فيما قرّر بنك الكويت المركزي رفع سعر الخصم بواقع 50 نقطة ليصل إلى 3.5 في المئة، لم يواز ذلك رفعاً مقابلاً في تسعيرة الودائع مثلما تقرّر المرة الماضية، وتحديداً في 22 سبتمبر عندما زاد «المركزي» سعر الخصم ربع نقطة ليصل وقتها إلى 3 في المئة.

فحتى أمس لم يصل البنوك أي توجيه رقابي يفيد بضرورة رفع فائدة الودائع بمعدل مواز لنسبة القروض كما درج التقليد في المرات الأخيرة، ما يؤمّن مصرفياً هامش ربحية مناسب يسهم في تخفيف الضغوطات على البنوك، المتأتية من ضيق الهامش بين تسعيرها للودائع والقروض بالفترة الأخيرة، كما أن ذلك يحقق أريحية إضافية للبنوك التي تميل إلى ترك تحديد سعر الفائدة على الودائع إلى آلية العرض والطلب في السوق.

رفع أُحادي

وفي هذا الخصوص، تؤكد مصادر مصرفية أن قرار «المركزي» هذه المرة، والذي تبنى رفعاً أُحادياً لفائدة القروض، يعكس استجابة رقابية لتعزيز النهج المتوازن والمتدرج الذي يتبعه البنك منذ أشهر، والذي تضمن معاكسة تاريخية لاتجاه الفائدة الأميركية، والتي باتت أعلى من معدل سعر الخصم في الكويت.

وفيما يؤكد «المركزي» على أن سياسته تهدف لتكريس الاستقرار النقدي والاستقرار المالي لوحدات القطاع المصرفي والمالي، مع المحافظة على تنافسية العملة الوطنية وجاذبيتها كوعاء مجـزٍ وموثوق للمدخرات المحلية، وتعزيز الأجواء الداعمة للنمو الاقتصادي المستدام، لم تخلُ نقاشات الاجتماع الأول لمجلس إدارته من طرح توصية بضرورة عدم الانكشاف مستقبلاً على هامش أكبر بين فائدة «الفيديرالي» والكويت.

ومن المرتقب أن يعقد «الفيديرالي» اجتماعاً بين 13 و14 من الشهر الجاري، حيث يرجح إقراره زيادة الفائدة بواقع 50 نقطة، ما يجعل السؤال مشروعاً عن موقف «المركزي» وما إذا كان سيتبع الزيادة المرتقبة مباشرة ولو تدريجياً، أخذاً في الاعتبار أنه في حال عدم تتبعه سيعود الهامش مجدداً بين الفائدتين بواقع 100 نقطة وتحديداً إذا أقر «الفيديرالي» زيادة الفائدة نصف في المئة.

الاجتماع الأول

يذكر أن اجتماع مجلس إدارة «المركزي» الذي عقد أول من أمس وتضمن إقرار رفع الفائدة يعد الأول بتركيبته المعينة حديثاً، في ما يعد الرفع الأول منذ أن قرر «الفيديرالي» في 2 نوفمبر الماضي رفع أسعار الفائدة 75 نقطة، لتصل نحو 4 في المئة، وبذلك بات اتساع الهامش مع سعر الخصم في الكويت مقدراً بواحد في المئة قبل أن يتقرر رفع سعر الخصم بواقع نصف في المئة ليضيق الهامش بين الفائدتين لنحو 50 نقطة.

على صعيد متصل، كشفت المصادر أن بنك الكويت المركزي استشرف في الفترة الأخيرة رأي مسؤولي البنوك الكويتية في التطورات الأخيرة التي طرأت على السياسة النقدية، وأن ذلك جاء بشكل منفصل، في خطوة لاقت استحساناً مصرفياً واسعاً.

ولفتت المصادر إلى أن «المركزي» استمع إلى آراء البنوك في مسائل تتعلّق بالقرارات النقدية الأخيرة المرتبطة بأعمال قطاع الخزينة، فيما طلب إفادته بأي وجهات نظر أو مخاوف مصرفية إن وجدت، مع تحديد أهم التحديات التي تواجه البنوك في هذه الدائرة.

تسعير الفائدة

وأشارت المصادر إلى أنه بدا واضحاً أن الحديث عن اتجاهات الفائدة مستقبلاً هو أكثر ما يشغل البنوك في الفترة الأخيرة، لا سيما بعد أن قرر «المركزي» التخلي عن سياسة التتبع المستمر لخطوات «الفيديرالي» مثلما تفعل البنوك المركزية الخليجية في ما يتعلق بتسعير الفائدة بأسواقها.

وذكرت أن ضمن النقاط الرئيسية التي لم يستطع صانعو السياسة المصرفية القفز عليها في الفترة الأخيرة ضيق الهامش بين سعر الفائدة على القروض والودائع، للدرجة التي اضطرت فيها بعض البنوك لردم الفجوة بين التسعيرين في مسعى منها لزيادة منسوب السيولة المستقرة في محافظها، والحفاظ على عملائها من الهجرة العكسية، وسط التنافسية المصرفية التي تزايدت أخيراً على استقطاب الودائع.

ولم يخلُ النقاش الرقابي المصرفي من الاطمئنان على حركة الودائع خلال الفترة الماضية سواء المقومة بالدينار أو بالدولار، وتحديداً منذ أن قرر «المركزي» اتباع التدرج في سياسته النقدية عند تحديد سعر الفائدة، وهو ما ردت عليه جميع البنوك أنه لم تلحظ أي نشاط معتاد في حركة الودائع من الدينار إلى الدولار.

عمليات المبادلة

ولفتت إلى أن جميع عمليات المبادلة من الدينار إلى الدولار جاءت مستقرة، ووفقاً للنشاط الاعتيادي، ولم تتضمن أي مؤشر على وجود نشاط غير طبيعي بهذا الاتجاه، وهو اعتبار إضافي يؤكد حتى الآن سلامة النهج الذي يتبعه «المركزي» في تحديد سعر الفائدة محلياً.

وحسب تصريحات «المركزي» يعتمد تقديره في شأن تحريك سعر الخصم على قاعدة بيانات اقتصادية حديثة محلية وعالمية تساعد في تحديد معدلات الأداء الاقتصادي، بما في ذلك مستويات النمو والتضخم، ومؤشرات السيولة المحلية، وحركة الودائع، وأسعار الفائدة على الدينار والعملات الأجنبية، واتجاهاتها المتوقعة في ضوء مواجهة آثار وانعكاسات أي متغيرات أو تطورات قد يشهدها الاقتصاد المحلي.

وبيّن أن ما يتخذه من إجراءات تدخل في السوق النقدي في إطار تنفيذ عمليات السياسة النقدية باستخدام مختلف الأدوات التي تستهدف تنظيم مستويات السيولة في القطاع المصرفي، تستند في أساسها على القراءة الفاحصة لأحدث البيانات والمعلومات الاقتصادية محلياً وعالمياً.