No Script

اجتهادات

اختبار «الآيلتس» ... قرار صائب

تصغير
تكبير

جاء قرار الحصول على «الآيلتس» من وزارة التربية والتعليم العالي، كأحد الشروط لابتعاث الطلبة إلى الخارج، في محاولة لإصلاح المنظومة التعليمية، كما أعلنت عنه الوزارة، ليلهب حرارة الصيف الملتهبة أصلاً، وسط جدال واسع في وسائل التواصل الاجتماعي وتهديد ووعيد من قبل النواب، في مواجهة تعتبر هي الأولى مع الوزير المجتهد حامد العازمي.
الجميل في الموضوع وبغض النظر عن وجهة نظري فيه، أن الوزير أكد ألا تراجع عن هذا القرار خصوصاً مع صدور حكم الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية، والذي أكد صحة قرار وزارة التربية وأن هذا القرار لا يحتوي على أي مخالفة لأي من أحكام الدستور، وأنه لا يخل بمبدأ العدالة وتكافؤ الفرص وحق التعليم للجميع كما يدعي البعض، بينما نظم هذا الحق ليس أكثر. وهذا بالطبع يحسب للوزير الذي لم يتراجع عن قراره كما يفعل الكثيرون بعد أي ضغط نيابي أو شعبي، خوفاً من المواجهة وحفاظاً على منصبه الثمين!
وبالرجوع إلى صلب الموضوع، فإن شرط اجتياز اختبار اللغة سواء بالكويت أو خارجها هو شرط أساسي للقبول في الجامعات المعتمدة. ووفقاً لما أعلنت عنه الوكيلة المساعدة لشؤون البعثات والمعادلات والعلاقات الثقافية والمتحدث الرسمي باسم وزارة التعليم العالي فاطمة سنان، فإن نسبة تعثر الطلبة المبتعثين لدراسة اللغة الإنكليزية تجاوزت 31 في المئة من إجمالي عدد المبتعثين، وهي نسبة عالية تحتاج إلى معالجة صحيحة وسريعة، أما استمرار الوضع على ما هو عليه يعني وبكل بساطة مزيداً من التعثر للطلبة المبتعثين الجدد!


الغريب في الموضوع، أن الوزارة أعلنت عن قرارها فجأة ومن دون سابق إنذار ومن دون تهيئة للطلبة الراغبين للدراسة في الخارج، وإن كنت أؤيد وبشدة هذا الإجراء، إلا أن من الأجدى أن يكون سريان القرار اعتباراً من السنة المقبلة لإفساح المجال للطلبة للإعداد الجيد للاختبار المطلوب والدخول في دورات تقوية إعدادية للتقدم للاختبار.
نعلم جيداً أن تكلفة الابتعاث مرهقة جداً على ميزانية الدولة وهي التي تبلغ أكثر من 4 مليارات دينار وهو رقم ضخم جداً في بند المصاريف، إلا أن حق التعلم أمر واجب بحكم الدستور والقانون وأن الدولة، والمفروض كذلك، مسؤولة عن ابتعاث الطلبة القادرين على إكمال مسيرتهم التعليمية، إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال ألا تقوم الوزارة باتخاذ ما يلزم لضمان عدم تعثر هؤلاء الطلبة وتكليف خزانة الدولة مزيداً من المصاريف.
ولتجاوز هذه المسألة، أعتقد أن على الوزارة أن تقوم في السنة الحالية بابتعاث من لم يحققوا النتيجة المطلوبة، إذا كان هناك مقاعد شاغرة بعد اختيار الطلبة الذين تمكنوا من اجتياز اختبار «الآيلتس»، وإعطائهم المهلة المطلوبة لتحقيق النتيجة الواجبة للقبول في الجامعات، مع إجبار الطالب وولي أمره على سداد كل التكاليف التي تكبدتها الدولة فوراً حال عدم تمكنه من اجتياز الاختبار حفاظاً على أموال الدولة، ونكون بذلك حققنا المطلوب من ابتعاث جميع الطلبة الذين نجحوا في الاختبار، وكذلك منحنا الفرصة لغيرهم في استكمال حلم استكمال تعليمهم في الخارج.
وأخيراً وهو المهم، فإن الوزارة إن كانت جادة في إصلاح المنظومة التعليمية، فإنها يجب أن تعيد النظر وبجدية في سياستها التعليمية، خصوصاً في ما يتعلق باللغة الإنكليزية، اللغة الأولى في العالم، ولا أعتقد أن الجميع يختلف على ذلك. واقع الحال يقول انه وبغض النظر عن ما أعلنته الوزارة أخيراً بأن نسبة التعثر في اجتياز اختبار اللغة متساوية لكل من طلبة المدارس الحكومية والخاصة، إلا أن المنطق والعقل وما نشهده يؤكد وبوضوح تفوق المدارس الخاصة في التعليم بشكل عام وفي اللغة الإنكليزية بشكل خاص، ما يعطي الأفضلية لهؤلاء في الحصول على مقاعد الابتعاث مقارنة بنظرائهم من طلبة المدارس الحكومية!
عادت بي الذاكرة قليلا إلى الوراء، لاستحضر معها ما صرح به وزير التربية السابق الدكتور محمد الفارس، الذي تشرفت أن أكون أحد تلاميذه، عندما قال ان جميع أبنائه يتلقون تعليمهم في المدارس الخاصة عندما كان هو على رأس الهرم التعليمي، ليعكس واقع الحال الذي قد لا يروق لمسؤولي التربية الحاليين!

boadeeb@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي