اعتبر خبراء ومسؤولون بدء بنك الكويت المركزي استقبال طلبات تراخيص لبنوك رقمية نقطة تحول مهمة للقطاع المصرفي وتطورا طبيعيا فرضته احتياجات جيل شاب متعطش للخدمات السهلة والسريعة من جهة ومبادر في مجال التكنولوجيا من جهة أخرى فضلا عن التطورات المصرفية التكنولوجية المتسارعة عالميا.

وقال الخبراء في لقاءات متفرقة مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، اليوم السبت، إن عصر التحول الرقمي طال كل المجالات خصوصا الاقتصادية منها وبات من الضروري فتح المجال أمام خدمات مصرفية في البلاد تتناسب مع التطورات في دول العالم المختلفة واحتياجات العملاء المحليين.

وذكر المدير التنفيذي لقطاع الرقابة في بنك الكويت المركزي وليد العوضي أن البنك الرقمي عبارة عن بنك دون فروع يقدم الخدمات المصرفية عبر قنوات رقمية تتميز عن نظيرتها التقليدية باستخدامها التكنولوجيا المالية الحديثة ما يخفض تكاليف وتعقيدات الخدمات المصرفية التقليدية.

وأضاف العوضي أن بنك الكويت المركزي عمل بشكل مكثف في السنوات الأخيرة خصوصا خلال جائحة كورونا في مجال الرقمنة مواكبة للتحول الرقمي في دول العالم إذ عمل جاهدا في مجال الأمن السيبراني وتحفيز الابتكار بصورة كبيرة، مشيرا إلى أن البنوك المحلية الحالية لديها قدرات في هذا المجال وتقدم العديد من الخدمات الرقمية.

وذكر أن المستجد في الترخيص المصرفي الجديد الذي أعلنه (المركزي) هو الحصول على رخصة مصرفية لبنك رقمي شامل أي بنك قادر على تقديم كل الخدمات المصرفية بداية من انطلاق العلاقة مع العملاء وحتى انتهائها عبر معاملات رقمية بحتة دون أي مقابلة أو مواجهة شخصية بين عملاء البنك وعامليه.

وأشار إلى قدرة البنوك الرقمية على استخدام أحدث التقنيات المالية بسرعة وبكفاءة فضلا عن الابتكار بشكل متواصل ما من شأنه تخفيض التكاليف على العميل فضلا عن القدرة على استخدام الذكاء الاصطناعي في مراحل متقدمة والتعلم الالي وغيرها.


وأفاد بأن البنوك التقليدية القائمة لديها القدرة على تقديم خدمات إلكترونية وتمتلك البنية التحتية التي تخولها تقديم هذه الخدمات فضلا عن السماح لها بالتقدم للحصول على تراخيص لتأسيس فروع بنوك رقمية تابعة لها فضلا عن السماح لشركات مساهمة أخرى بتأسيس بنوك رقمية جديدة بالكامل وتمنح ترخيص لمزاولة النشاط أو أن تشارك هذه الشركات بنوكا تقليدية لتأسيس بنك رقمي.

وقال إن البنوك الرقمية الجديدة المزمع تأسيسها لا تختلف عن البنوك التقليدية القائمة فلديها ترخيص من (المركزي) لممارسة النشاط المصرفي وكل ما هو متاح قانونا للبنوك التقليدية متاح لنظيرتها الرقمية وكلاهما يقدمان الخدمات ويمارسان الانشطة ذاتها.

وأكد أن المتطلبات الرقابية والأنظمة والتعليمات والضوابط المطبقة على البنوك التقليدية هي ذاتها التي ستطبق على البنوك التقليدية، مبينا أن رأس المال المطلوب لتأسيس بنك رقمي في الكويت 75 مليون دينار كويتي (نحو 5ر247 مليون دولار أمريكي) ويماثل بالشكل القانوني مع نظيره التقليدي.

ولفت إلى أن (المركزي) يستقبل طلبات لترخيص البنوك الرقمية حتى 30 يونيو المقبل وسيقوم بعدها بدراسة كل الطلبات على أن يصدر قبل نهاية العام الموافقات للطلبات مستوفية الشروط ومنحها مهلة زمنية لاستكمال الإجراءات والتحضيرات للانطلاق والعمل في البلاد.

من جهته قال مدير إدارة الرقابة المكتبية في بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الخميس إن استقبال (المركزي) طلبات تأسيس بنوك رقمية بالكامل جاء بعد وضع إطار العمل المصرفي الرقمي ونتيجة لدراسة شاملة للممارسات الرقابية المتبعة في أكثر من 25 بنكا مركزيا بخصوص البنوك الرقمية وتجارب 40 بنكا رقميا حول العالم. وأضاف الخميس أن إطار العمل في الكويت يسمح بتقديم الخدمات المصرفية الرقمية وفق ثلاثة نماذج أساسية للعمل المصرفي الرقمي.. الأول هو فتح المجال للبنوك القائمة حاليا بتقديم وتطوير خدماتها الرقمية عبر وحدات مصرفية رقمية ضمن تلك البنوك فيما يقوم النموذج الثاني على تعاون البنوك القائمة مع طرف ثالث أما النموذج الأخير فيتمثل في تأسيس بنوك رقمية جديدة بالكامل.

من جانبه قال المدير الشريك لشركة (نيوبري للاستشارات الاقتصادية) عصام الطواري إن السماح بالتراخيص للبنوك الرقمية في الكويت بات ضرورة بسبب التطور الكبير في هذا المجال في مختلف دول العالم والمنافسة الدولية.

وأضاف الطواري أن افتتاح هذا العدد من البنوك الرقمية في العالم من شأنه جذب شريحة كبيرة من الشباب الكويتيين لأسواق مصرفية خارج نطاق رقابة بنك الكويت المركزي خصوصا أن 65 في المئة من سكان الكويت من فئة الشباب وسلوك هذه الفئة مرتبط تماما بالخدمات الرقمية غير التقليدية.

وأوضح أن المنحى العالمي السائد للقطاع المصرفي هو الانتقال إلى البنوك الرقمية فضلا عن أن هذا النوع يملك مجالا واسعا للابتكار وريادة الأعمال مستبعدا اقبال شباب كويتيين على تراخيص بنوك رقمية بسبب ضوابط وشروط التراخيص إلا في حال كان لهم اختراعات مبتكرة في القطاع المصرفي يمكن من خلالها تأسيس شركات مساهمة وافتتاح بنوك رقمية.

وذكر أن الشركات الأخرى المؤهلة للتقدم للحصول على تراخيص بنوك رقمية هي الشركات التي تمتلك قاعدة عملاء كبيرة إذ ستقوم بالعمل مع شركاء اخرين بتأسيس بنك رقمي والاستفادة من هؤلاء العملاء عبر شركات الاتصالات المهيأة لهذا النوع من الأنشطة بسبب خدماتها وقاعدة العملاء لديها.

وكان بنك الكويت المركزي أصدر في 2 فبراير دليل متطلبات تأسيس البنوك الرقمية وفتح باب استقبال طلبات التأسيس والمستندات المطلوبة حتى نهاية يونيو 2022.