أكد وزير الخارجية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ الدكتور أحمد الناصر، حرص الكویت منذ نشأتھا على نشر وتكریس ثقافة السلام والحوار والاعتدال حتى باتت أولویة في مرتكزات السیاسة الخارجیة التي تنطلق من مبادئ وتعالیم الدین الإسلامي الحنیف وعادات وتقالید جُبل علیھا أھل الكویت.

جاء هذا خلال احتفالیة (كویت السلام... بقلوب عربیة) التي أقیمت عبر تقنیة المرئي والمسموع بحضور ممثل عن رئیس حكومة المملكة المغربیة الدكتور سعد الدین العثماني ورئیس وزراء الجمھوریة اللبنانیة الأسبق فؤاد السنیورة ونائب رئیس مجلس الأمناء والمدیر التنفیذي لمركز عیسى الثقافي في مملكة البحرین الشیخ الدكتور خالد بن خلیفة آل خلیفة وعدد من كبار الشخصیات العربیة السیاسیة والإعلامیة والفكریة وممثلي البعثات التمثیلیة المعتمدة لدى البلاد.

وأضاف الناصر في كلمته خلال الاحتفالیة أن دستور دولة الكویت في العام 1962 كرّس في دیباجته مبادئ وثقافة السلام فدولة الكویت تفخر بكونھا بلد الصداقة والسلام وملتقى لمختلف الأدیان والحضارات.

وأشار إلى أن ھذه المبادئ والأسس شكّلت ركیزة مھمة لسیاسة الكویت الخارجیة في تعاطیھا مع المجتمع الدولي فأضحى دعم جھود الوساطة والمساعي المبذولة لحل النزاعات بالطرق والوسائل السلمیة وتعزیز مفھوم الديبلوماسیة الوقائیة من ثوابت الديبلوماسیة الكویتیة.

وذكر ان شعار الاحتفالیة الیوم بذكرى الوعي بعنوان (كویت السلام... بقلوب عربیة) لھو دلالة على أھمیة تضافر الجھود لتحقیق مزید من التآزر عبر الوعي الحریص على مكتسبات الأمتین العربیة والإسلامیة فدولة الكویت تؤمن إیماناً مطلقاً بمبادئ السلام ومعانیه وأھمیة تطبیقه بشكل فاعل على أرض الواقع عبر الوسائل السلمیة التي حث علیھا أولا دیننا الحنیف وأكدتھا كل المواثیق والأعراف الدولیة وعلى رأسھا میثاق الأمم المتحدة فھذا الإیمان الراسخ بتلك الأسس دفع سیاستنا الحكیمة وفق إرشادات وتوجیھات صاحب السمو أمیر البلاد الشیخ نواف الأحمد

وسمو ولي العھد الأمین الشیخ مشعل الأحمد وسمو الشیخ صباح الخالد الحمد الصباح رئیس مجلس الوزراء إلى تدعیم بل دفع كل الجھود السلمیة لحلحلة الأزمات التي یمر بھا عالمنا العربي عبر الحوار الفاعل والمفاوضات البناءة حقناً للدماء ودعماً للتقدم والرخاء.

وقال إن الكویت وانطلاقاً من إیمانھا التام بثوابتھا ومبادئھا تسعى وبشكل مستمر في دعم دول وشعوب العالم عبر مؤسساتھا الوطنیة الحكومیة والأھلیة لرفع المعاناة الإنسانیة عن كاھل أبناء العالم والارتقاء بھم إلى مستویات التنمیة المطلوبة التي باتت ضرورة ملحة تستوجب تضافر الجھود الإقلیمیة والدولیة لمواجھة كل التحدیات والعوائق وترسیخ ثقافة الحوار ونبذ الإرھاب والتطرف والعنف وفھم ومعالجة جذور الاختلاف دفعا للوئام والسلام بین البشر على مختلف أجناسھم وثقافاتھم ومعتقداتھم.

