في العام 1980، تم اختيار مجدي الظفيري البالغ من العمر 22 عاماً آنذاك، وهو خريج العلوم السياسية حديث التخرج من جامعة الكويت للانضمام إلى وزارة الخارجية في البلاد... وبعد 41 عاماً، وافق مجلس الوزراء (الأسبوع الماضي) على مشروع مرسوم بتعيينه نائباً لوزير خارجية الكويت خلفاً للديبلوماسي المخضرم خالد الجارالله.

وبهذا التعيين، أصبح الظفيري في مواجهة التحدي الكبير المتمثل في ملء المكان الكبير الذي كان يشغله الجارالله، نظراً إلى الفترة الطويلة التي قضاها في منصبه، راكم خلالها الكثير من الخبرات وبات مشهوراً بديبلوماسيته في الداخل والخارج.

لكن زملاء الظفيري، الذين يصفونه بالمتواضع، ليست لديهم أي شكوك بأنه على مستوى المهمة وقدر الآمال، نظراً لخبرته الطويلة في العمل الديبلوماسي، حيث يعد من خرّيجي مدرسة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد طيب الله ثراه، كما تنقل بين الولايات المتحدة وأوروبا وجامعة الدول العربية وإيران، وصولاً إلى ترؤسه وفد الكويت المفاوض في شأن المنطقة المقسومة.

ويأتي تعيين الظفيري تتويجاً لأكثر من أربعة عقود من العمل الديبلوماسي، تميّز بإنجازات كبيرة، سعى خلالها لرفع علم الكويت عالياً، كسفير، وممثل في مختلف المنظمات والمحافل الإقليمية والدولية.

فمنذ اليوم الأول لدخوله إلى وزارة الخارجية، التزم الظفيري بالحفاظ على مصالح الكويت والمساهمة في تعزيز علاقاتها وتعزيز أوراق اعتمادها على الساحة الديبلوماسية.

ففي العام 1981، بعد عام من انضمامه إلى وزارة الخارجية، قام الظفيري بأول رحلة له في الديبلوماسية الدولية من خلال حضور الدورة 36 للجمعية العامة للأمم المتحدة، كجزء من مجموعة من الديبلوماسيين الذين تم اختيارهم لتلقي دورة في الديبلوماسية بنيويورك.

إثر ذلك، انتقل للعمل في منصب سكرتير ثالث بالسفارة في واشنطن، ثم عمل سكرتيراً ثانياً بالسفارة في روما، وكان أيضاً ممثلاً دائماً لدى الجامعة العربية، قبل أن يتم تعيينه سفيراً في كندا.

واعتباراً من العام 2001، تم تعيين الظفيري سفيراً لدى إيران، وكانت أبرز مهامه بعد ذلك ترؤس الوفد المفاوض في شأن المنطقة المقسومة مع المملكة العربية السعودية.

في إيران، استحوذ الظفيري على الأضواء بسبب تعامله الذكي والمتوازن مع عديد من القضايا الخلافية، فخلال ولايته التي بدأت في العام 2001، لم ينجح فقط في إرساء علاقات سياسية على قدم المساواة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، بل ساعد أيضاً في توطيد علاقات إيران وجيرانها عبر الخليج والمنطقة.

ولعل أحد أبرز الأحدث ما جرى في العام 2011، حين حصل تصعيد كبير في التوتر بين الكويت وإيران، على إثر صدور أحكام بالإعدام على ثلاثة، هم إيرانيان وكويتي، بتهمة التجسس لصالح إيران، وطردت الكويت 3 ديبلوماسيين لصلاتهم بالتجسس، كما استدعت الظفيري من طهران لإجراء مشاورات.

وازداد الوضع سوءاً مع طرد إيران ديبلوماسيين كويتيين واعتقال المواطنين الكويتيين عادل اليحيى ورائد الماجد، بتهمة التجسس.

استغرق الأمر أشهراً من الجهود المكثفة في الكواليس من جانب الكويت ووسطاء آخرين، قبل أن تقرر طهران إطلاق سراحهما، حيث صرح سفير إيران آنذاك روح الله قهرماني، أن السلطات الإيرانية توصلت إلى أن الكويتيين انخرطا في أنشطة صحافية من دون إذن، لكنهما لم يتورطا في التجسس.

وتمت تهدئة التوتر في العام 2012 مع قيام محكمة استئناف في الكويت بتخفيض عقوبة الإعدام إلى السجن المؤبد على الإيرانيين، وعاد السفير الظفيري إلى منصبه في طهران.

ترسيم الحدود الكويتية - السعودية

لدى عودته إلى الكويت، وإلى جانب عمله كسفير، تم تكليف الظفيري برئاسة لجنة ترسيم الحدود على المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية، والتي تضمنت أيضاً القضية الخلافية الخاصة بأنشطة الحقول النفطية المشتركة بين البلدين.

وترأس الظفيري الوفد الكويتي المفاوض في موضوع المنطقة المقسومة مع المملكة العربية السعودية، واختتمت اللجنة المفاوضات بنجاح في ديسمبر 2019، وأكد الظفيري حينها أن الاتفاق في المنطقة المقسومة إنجاز يجسد إطاراً واضحاً لمستوى العلاقات بين البلدين.

تجربة تركمانستان

خلال فترة عمله في إيران، عمل السفير الظفيري أيضاً سفيراً فوق العادة ومفوضاً لدولة الكويت في تركمانستان، وساعد في تعزيز العلاقات مع الجمهورية السوفياتية السابقة.

وفي العام 2018، أجرى الظفيري محادثات مع وزير خارجية تركمانستان آر ميريدوف لمناقشة إنشاء مجموعة حكومية تركمانية - كويتية مشتركة حول التعاون التجاري والاقتصادي، كما بحث الطرفان خلال الاجتماع إمكانية تنظيم اجتماعات عمل حول استخدام إمكانيات العبور لممر النقل بين آسيا الوسطى والشرق الأوسط، وأهمية إقامة وتطوير التعاون في مجالات العلوم والتعليم والثقافة.

زيارة الأمير لطهران

في العام 2014، أثناء عمله سفيراً لدى جمهورية إيران الإسلامية، كان للسفير الظفيري دور فعال في ترتيب زيارة إلى طهران قام بها أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد، في وقت شهدت العلاقات بين البلدين وبين دول مجلس التعاون الخليجي وطهران ذوبان الجليد بعد انتخاب الرئيس الإيراني المعتدل حسن روحاني في العام 2013.

وكانت زيارة سمو الأمير في وقت كان يتولى الرئاسة الدورية لدول مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية، ذات أهمية سياسية كبيرة، وساعدت في تنسيق جهود السلام في المنطقة، وتعزيز العلاقات الثنائية بين الكويت وإيران.