
وأوضح المانع أن الأسباب وراء هذه الزيادات تتعلق بعوامل عديدة، منها ارتفاع تكاليف الشحن والنقل على المستوى العالمي، إضافة إلى تأثير الأزمات السياسية العالمية وما نجم عنها من حروب أعاقت تدفق الإمدادات، ناهيك عن تذبذب أسعار الطاقة، مؤكداً أن هذه العوامل هي معظمها عالمي، لكن هناك عوامل محلية قد تؤثر بشكل غير مباشر، مرتبطة بالسياسات الاقتصادية الكلية وتقلبات العملة.
وأشار إلى أن نسبة الزيادة في أسعار السلع الأساسية تختلف حسب السلعة والسوق، لكن يمكن القول إن هناك زيادة تتراوح بين 10 إلى 30 في المئة في بعض الحالات، وقياس ذلك يعتمد على السلع والموردين وتكاليف الإنتاج.
وأكد أن هذه الزيادات تؤدي إلى زيادة تكاليف التشغيل في المطاعم، ما قد يدفعها إلى رفع أسعار الوجبات أو تقليل حجمها لمواجهة هذه التداعيات، مبيناً أنه يمكن تشجيع المواطنين على البحث عن بدائل محلية أقل تكلفة، كما يمكن دعم التعاونيات والمبادرات التي تهدف إلى توفير السلع بأسعار معقولة.
وشدد المانع على ضرورة أن تتخذ الحكومة إجراءات لتخفيف الأعباء على المواطنين، مثل تقنين تقديم الدعم وقصره على الأسر ذات الدخل المحدود، وتطبيق سياسات تكبح الأسعار، ودعم المزارعين المحليين لتعزيز الإنتاج، إضافة إلى العمل على تحسين البنية التحتية للشحن والنقل لتقليل تكاليف النقل.
زيادات كبيرة
من جهته، قال رئيس اتحاد المطاعم والمقاهي والتجهيزات الغذائية فهد الأربش، إن أسعار المواد الغذائية في الكويت حققت زيادات كبيرة خلال النصف الأول من العام الجاري، بلغت في بعض السلع إلى 30 في المئة، مبيناً أن هذه الزيادات بسب عدد من العوامل، على رأسها زيادة التضخم العالمي في أسعار الأغذية، وارتفاع تكاليف الشحن والنقل، والقرارات التي صدرت من بعض الدول بخفض تصدير بعض المنتجات الغذائية للمحافظة على أسعارها محلياً.
وأضاف الأربش أن بعض السلع شهد زيادات خاصة، مثل الزيادات التي طالت أسعار الدجاج المثلج بسبب قلة الإنتاج العالمي، ليرتفع «البرازيلي المستورد» من 600 فلس إلى 900 فلس، كما زاد المحلي من دينار إلى دينار 250 فلسا، لافتاً إلى أن الأرز زاد بنسب كبيرة أيضاً بسبب تحديات التغير المناخي التي أثرت على زراعته عالميا، إضافة للزيادة غير المسبوقة التي شهدتها أسعار حبوب الكاكاو منذ بداية 2024، بفعل عوامل عدة من بينها تفاقم انتشار الأمراض في المزارع الصغيرة في غرب أفريقيا وتغير المناخ، إضافة إلى تعقيدات سوق العقود الآجلة.
وأشار إلى أن هذه الزيادة شكلت عبئاً على أصحاب المطاعم الذين أصبحوا بين مطرقة زيادات أسعار المنتجات وسندان رقابة وزارة التجارة والصناعة الصارمة، التي تمنع حدوث أي زايادات في أسعار الوجبات المقدمة، موضحاً أن المطاعم لا تستطيع رفع أسعارها بناء على القائمة المقدمة للوزارة، إلا بعد الرجوع إلى «التجارة» للتعديل على القائمة وأخذ موافقتها في هذا الشأن، ومن يخالف ذلك تتم إحالته إلى النيابة التجارية بتهمة الغش التجاري.
تسعيرة مطاعم الكويت الأقل خليجياً
شدد الأربش على أن أفضل الطرق لمحاربة الغش في المطاعم، إنْ وُجد، هو تحرير أسعار الوجبات المقدمة، لاسيما أن أسعار بعض الوجبات المقدمة في المطاعم لم تتغير منذ الثمانينيات، مثل «المشاوي» وبعض الشطائر التي حُدّد سعرها بـ100 فلس، وهذا أمر يؤثر بالضرورة على جودة المنتج، مؤكداً أن أسعار المطاعم في الكويت تعدّ الأقلّ مقارنة ببقية دول الخليج التي انتهجت سياسة تحرير الأسعار.
تدابير للسيطرة على الأسعار
• تطبيق سياسات تكبح ارتفاع الأسعار
• دعم المزارعين لتعزيز الإنتاج المحلي
• العمل على تحسين البنية التحتية لتقليل تكاليف النقل
• تقنين توزيع الدعم ليصبّ في اتجاه من يحتاجه