No Script

نسمات

البرازيل... تجربة نجاح!

تصغير
تكبير

التجارب الناجحة في العالم كثيرة وتتلخص في حسن الإدارة والتدبير أكثر من ضربات الحظ ومساعدة الآخرين.
ومن تلك التجارب تجربة البرازيل في الثمانينات، فقد مرت البرازيل بأزمة اقتصادية طاحنة، وقامت بالاقتراض من صندوق النقد الدولي معتقدة بأنه الحل لأزمتها، حيث طبقت حزمة من الشروط المجحفة وقامت بتسريح ملايين من العمال وخفض أجورهم وإلغاء الدعم، ولكن الاقتصاد البرازيلي انهار، وفرض البنك الدولي المزيد من القيود على البرازيل، ما تسبّب في إشعال الأوضاع السياسية الداخلية فيها، وهبط ملايين المواطنين تحت خط الفقر، ما دعا البرازيل لمزيد من الاقتراض من البنك الدولي، ولكن الأوضاع زادت تدهوراً وأصبحت البرازيل الدولة الأكثر فساداً وطرداً للمهاجرين، والأكبر في معدل الجريمة وتعاطي المخدرات والديون في العالم، وتضاعف دينها العام تسع مرات في 12 عاماً، وانهارت العملة حتى هدد صندوق النقد بإعلان إفلاسها إن لم تسدد فوائد القروض وكانت البرازيل تحتضر بمعنى الكلمة!
في عام 2003 انتخب البرازيليون لولا دا سيلفا رئيساً لهم، والذي عانى من الفقر والجوع وكان يعمل ماسحاً للأحذية، والذي قال كلمته الشهيرة: «لم ينجح أبداً صندوق النقد إلا في تدمير البلدان»، ووضع بنداً في الموازنة العامة أسماه «الإيمانات الاجتماعية المباشرة» وهي رواتب مالية مباشرة للأسر الفقيرة، شملت 11 مليون أسرة أو 54 مليون برازيلي.


كيف استطاع سيلفا تدبير الأموال اللازمة لذلك الدعم؟
إنه عن طريق رفع الضرائب على رجال الأعمال والفئات الغنية في المجتمع، لكنه في الوقت نفسه لم يكلف الأغنياء شيئاً لأنه منحهم تسهيلات كبيرة في الاستثمار، وآلية تشغيل أعمالهم، ومنح الأراضي مجاناً وسهل التراخيص، وأعطى قروضاً بفوائد صغيرة، ما ساعد في فتح أسواق جديدة، وارتفع دخل الفقراء وتضاعفت منتجات رجال الأعمال!
بعد 3 سنوات فقط عاد مليونا مهاجر برازيلي إلى البلاد ومعهم 1.5 مليون أجنبي للاستثمار والحياة في البرازيل، وخلال فترة رئاسية واحدة للرئيس دا سيلفا - 4 سنوات - سددت البرازيل كل مديونية صندوق النقد، وتفوقت في مجال الصناعة والتعدين والزراعة والتعليم!
وبعد انتهاء ولايتين من حكم دا سيلفا (عام 2011) ونجاحاته المتواصلة طلب منه الشعب الاستمرار، لكنه رفض بشدة وقال كلمته المشهورة: البرازيل ستنتخب مليون لولا دا، ولكنها تملك دستوراً واحداً».
نتمنى من حكومتنا الموقرة أن تقتدي بتجربة البرازيل، وأن تخطط للسنوات المقبلة، التي تتطلب الحكمة والإرادة والتخطيط السليم، بدلاً من القرارات الشعبوية التي تستهلك احتياطينا وتبدد مدخراتنا، ولا نستفيد منها شيئاً!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي