لحظات عصيبة إبان الغزو العراقي الغاشم عاشها مدير أمن الأحمدي اللواء حقوقي وليد أحمد الشهاب، روى تفاصيلها لـ «الراي»، مستذكراً إلقاء القبض عليه من جنود الاحتلال والتحقيق معه، وتمكنه من الإفلات منهم وبقائه في الكويت إلى أن تم توجيه ضربة عسكرية للقوات العراقية توجت بالتحرير، ومن ثم التنسيق لحفظ الأمن والنظام بمدينة الكويت وتلقى أي شكاوى اعتداء أو سرقات.

وقال اللواء وليد الشهاب لـ «الراي»: «تخرجت بتاريخ 24/ 1/ 1990 من أكاديمية سعد العبدالله برتبة ملازم، وشغلت منصب ضابط مخفر المدينة إلى تاريخ 2/ 8/ 1990، يوم الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت حيث كان زامي صباحاً، وذهبت إلى المخفر ولاحظت الفوضى في الطريق، ووجدت الكثير من السيارات متوقفة في الطرقات، وعند وصولي إلى المخفر، وتحديداً عند الساعة الخامسة صباحاً وجدت قائد منطقة المدينة العقيد جاسم المزيدي، ورئيس مخفر الصالحية الرائد شريدة الفضلي وعدداً من الزملاء، حيث مكثنا داخل المخفر بانتظار التعليمات، ثم صدرت التعليمات في اليوم التالي صباحاً بالانصراف من المخافر لحين صدور أوامر أخرى».

وأضاف «قمت مع مجموعة من الأصدقاء باستخراج دفاتر مركبات لزملائنا الضباط لفترة طويلة الى أن تم ضبطي والقبض عليّ بمدخل منطقة مشرف (قطعة 5)، من قبل نقطة التفتيش، وعند الساعة الثالثة عصراً لم أكن أعلم بأن النقاط وضعت لضبطي وبتفتيش سيارتي تم العثور على دفاتر مركبات فارغة ومنشورات بعدم التعاون مع الجيش العراقي وهي من المنشورات التي كانت توزع في بداية أيام الغزو، وذلك بتاريخ 20/ 11/ 1990 وتم القبض عليّ واصطحابي بمركبتي مع ضابط وعسكري وذهبت برفقتهم، وعند مرورنا بشارع عمان في منطقة السالمية نزلت مسرعاً من المركبة ودخلت إحدى البنايات المجاورة للاحتماء بها، وأطلقوا عليّ النار، ولكن لم يتم القبض عليّ ولم تصبني تلك الطلقات إلى أن تمت محاصرة البناية والقبض عليّ مرة أخرى، ثم اصطحبني أحد كبار الضباط الموجودين في مقر التفتيش بمطافئ السالمية حينها بمركبتي مع عسكريين إلى قصر السلام في منطقة الشويخ للتحقيق معي ثم توجهوا بنا إلى النادي العربي، وتم حجزي لمدة يومين للتحقيق معي ثم تم نقلي إلى نادي كاظمة وتم حجزي ليوم واحد، ثم تم إرسالي إلى محافظة العاصمة (قصر نايف) وتم حجزي لمدة يومين ثم نقلونا إلى مبنى سجن الأحداث الكائن في ذلك الوقت بمنطقة الفردوس، واستمر التحقيق معي بسؤالي عن بعض الضباط، وسبب وجود دفاتر المركبات بحوزتي مع المنشورات، واستمر أيضاً حجزي برفقة العديد من الضباط، ومنهم النقيب قصي النوري، والنقيب عبدالكريم التواجر، والعقيد أحمد الحجي، والشهداء النقيب بدر القوبع وكذلك الضباط نوري الجمعة، ويوسف المزين، وبعد نحو عشرين يوماً داخل الحجز علمت بالتجهيز لترحيلي إلى سجن البصرة، حينها قمت بإيهامهم بمرضي الشديد ما اضطرهم لإرسالي إلى مستشفى الفروانية تحت الحراسة المشددة».

وتابع اللواء الشهاب «عند وصولنا إلى المستشفى ودخولي إلى غرفة الملاحظة طلب الدكتور عبداللطيف الداود، وهو طبيب مستشفى العدان حالياً دخولي المستشفى لخطورة حالتي وبالفعل وضعوني في غرفة بمفردي بجوار غرفة بها أسيران آخران، وظللت محتجزاً لمدة يوم واحد، ثم تمكنت من الاتصال بشقيقي وشقيقتي للحضور إلى المستشفى وقت الزيارة عند الساعة الخامسة مساء، وتصادف ذلك الوقت مع انفجار في منطقة جليب الشيوخ، وبالفعل أثناء جلوسي مع الحرس والمحجوزين طلبت منهم الذهاب إلى غرفتي المجاورة للوضوء وأداء الصلاة فذهب أحدهم معي وأدخلني غرفتي وتركني للوضوء وأداء الصلاة، حينها لاحظت بأن الخطة قد اكتملت وعليّ الإفلات بأسرع وقت من باب الطوارئ، وتوجهت مسرعاً لباب الطوارئ ونزلت متوجهاً وسط العديد من الزوار لمدخل الباب، والتقيت بشقيقي وشقيقتي وتوجهنا مباشرة لمركبتنا وذهبنا إلى منزل شقيقتي الكبرى في منطقة الفردوس مقابل السجن الذي مكثت فيه. حينها فقط أيقنت بتمكني من الإفلات من قبضتهم».

ضربة عسكرية

قال اللواء الشهاب «بعد تمكني من الهروب من قوات الاحتلال تواصلت مع رئيس مخفر الصالحية (قبل الغزو) الرائد شريدة الفضلي ومجموعة من الأشخاص والتقيت بهم في منطقة العارضية، حيث كانوا على تواصل مع أحد القادة بالمملكة العربية السعودية، وعلمنا بقرب توجيه ضربة عسكرية للجيش العراقي، وبدأنا الاستعداد لحفظ الأمن وحماية المواطنين عند انسحاب الجيش العراقي، وما قد يحدث من فراغ أمني، وقمنا بتجهيز وتكوين مجموعات مسلحة كل على حدة (وكل منا له فريق لا يعرفه سواه) بهدف سرعة التوجه لمخافر الشرطة».

حماية مدينة الكويت

أفاد اللواء الشهاب بأنه بعد توجيه الضربة العسكرية «تم اختياري وقتها مع زملائي لحماية مدينة الكويت على أن يكون مقرنا في مخفر الصالحية السابق، وبالفعل بعد انسحاب الجيش العراقي توجهنا على الفور إلى مخفر الصالحية وتمركزنا به وأصبحت لنا نقطة أمنية وقمت بالتفتيش وقتها مع أصدقائي ومجموعة من الشباب الكويتيين الذين انضموا للعمل معنا يداً بيد (ومنهم الزميل العريف عمر العويصي) واستمررنا بالعمل إلى أن حضر عسكريو الجيش الكويتي إلى مخفر الصالحية وقمنا بتنسيق العمل معهم لحفظ الأمن والنظام بمدينة الكويت وتلقي أي شكاوى اعتداء أو سرقات والقيام بالدوريات على المحلات، خشية التعرض للسرقة ثم بدأنا حينها باستخراج تصاريح الخروج والعودة بمحافظة العاصمة للمواطنين الراغبين بالسفر للقاء ذويهم خارج البلاد، وتحت إمرة العقيد جاسم المزيدي إلى أن فتحت مخافر الشرطة جميعها، وبدأت بتلقي البلاغات والشكاوى، وواصلنا حينها تسجيل إثبات الحالة للمتضررين في أملاكهم وأموالهم جراء الغزو العراقي الغاشم لتقديمها للجنة التعويضات».