أوضح بنك الكويت الوطني أن الإصلاحات المالية قد تكون على جدول الأعمال بعد اختتام الحوار الوطني برعاية سمو أمير البلاد، الشيخ نواف الأحمد، وبدء الدورة الثانية من الفصل التشريعي السادس عشر، مؤكداً أن الحوار الوطني دلالة إيجابية تصب في صالح هذه الإصلاحات.
ولفت «الوطني» في تقرير إلى أن بعض التقارير الإعلامية تشير إلى أن مجلس الوزراء سيقدم حزمة كاملة من الإصلاحات الاقتصادية للمصادقة عليها من قبل البرلمان، ويتوقع التصويت على قانون الدّين العام الجديد الذي طال انتظاره وغيره من المقترحات الأخرى مثل تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وإعادة تسعير الخدمات الحكومية، وحظر عمليات السحب من صندوق الأجيال القادمة، وإنشاء مناطق اقتصادية جديدة.
وبيّن التقرير أن تعافي الاقتصاد الكويتي بعد الجائحة يسير على قدم وساق بفضل ارتفاع معدلات التطعيم نسبياً، ما ساهم في تراجع الإصابات اليومية بفيروس «كوفيد-19» لأدنى مستوياتها.
رفع القيود
وذكر أنه في إطار مساعي الحكومة لتسريع وتيرة تعافي الاقتصاد والعودة إلى مساره الطبيعي ومستوياته قبل تفشي الجائحة في أسرع وقت ممكن، تم خلال الأسابيع الأخيرة رفع كل القيود المفروضة على حركة تنقل الأشخاص ممن تلقوا اللقاحات وعودة العمل في مطار الكويت الدولي بكامل طاقته الاستيعابية، كما تم توسيع قائمة الدول المؤهلة للحصول على تأشيرات زيارة تجارية وسياحية.
تعزيز الاقتصاد
ولفت «الوطني» إلى أن زخم النشاط الاستهلاكي عزز الاقتصاد غير النفطي والذي تسارعت وتيرة نموه ليسجل ارتفاعات قياسية على خلفية الطلب المكبوت والدعم الناتج عن قرار الحكومة إعطاء مهلة للمواطنين لسداد أقساط القروض، كما انتعش النشاط العقاري، حيث شهدت مبيعات العقارات السكنية نمواً ملحوظاً فيما يعزى جزئياً إلى تفضيل المستثمرين لهذا القطاع.
وأضاف أن الائتمان الشخصي ظل يسجل نمواً جيداً في الربع الثالث من العام، في حين واصل سوق الأسهم المحلية الزخم الذي بدأ في الربع الثاني من العام وانطلق ليحقق المزيد من المكاسب ليحل بقائمة الأفضل أداءً على مستوى الأسواق الناشئة هذا العام حتى الآن.
وبيّن أنه بطبيعة الحال، يبدو انتعاش العديد من المؤشرات على أساس سنوي مذهلاً بسبب التراجعات التي شهدتها في الفترة نفسها من 2020 والتي تعتبر ضعيفة للغاية، ولا تزال هناك نقاط ضعف، لا سيما في قطاع الأعمال، الذي أعاقه فقدان الوظائف المرتبط بالجائحة وضعف نشاط المشاريع، وانعكس ذلك على ضعف الائتمان المقدم للشركات.
ضغوط الميزانية
وأوضح أنه بإضافة إلى ذلك، لا تزال أوضاع المالية العامة واقعة تحت الضغوط رغم تحسن مستويات السيولة مع ارتفاع أسعار النفط، كما لا توجد ثمة دلائل على أن الارتفاعات الأخيرة في أسعار الطاقة والسلع بصفة عامة ترجع إلى عوامل هيكلية وليست دورية، لذلك لا تزال هناك ضرورة ملحة لضبط أوضاع المالية العامة وتطبيق الإصلاحات، إلا ان آفاق تحسن الاقتصاد السياسي للبلاد تبدو الآن في وضع أفضل بشكل ملحوظ مما كانت عليه قبل ثلاثة أشهر بعد الحوار الوطني الناجح نسبياً، حيث يبدو أن المناقشات والحلول قد تم طرحها في ظل العمل بروح التوافق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
التمسك بالخطة
وأفاد التقرير بأن أسعار النفط ارتفعت لتسجل مستويات لم تشهدها منذ 2014 بدعم من الطلب القوي على النفط بعد الجائحة وتأخر الإمدادات ما أدى إلى تشديد أوضاع السوق بشكل متزايد، حيث تجاوز سعر مزيج خام برنت 86 دولاراً للبرميل في أواخر أكتوبر، وأنهى تداولات الشهر مغلقاً عند مستوى 84.4 دولار للبرميل بعد أن أنهى الربع الثالث من العام مرتفعاً 4.5 في المئة على أساس ربع سنوي بوصوله إلى 78.5 دولار للبرميل.
وأضاف تقرير «الوطني» أن مؤشر سوق النفط المحلي، خام التصدير الكويتي، استقرّ عند مستويات مرتفعة بتسجيله نمواً بنسبة 5.2 في المئة على أساس شهري في أكتوبر، إذ وصل 83 دولاراً للبرميل بعد أن ارتفع 6.4 في المئة الربع الثالث 2021.
