فيما أوضح المدير الأكاديمي لمعهد مؤسسة البحر الأبيض المتوسط للدراسات الإستراتيجية الدكتور بيير رازوق أن فرنسا سلحت العراق لمنع الجمهورية الإسلامية الإيرانية من بسط حكمها الديني في المنطقة، أكد أنها لم تسامح بغداد لاستخدامها تلك الأسلحة لغزو الكويت التي كانت دائماً صديقاً لباريس.
وأضاف في حوار مع «الراي»، أنه منذ الأيام الأولى للغزو العراقي دعمت فرنسا مبدأ تحرير الكويت وأرسلت 19000 جندي إلى الخليج، خصوصاً فرقة داجيت المكونة من 500 دبابة وعربة مصفحة، مدعومة بـ 60 طائرة مقاتلة و120 طائرة هليكوبتر و14 سفينة عسكرية بما في ذلك حاملة طائرات، حيث قصفت القوات الجوية الفرنسية أهدافاً عراقية منتشرة في الكويت.
وتابع «إن فرقة داجيت قاتلت في العراق، لكنها ساهمت في مهاجمة الجيش العراقي المحاصر في الكويت ما أجبره على الانسحاب، حيث انتهزت قواتنا الخاصة الفرصة لمساعدة المقاومة الكويتية، وساعدت في تأمين مدينة الكويت للسماح بعودة السلطات الكويتية وكذلك السفارات بما في ذلك سفارتنا».
وأشار إلى ان حرب تحرير الكويت غيّرت التوازنات الإقليمية، لأن العراق لم يعد يشكل تهديداً حقيقياً لدول المنطقة، لافتاً إلى ان جيش صدام حسين لم يكن إلا مجرد فزاعة تستخدمها إسرائيل وواشنطن، مضيفاً أن «المملكة العربية السعودية ملأت فراغ القوة هذه واستفادت أيضاً من ضعف إيران في أعقاب الحرب العراقية ـ الإيرانية».
وذكر انه منذ عام 1991 استمرت العلاقة بين فرنسا والكويت في التعزيز لأن السلطات الفرنسية أدركت الأهمية الاستراتيجية للكويت، متابعاً «بعكس بعض القوى الإقليمية، لم تسع الكويت أبداً إلى زيادة التوترات في المنطقة، بل عملت كل ما في وسعها للحد منها والسماح لقادة جانبي الخليج بالمناقشة لتخفيف هذه التوترات من خلال المفاوضات.
وهذا هو المسار الذي تفضله الديبلوماسية الفرنسية أيضاً». وفي ما يتعلق بالتعاون العسكري، قال رازوق «كانت فرنسا أحد موردي المعدات الدفاعية للكويت منذ أكثر من 45 عاماً، أولاً في المجال البري (مدافع ذاتية المحرك AMX F3 ومدافع هاون عيار 120 ملم، وفي المجال الجوي (طائرات ميراج F-1 وطائرات عمودية مضادة للدبابات من طراز SA-342 غزال وطائرات هليكوبتر المناورة)، وفي المجال البحري مع تسليم الزوارق الدورية P37، قدمت فرنسا حالياً مروحيات كاراكال متعددة المهام إلى الكويت، ما يمكنها من أن تكون واحدة من أكثر القوات الجوية كفاءة في الخليج، لكن في ما يتجاوز بيع الأسلحة، يتعاون الجيشان الكويتي والفرنسي بشكل أكثر فاعلية في مجال التدريب والحوار الاستراتيجي»، داعياً إلى ضرورة استمرار هذا التعاون بالطبع لأن الكويت وفرنسا تشتركان في المصالح نفسها في شأن تحقيق الاستقرار في المنطقة.
أفضل عمل في التاريخ العسكري
الدكتور بيير رازوق المدير الأكاديمي لمعهد مؤسسة البحر الأبيض المتوسط للدراسات الإستراتيجية، وهي مؤسسة فكرية فرنسية مرجعية تعمل على تحليل البيئة الاستراتيجية والجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قام بنشر عشرات الكتب، منها «الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988)» بمطبعة جامعة هارفارد، والذي فاز بجائزة أفضل عمل في التاريخ العسكري من جمعية التاريخ العسكري عام 2016 في الولايات المتحدة.