الشورى قاعدة عظيمة في حياة الأمة الإسلامية أشار إليها القرآن الكريم في آيتين: (وأمرهم شورى بينهم)، وقوله تعالى: (وشاورهم في الأمر) استوعبت الآيتان النظام المناسب والإدارة العادلة لشؤون البلد وكل ما فيه صلاح المجتمع، والذي لخصه الفقهاء بـ: جلب المصالح ودرء المفاسد؛ فإنّ طَلَب رأي الشعب في أمور البلد أصل ونظام عام للحكم في الإسلام من زمن رسولنا الكريم حتى يومنا هذا... والاستشارة لا تكون إلا من النخبة الذين اختارهم الشعب ليمثلونهم ويوصلون آراءهم، ولا يستحق هذا المنصب إلا ذو عدل وعلم وخبرة في هذا المجال مع الحكمة والعقل الراجح والقدرة على المواجهة وإبداء الرأي حتى لو خالف الأغلبية لكي يحقق النتائج المطلوبة، وذلك بإعطاء الأصوات لأصحاب الكفاءة الذين يُعتمد عليهم في رعاية مصالح البلد وتدبير أمورها؛ إلا أن الغالب اليوم هو اختيار الأقارب وأبناء المنطقة والقبيلة ومن يتسترون وراء أفكار وأحزاب، ولا يفقهون القيادة والتخطيط والعمل السياسي، وكثير منهم يقولون ما لا يفعلون، فالغرض هو الوصول للسلطة فقط.

هذا واقع لا يمكن إنكاره، وقد ظهر ذلك من خلال خلافات الأعضاء في البرلمان حول قضايا وأمور محلية تصل إلى تشاجر النواب وعلو الأصوات وسوء الألفاظ عند حصول النقاش بين المعترض والمؤيد، وتتحول جلسة الاستماع والحوار إلى تعارك وفك اشتباك، ويفقد المجلس هيبته.

نجاح المجلس عند اختيار الشخصيات المناسبة لقيادة الشعب والقادرة على التواصل مع أفراد الشعب وبناء العلاقات معهم لتحقيق مطالبهم، ومن لهم نظرة مستقبلية وشمولية ومعرفة ودراية مسبقة بكل ما ينفع الوطن، والعمل من أجل مصالح عامة الشعب لا لمصالح خاصة.

والفرد يعلم ان صوته أمانة فيختار الأفضل، وعلى العضو أن يقدّر نفسه إن كان أهلاً لهذه المسؤولية، وقادراً على حفظ الأمانة؛ فإذا عُرضت عليك أمانة المنصب وحمَلتها، فتذكر أنها تكليف ستسأل عنه يوم الدين، وليست تشريفاً لتعلو بها أمام الناس.