بدورها، قالت رئيسة معهد المرأة للتنمية والسلام كوثر الجوعان في كلمتها «تأتي احتفاليتنا تأكيداً لمسيرتنا واختيارنا نهج وطننا الجنوح نحو السلام فإننا نأخذ هذه الذكرى للتفكير في ماضينا والعزم على بناء مستقبل أفضل لوطننا الغالي وأخذ العِبرة من كل ما حصل... بكل شيء يتعلّق بحرية وطننا وشعبه».

وأضافت ان «الاحتفالية بقلوب عربية تعكس المعنى الكبير من الرسالة التي حملتها الكويت نحو العالم بأكمله... رسالة السلام والإنسانية... إن هذه الاحتفالية تلقي الضوء على الكيفية التي خرجنا منها عربيا بوعي كبير، يؤكد أن حرية الأوطان ثمنها غال. والدفاع عنها مشروع وضرورة استذكار النفوس الشريفة والعظيمة التي ضحت بحياتها من أجل حرية الوطن.

وجاء في كلمة وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة المغربية جميلة المصلي، إن الاحتفالية هي مبادرة محمودة لربط الماضي بالحاضر، من خلال الحفاظ على جزء من الذاكرة ونقلها إلى الأجيال الحاضرة، بكل قيمها وما قدمه الآباء والأجداد من أجل الحفاظ على الوطن الغالي وما استرخصه الشهداء فداء له.

وأضافت لقد سطّر الشعب الكويتي، قيادة وشعباً، خلال محنة الغزو، أروع صور التلاحم والتضحية والوفاء من أجل الدفاع عن الحق.

من جهتها، تحدثت الأمين العام المساعد للشؤون الاجتماعية لجامعة الدول العربية السفيرة هيفاء أبوغزالة عن دور الكويت في مساندة جميع جهود تحسين الأوضاع الإنسانية في الوطن العربي وفي المناطق التي تتعرّض شعوبها لأزمات إنسانية، وأن المبادرات والمشاريع الإنسانية والتنموية التي تنفذها الكويت في مختلف دول العالم، خصوصاً في الدول النامية والفقيرة هي امتداد لهذا الإرث الكويتي ودليل على التزامها بدعم الإنسان وتأمين حقوقه الأساسية.

وذكرت أن الجامعة العربية قامت من جانبها بمجهودات كثيرة لتعزيز دور المرأة وحمايتها منذ إنشاء لجنة المرأة العربية عام 1971، وإعداد الإستراتيجية الإقليمية وخطة العمل التنفيذية المعنونة» حماية المرأة العربي: الأمن والسلام، وأيضاً إنشاء لجنة طوارئ لحماية النساء أثناء النزاعات المسلحة بالمنطقة العربية والتي تجتمع عند تفاقم الأحداث ضد النساء في مناطق النزاعات في المنطقة العربية، وتتكون عضويتها من الدول الأعضاء وأصحاب الخبرة المتخصصين في مجال حماية المرأة أثناء النزاعات المسلحة على المستويين الإقليمي والدولي.

بدوره، قال رئيس وزراء لبنان الأسبق فؤاد السنيورة، أن نكبة فلسطين أولى النكبات التي واجهناها والتي قطعت الطريق على تلك الآمال العربية التي علقناها وحلمنا بها. كانت بداية الضربات الموجعة التي أصابت الجسم والبنيان والوجدان العربي. وأثبتت فشل وعجز أنظمتنا السياسية الوليدة آنذاك.

وأضاف بعد نكبة فلسطين عام 1948 ونكبة الهزيمة العربية في العام 1967 نُكب العرب مرة ثالثة في العام 1990 بغزو صدام للكويت. وإذا كانت النكبتان الأولى والثانية قد وقعتا على يد عدو الأمة. إلاّ أنّ نكبتهم الجديدة كانت على يد رئيس دولة عربية شقيقة وجيش عربي، صحيح أنّ الكويت تحرّرت من نير ذلك الاجتياح، ولكن الجرح الكبير الذي تولّد ترك ندوباً عربيةً كثيرة ومعاناة شديدة بعد ذلك للشعب العراقي وللعرب أجمعين نتجت عن غزو واحتلال العراق بدعوى تدمير أسلحة الدمار الشامل، والتي كان من نتيجتها تفكيك الدولة العراقية وتسريح الجيش العراقي، وبالتالي إزالة دور للعراق كان له عبر التاريخ. دولة حاجزة ما بين الداخل الآسيوي ومنطقة البحر المتوسط. وذلك ما كان من نتيجته إيقاظ واستعادة الأحلام الإيرانية في السيطرة الفارسية على عدد من الدول العربية. وكان من نتيجة ذلك، أنه قد أصبح على العرب أن يعيشوا نكبتهم الرابعة في الاحتلال الجديد، وأن يعانوا من الضغوط المستمرة عليهم والآيلة إلى إشعال الفتن الطائفية والمذهبية في المجتمعات العربية والإسلامية. وهي الحال التي تعيشها وتعاني منها دول عربية في مقدمتها سورية والعراق ولبنان واليمن.

وتساءل«لماذا وصلنا الى ما وصلنا اليه ها هنا؟ من النكبة والعزلة والقنوط؟ ببساطة لأننا أضعنا البوصلة الأساس التي تهدينا إلى الطريق القويم والمنهج الصحيح في الدين والدنيا؟! في السياسة، لقد اتّبعنا حكم الفرد بدل الحكم الديموقراطي الذي تُعتمدُ فيه المساءلة المؤسساتية الديموقراطية للحكم، وفضلنا الاستئثار بدل التشاور، وقبلنا بالاستبداد بدل الديموقراطية، والمحاباة بدل المحاسبة، والزبائنية العائلية والحزبية والقبلية والطائفية، بدل الحوكمة والتنافس الصادق. ونسينا وتناسينا الإصلاح والتطوير في الدولة وفي أنظمة الحكم وفي الدين والمعتقد».

ورأى أنه مع التحدي الذي تواجهه أمتنا وتواجهه بالتحديد بعض بلداننا العربية من نزاعات واصطفافات طائفية ومذهبية، لم يعد أمامنا في بلدان وطننا العربي إلاّ العودة للطريق الصحيح الذي سارت عليه كثيرٌ من شعوب الأرض، ونجحت في تحقيق التطور والتقدم على مسارات إعادة بناء دولها وحفظ سيادتها وفرض سلطة القانون والنظام على الجميع. وهي قامت بذلك عبر إعادة الاعتبار لنظام المشاركة الحرة والاختيار الحر، أي الاحتكام الى الأنظمة الديموقراطية القائمة على احترام المواطنة واحترام الآخر والقبول بالاختلاف والتنوع من ضمن الوحدة، والاحتكام الى العقل والتعاون المتساوي وليس إلى الغرائز، والتعاون الإقليمي والعربي على أساس التكامل وتعزيز نظام المصلحة العربية المشتركة بديلاً عن التنافر والتصارع، وبالتالي العودة إلى مبادئ احترام حق الإنسان العربي في حياة حرة وكريمة.

وقال إنه في خضم المصائب التي تنهال على رؤوس دولنا وشعوبنا العربية، أرى أنّ هناك حاجةً ماسةً لتكوين موقف عربي، يُخرجُ الأمة من حال التراجع والتقاعس والتواكل ويوقف حالة الانحدار العربية، ويُعيد للعرب احترامهم لأنفسهم، ويُعيدُ إليهم احترام العالم لهم ولقضاياهم، ويستعيد بموجبه المواطنون العرب بعض الأمل في المستقبل، فنحن العرب أمام مفترق:« نكون أو لا نكون ».