وكشفت بعض المصادر الرسمية أن متوسط إنتاج النفط الخام الكويتي بلغ 2.47 مليون برميل يوميا في سبتمبر، ووفقاً لخطة الإنتاج التي وضعتها «أوبك» وحلفاؤها، يتوقع أن يرتفع الإنتاج الشهري للكويت 27 ألف برميل يومياً حتى مايو 2022، وبعد ذلك سيرتفع خط الأساس المرجعي للبلاد 150 ألفاً ليصل 2.96 مليون يومياً.
وأضاف أنه وفقاً للتقرير السنوي الأخير الصادر عن شركة نفط الكويت، أشارت الشركة إلى انخفاض طاقتها الإنتاجية إلى أدنى مستوياتها المسجلة في 12 عاماً، إذ بلغت 2.63 مليون برميل يومياً بنهاية السنة المالية 2020 /2021.
ومن غير المتوقع أن تصل الطاقة الإنتاجية الإجمالية للكويت (بما في ذلك المنطقة المقسومة) إلى 3 ملايين برميل يومياً حتى 2023 وفقاً للخطط الحالية، كما تستهدف مؤسسة البترول إنتاج 3.5 مليون برميل يومياً بحلول 2025، ضمنها 3.2 مليون برميل يومياً من «نفط الكويت» والكمية المتبقية من المنطقة المقسومة المشتركة.
وذكر التقرير أن إصدار بيانات مؤشر أسعار المستهلك عن شهر مايو كشفت ارتفاع معدل التضخم إلى 3.2 في المئة على أساس سنوي (+0.3 في المئة على أساس شهري) مقابل 3.1 في المئة في أبريل على خلفية مجموعة عوامل تتضمن عدم التوازن بين الطلب المكبوت وقيود سلسلة الإمدادات.
وبيّن أنه في الوقت الذي شهد ارتفاع العديد من المكونات الفرعية للمؤشر، إلا أن ارتفاع بعض الفئات كان أكثر حدة ومن ضمنها المواد الغذائية (+11.3 في المئة على أساس سنوي)، والترفيه
(+ 7.8 في المئة) والملابس (+ 5.9 في المئة). وفي واقع الأمر، كان الارتفاع الذي شهدته أسعار الأغذية والمشروبات هو الأعلى على مستوى البيانات.
قيمة العقود
ولفت التقرير إلى أن وتيرة نشاط المشاريع الرئيسية تباطأت في الربع الثالث من 2021، إذ انخفضت قيمة العقود التي تم إسنادها بشكل ملحوظ لتصل 152 مليون دينار مقابل 482 مليوناً بالربع الثاني من العام، وبتراجع بلغت -57 في المئة على أساس سنوي، وفقاً للبيانات الصادرة عن مجلة (MEED).
وأضاف أنه وبنهاية الربع الثالث من العام، بلغ إجمالي قيمة العقود التي تم إسنادها 916 مليون دينار حتى تاريخه، وذلك رغم أن تلك البيانات أفضل من المستويات المسجلة في الأرباع الثلاثة الأخيرة من 2020 والتي تأثرت سلباً جراء الجائحة، إلا أنها لا تزال ضعيفة من منظور تاريخي.
وأفاد بأن «MEED» قدّرت إجمالي قيمة المشروعات التي تم إسنادها هذا العام بنحو 2.4 مليار دينار، من ضمنها 1.5 مليار في الربع الرابع من 2021.
وتابع التقرير أنه رغم أن التراجع الذي الأخير يعتبر انعكاساً لتأخير طرح المناقصات والحصول على الموافقات اللازمة في ظل ترشيد الحكومة لنفقاتها الرأسمالية نظراً لشح السيولة، إلا أنه لا يجب إغفال دور نقص العمالة والمواد الأولية بعد الجائحة، إذ إنه ضمن العقود التي تمت ترسيتها في الربع الثالث من 2021، مشروع جنوب الكويت للحفر والنقل والمعالجة (المنطقة 3) بقيمة 75 مليون دينار.
تقلص العجز التراكمي
أشار تقرير «الوطني» إلى أن الحكومة أعلنت في الربع الثالث من 2021 عزمها خفض النفقات 10 في المئة في كل الوزارات في السنة المالية الحالية، وهذا من شأنه خفض النفقات المدرجة في الميزانية إلى 20.7 مليار دينار، وإذا اقترن ذلك بتزايد الإيرادات النفطية أكثر مما كان متوقعاً بفضل ارتفاع أسعار النفط، فقد يؤدي إلى تقلص عجز المالية العامة بشدة من 33 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف أنه ووفقاً للأرقام الصادرة أخيراً عن وزارة المالية والتي تغطي الأربعة أشهر الأولى من السنة المالية الحالية (أبريل - يوليو)، كان التحسن العام في أوضاع المالية العامة ملحوظاً بوضوح، إذ تقلص العجز المالي التراكمي إلى 49.9 مليون دينار بنهاية يوليو بعد أن بلغت الايرادات 5.16 مليار والنفقات 5.21 مليار.
وبيّن التقرير أن زيادة الإيرادات النفطية كانت بأكثر من 100 في المئة مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي من أبرز العوامل الجوهرية، كذلك الانخفاض الشديد في الإنفاق الرأسمالي الذي وصل إلى 127 مليون دينار فقط.