أكد المزارع يوسف البحر أن نخيل الكويت المثمر مهدد بالفناء، بسبب تراجع الدعم الحكومي لزراعته، ما أدى إلى عزوف الكثير من المزارعين عن الاهتمام والعناية بأشجاره، مطالبا بإعادة الاعتبار للنخلة تلك الشجرة المباركة، مشيراً بحسرة إلى تجزئة العديد من المزارع الإنتاجية، وتحويلها إلى متنزهات واستراحات عامة، رافضاً بشدة تحويل مشاريع الأمن الغذائي، ومشاريع الاكتفاء الذاتي من الخضار والفواكه واللحوم، في المناطق الزراعية، إلى منتجعات ومتنزهات واستراحات.

وأضاف البحر في حديث خاص لـ «الراي»، «لكوني محبّاً للطبيعة، تجد البساطة في ربوع المزرعة، والتركيز على زراعة النخيل المثمر، ومن فرط اهتمامي بالنخلة المباركة وإيماني بأنها تسهم بتحقيق جزء من الأمن الغذائي في الكويت، شاركت مع مجموعة مزارعين أوائل في المجال الزراعي بتأسيس شركة للنخيل قبل سنوات وبذلنا جهداً مشتركاً تُوّج بإنشاء مصنع (سعف) للاستفادة من كل مكونات النخلة وتغليف ثمارها».

واستطرد «بدأنا بداية قوية واشتغلنا جيداً واستطعنا أن نقنع الجهات المعنية بأمر الغذاء والتغذية في الكويت بإدخال التمور المصنعة محلياً ضمن البطاقة التموينية المصروفة للأسر الكويتية، وخططنا لإقامة مصنع ثانٍ لشركة سعف في العبدلي، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، كثيراً في المجال الزراعي عندنا، فقد تراجع الدعم الحكومي النقدي للنخلة المثمرة من (5) دنانير إلى دينار ونصف الدينار فقط خلال السنوات القليلة الماضية، الأمر الذي انعكس سلباً على اهتمام المزارعين بهذه الشجرة المعطاءة وبالتالي على طموحاتنا في شركة (سعف)، لذلك فإنني أطالب بإعادة الاعتبار لشجرة النخيل المثمرة وإعادة الدعم الحكومي المجزي لها، باعتبارها شجرة البيئة المساهمة فعلاً في تحقيق الأمن الغذائي المنشود للبلاد والعباد، وصور الدعم الحكومي لا تقتصر على الدعم النقدي سنوياً، لكنها تشمل وقاية النخلة المثمرة وعلاجها من الآفات الخطرة، لا سيما آفة سوسة النخيل الحمراء التي صارت تهدد ثروتنا النخيلية بالدمار للأسف الشديد».

وأوضح البحر أهمية إيلاء كل مزارع كويتي يحوز على مزرعة شاسعة في العبدلي والوفرة، بتحديد جزء منها للنباتات الطبيعية، لافتاً إلى أن وجود محمية طبيعية للنباتات الطبيعية وأولها العرفج نبتة الكويت الوطنية، يُعطي صاحب المزرعة وعائلته البهجة والسرور ويزيد من إيمانه بآيات الله العظمى، مشيراً إلى بركة مياه طبيعية وسط مزرعته تنمو على ضفافها النباتات البرية، التي تجلب الطيور البرية البديعة، مضيفاً «أشعر بالثقة وأنا وسط مزرعتي لكون جميع عمائرها ومزروعاتها ومشاريعها، من بنات أفكاري وتصميمي وكلها محاكاة للطبيعة الصحراوية، المورد الذي لا ينضب، ونحن هنا في ربوع العبدلي، نريد أن نعيش عيشة طبيعية، بسيطة وسهلة بعيداً عن صخب المدينة وعملها المضني المعقّد، أحياناً، لذا تجد العمائر فيها ذات طابع ريفي زراعي مغاير للعمائر في المنطقة السكنية».

المشكلة في التسويق... لا في الإنتاج

فسَّر البحر تركه عدداً من المجمعات الزراعية التي أقامها قبل سنوات وسط مزرعته في العبدلي من دون زراعة وكذلك عزوفه عن التوسع بزراعة الأعلاف، كما كانت مزروعة قبل سنوات بقوله «إن زراعة الثمريات وفق تجربتنا التسويقية ليست المشكلة، مشكلتنا في تسويق ثمارنا، فالتسويق الرديء هو الذي يدمر جهودنا، ولقد تضررت المزروعات من الصقيع، خصوصاً نبات البطاط، ومنذ سنوات يأتي رجال هيئة الزراعة لإحصاء الأضرار، لكن لا تعويض عن الكوارث الطبيعية التي تصيب المزارعين الكويتيين، لماذا؟ أنا لا أعرف بالضبط».

واستدرك «نعم مشكلتنا في التسويق وليس في الإنتاج، لأن الإنتاج بيدنا، والتسويق بيد غيرنا، وأذكر أننا أنشأنا حظائر حديثة لتربية الدجاج اللاحم، وبدأنا بالإنتاج وسارت الأمور في البداية على ما يرام والأرباح والدخل جيد منها، لكن سرعان ما انتكست الأمور، وتعرضنا للتبخيس عند عرض إنتاجنا المتميز من الدجاج، فتوقفنا درءاً للخسائر، ومثلنا العديد من مزارعي العبدلي، توقفوا نهائياً، وعليه، فإن من الأهمية بمكان أن يفكر المزارع كيف سيسوق، قبل أن يُنتج».

ولفت إلى أن المزارع الكويتي خاسر في عمله الإنتاجي بالمفهوم التجاري الصرف، في الغالب الأعم، لكنه صامد وثابت في مزرعته بل ويزرع النخيل والعلف، ليحافظ على النسبة المطلوبة للزراعة، ويشغل نفسه، في ما هو مفيد له ولأسرته، لكن بوجه عام، الزراعة في الكويت ليست اقتصادية، طالما مشكلة التسويق قائمة أو بلفظ أدق ليست اقتصادية، والمنتج الكويتي من دون حماية من المستورد، طالما الدعم الحكومي يتراجع، سنة تلو الأخرى.

عمر المزرعة 45 عاماً

يعتز المزارع يوسف البحر بمزرعته في منطقة العبدلي الزراعية، معتبراً أنها ذكرى طيبة من والده المرحوم شهاب أحمد البحر، ولأنها مكانه المفضل، خصوصاً بعد تقاعده من العمل الحكومي الذي استمر سنوات طوال في مجالات متعددة، وبعد تفشي فيروس كورونا في العالم.

وقال البحر «إن عمر مزرعتي نحو 45 عاماً عزيزة عليَّ وأثيرة في نفسي، لأنها تحمل ذكرى والدي رحمه الله، لذا تجدني محافظاً على كل ما بناه وزرعه على هذه الأرض الطيبة».