No Script

من الخميس إلى الخميس

عَشْرَةُ التوحيد

تصغير
تكبير

ما أجمل هذه الأيام، إنها العشر الأوائل من ذي الحجة، هي رمزٌ للإخلاص فقد أسْلَمَ فيها نبيّان طاعةً لربهما عزّ وجّل في أكبر اختبار، إنهما إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، والاحتفال بهذه المناسبة التي ستأتي هي رمزٌ للتذكيرِ بهذه القيمة العظيمة، قيمة الإخلاص والتوحيد.
 إن الإنسان بطبعه يحتاج إلى تذكير، كلنا إذا لم نمارس المذاكرة لا نتعلم ولا نحفظ وإذا لم نراجع ننسى أو يَبْهُتَ ما تعلّمناه، هذه طبيعة بشرية خلقها الله في داخل خلايانا.
إن الوقفات والمراجعات الإنسانية هي أحدى وسائل تحقيق النجاحات، لهذا أتت الديانات السماوية بتلك الأعياد والمناسبات لسبب مهم، إنه التذكير، عيد الأضحى يُذكّرنا بقوةِ الإيمان والثقة بالله، فحين يأتي لنبي الله ابراهيم قرارا من الله بذبح وحيدِهِ الذي جاءَهُ على كِبَر وحين يأمُرُ الابنُ أباهُ بشجاعةِ الواثقين بأن يفعل ما يُؤْمَر، هذا يعني كمال التسليم لأوامر الخالق وهو الغاية من الخَلْقِ.


الْيَوْمَ نحنُ بحاجةٍ إلى التذكير بهذه المناسبة، الإخلاص والاستسلام الكامل لله دون غيره، ما نراه الْيَوْمَ عزوفاً كبيراً عن الإخلاص فالديانات السماوية ابتعد مريدوها عن تمجيدِ الله إلى تمجيدِ عِبادِ الله، وكثيرٌ من المسلمين ما عادوا يُسَلِّمون أمرهم لله، هناك الْيَوْمَ من ينادي ليلا و نهارا بأسماء بشر، يطلبون منهم الحاجات ويضعون التبريرات لعمليات الشرك بالله بل إن بعضهم يغضب حين تنصحه ويعتبر الشرك بالله وسيلة لمرضاة الله وهي في حقيقتها أكبر سبب لغضب الخالق جلّ وعلا.
هذا هو سر العشرة الأوائل من ذي الحجة، وهذا هو سر عظمة هذه الأيام التي فضّلها الله على بقية الأيام وأكرمنا فيها بالحج ويوم عرفة وقد ورد بالحديث النبوي:
عن ابن مربع الأنصاري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قفوا على مشاعركم، فإنّكم على إرثٍ من إرث أبيكم إبراهيم»... رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
هذا هو الإرث الحقيقي الذي يجب أن نتذكره كل لحظة ونُذَّكِرَ به البشرية كل عام لعلهم يَرجِعون، يرجعون إلى حقيقةِ التوحيد وعظمةِ الخالق والتعبد بصفاته وأسمائه جل وعلا، هذا التعَبُد الذي يُصَّفي النفوس ويُريح الروح ويُسعد الإنسان، فمن يثق بأن الرِزْقَ بيدِ الله يبذُلُ الجُهد ويطمئن إلى حكمة الرازق، ومن يُؤْمِن بأن النفع والضُّر من الله لا يعرف القلقُ له سبيلا.
هذه رسالة التوحيد التي للأسف تجد معظم الناس لا يفهمونها حق فهمها، وقد حذَّرنا الله من ذلك بقوله (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ)... (سورة يوسف 106).
هذه أيّام للتذكير بخالص العبودية وصَفاءِ التوحيد فاستفد منها ودع عنك دعاوي الشرك مهما برّرها لك من تَتَّبِعُهُم من الناس فإنهم ينطقون باسم الشيطان.
إننا في أعظم أيّام الله فلنجعل كل حياتنا خالصةً لله ولنُرَّطِب ألسِنَتَنا بأسماءِ خالِقنا دون غيرهِ فهو سُبحانه المُستَحِّق وحده للعبادة.

kalsalehdr@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي