ما يحدث في العالم اليوم لم نتخيله، ولم نتوقع آثاره، فهذا الحدث أشبه بالزلزال الذي ما زالت ارتداداته تصل إلى كل مكان في العالم، وهو أخطر من أي حدث وقع في الماضي، نعم في الماضي كانت هناك مشاكل وأحداث اقتصادية وسياسية، ولكن الأمر مختلف تماماً الآن، ومن المهم معرفة الخسائر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على الأقل للآن؟

حتى أن صندوق النقد الدولي توقع أن الاقتصاد العالمي سينكمش بنسبة 4 في المئة هذا العام، وهو أكبر انكماش منذ الحرب العالمية الثانية، وحتى نتخيل حجم الأزمة... فإن الأزمة المالية في عام 2008 أدت إلى تقليص الاقتصاد العالمي بنسبة 0.1 في المئة فقط !

وفي هذا الزلزال لن يستطيع أن يصمد أمامه إلا الذي استعد جيداً للاختبار، وكل من لم يستعد فسيسقط في وحله سواء كانت شركة استثمارية أو عقارية، سنجد أسماء كان يشار إليها بالبنان في السابق، ولكن مع «كورونا» بالطبع الأمر سيكون مختلفاً وسيكون له رأي آخر تماماً.

ومن الواضح أن هناك أموراً كثيرة ستختلف علينا، فكرياً وسلوكياً واقتصادياً، سيتغير سلوك الناس بعد أن تهدأ الأوضاع، وسنلاحظ ازدياداً في عجوزات الدول وستزداد البطالة في قطاعات كثيرة مثل الطيران والترفيه ودور السينما والفنادق والسياحة، وفي المقابل زيادة الطلب في مجالات أخرى مثل شركات التكنولوجيا والصحة والأدوية.

وقد يكون هذا الوباء من نعم الله علينا حتى نفيق من الغفلة التي كنّا فيها، لا مجال للتهاون بعد اليوم، توزيع المناصب كفواتير سياسية سيعيدنا إلى المربع الأول، ومن محاسن «الفيروس» بيّن أزمة الإدارة الموجودة في مختلف القطاعات.

وأكبر خطأ قد ترتكبه الشركات هو تسريح العمالة في القطاع الخاص سواء كانوا كويتيين أو وافدين، لأننا في ظرف استثنائي قاهر والكثير لديه التزامات مالية، فيجب أن نتعاون وهذا وقت التكافل حتى يزول هذا الوباء بإذن الله تعالى.

ويجب أن يتغيّر التعليم بشكل جذري ونفكر في التعليم عن بُعد، والذي أصبح حاجة ماسة، وأن تكون المخرجات هي فعلاً ما تحتاجه سوق العمل، وإلا فنحن مقبلون على بطالة تمتد لسنوات وأجيال، إن لم نغيّر المناهج لتواكب العصر.

‏وللعلم في السابق كان يطلق على الأمي هو مَن لا يعرف الكتابة والقراءة، ثم تطوّر الأمر إلى الذي لا يُجيد استخدام الكمبيوتر، ‏وبعد انتهاء وباء كورونا سيكون الأمي الذي لا يعرف لغة البرمجة.