No Script

نفسياسي

رسالة للصديق... عبيد الوسمي

تصغير
تكبير

تابعت أحداث الندوة الأخيرة التي عقدت في ديوان العم أحمد السعدون، والتي لا أعلم هل أقيمت تحت رعاية تحالف «المعارضة» إن بقي من ذلك التحالف شيء يذكر، أم كانت مجرد ندوة للمهتمين بالشأن السياسي، أم أي شيء آخر. وعلى العموم، فلن نشغل أنفسنا كثيراً بالمسميات لقلة أهميتها في المرحلة الحالية!
 لن أعقب على كلام العم السعدون، فالرجل أصبح أيقونة للعمل الوطني نستفيد من توجيهاته مهما اختلفنا معه في بعض التفاصيل، إلا أن حديثنا سيتجه للصديق العزيز د. عبيد الوسمي، والذي أحب أن أسجل بداية إعجابي بكاريزميته الشخصية وصوته الجهوري. ولكن، وليسمح لي الصديق العزيز، فمهنتي كطبيب نفسي علمتني على التمييز ما بين الأسلوب والطريقة التي تقال بها الأمور، وما بين محتوى ما يقال، وهذا أيضاً يأتي تماشياً مع القولين المأثورين، «لا تنظر إلى من قال، بل انظر إلى ما قال»، و«لا تعرفوا الحق بالرجال، بل اعرفوا الرجال بالحق»!
 لن أسهب في المقدمة بشكل أكبر من ذلك، ولن أتحدث عن أداء د. عبيد كنائب، ولن أذكره بقانون إعدام المسيء وغيره، ولن أعدد في مساوئ المجلس المبطل الأول الذي كان السيد عبيد أحد نجومه، فهذا الموضوع أشبع بحثاً، ولربما نتطرق إليه في المستقبل إن لزم الأمر، لكنني سأقصر حديثي على الندوة المشار إليها وما عدت غير قادر على الصمت عنه بشأن صديقي د. عبيد وأطروحاته السياسية المزخرفة بالتعابير والمواد القانونية!


 لقد انطلق الأخ عبيد في حراكه ضد الحكومة في تحالف يرفع لواء الدولة الدستورية وقيمة القانون وعدم التمييز بين المواطنين وكل ذلك من شعارات جميلة، وقد أكد على كل ذلك في ندوته الأخيرة، بل وتطرق وبشجاعة إلى موضوع الثورات العربية المسماة بالربيع العربي، وأسهب في ما يراه من دور للأنظمة الخليجية وأموالها في تدمير تلك الثورات من أجل استخدام فشل الثورات كذريعة لوقف التحركات المطالبة بالإصلاح السياسي في أوطاننا خشية أن ينتهي بنا المطاف كما حصل في بلدان كليبيا وسورية، وساق من الشواهد الكثير مما يراه من أدلة تدعم وجهة نظره من مقالات منشورة في مجلات عالمية وغيرها. لكن الأخ عبيد فاته، على ما يبدو، أن الكثير ممن يتحالف معهم في حراكه الميت إكلينيكياً، كانوا ومازالوا ممن ساهم في عسكرة الثورات العربية وجمعوا الأموال جهاراً نهاراً لتمويل جماعات مسلحة في دول الربيع العربي تحت عناوين سياسية أو طائفية، ناهيك عن أن أدبيات الكثير من الحركات التي يتحالف معها الأخ عبيد، ويجلس بجانبهم في بعض الندوات، مازالت تنضح بالطرح الفئوي والطائفي وما يتعارض مع المفاهيم المدنية والديموقراطية والدولة العصرية التي يتساوى جميع أفرادها في حقوقهم وواجباتهم، فضلاً عن أن جزءاً منهم لا يخفي انتماءه إلى تحالف عريض عابر للحدود الوطنية ويتشابك مع محاور الصراع الإقليمي الدائر حالياً بين تركيا من جهة، وخصومها من جهة أخرى!
 السؤال الموجه للصديق عبيد، هل هذه الحركات التي ما زالت تعمل معها وتنسق معها لبناء دولة ديموقراطية حقيقية كانت أداة للأنظمة التي اتهمتها بتدمير الثورات العربية؟... فإن كانت الإجابة بنعم، فلماذا نراك مازلت تنسق معها بشكل أو بآخر؟... وإن كانت الإجابة بلا، فهل تؤمن سيادتك بالتنسيق والعمل الوطني مع جماعات تؤمن بالتدخل المسلح في دول عربية أخرى من خلال تمويل ميليشيات أدى تشكيلها إلى تدمير التحرك السلمي العربي المطالب بالحرية والديموقراطية والكرامة؟
 
صديقي عبيد...
سيتهمني محبوك بأنني مدفوع من قبل البعض لمهاجمتك، لكنني أعول على ما تبقى من حصافة نعرفها فيك لتميز بين النقد الصادق وغيره، مع ضرورة التذكير بأن هذا المقال يأتي تصويباً لجهود نراها صادقة من قبلك وغيرك لمكافحة الفساد في بلداننا، ولسنا ولن نكون يوماً في موقع التبرير لكل ما يحدث من إضعاف لقيم المواطنة الحقة وتهميش لمؤسساتنا الدستورية.
هل وصلت الرسالة؟
أتمنى ذلك!

‏alkhadhari@gmail.com
‏Twitter: @dralkhadhari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي