No Script

العالقون في الكويت بين رهان الحكمة وعلاقة المستقبل

تصغير
تكبير

حكمة القادة التي تعوّدنا عليها، هي الرهان الحقيقي لمعالجة الملفات الصعبة في الظروف القاهرة. فرحابة صدر قادتنا واتساع أفقهم ورجاحة عقولهم وقراراتهم الإنسانية العابرة للأزمات أو أي خلافات، تجعلنا نطمئن إلى أن مصير العالقين المصريين في دولة الكويت سيجد طريقه للحل المرضي والناجع.
فالكويت مركز الإنسانية، وسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، قائد ورمز للعمل الإنساني في العالم، يملك من الحكمة والبصيرة والروية والهدوء والصبر والتفاؤل ما يجعله يحل أصعب الملفات، كيف لا، وابتسامته الدائمة تسبقه في فتح الأبواب الموصدة.
يقابل ذلك القوي الأمين الصبور القائد المحنك الجريء الذي حمل روحه على كفيه فداء وثمناً مقابل مصير الوطن والشعب، الرئيس المصري المؤمن المكافح عبدالفتاح السيسي.
فمن يعرف صفات قادتنا وحبهم لأوطانهم، يطمئن كثيراً لمصير كل الملفات، فليس كل ما يعرف يقال، لذلك لنطمئن إلى أن الأمانات في يد أهلها.
نحن نطالب من منظور إنساني ونحن نستقبل الشهر الفضيل الذي ننتظره من عام لعام، وهو الضيف العزيز شهر رمضان المبارك، بحد أعلى من السرعة في الاستجابة الفورية لطموحات وتطلعات بضعة آلاف من المواطنين المصريين العالقين في دولة الكويت الشقيقة الذين يستنجدون الآن بالوطن بعدما تقطّعت بهم السُبل فجأة، نتيجة ظروف وتحديات وتداعيات فرضت نفسها جراء جائحة «كورونا» التي عمّت العالم «آملين إعادتهم إلى بلدهم بشكل كريم والحفاظ علي إنسانيتهم أمام العالم أجمع، وتصحيح المفاهيم التي برزت أخيراً حول تنصل الدولة المصرية من أبنائها، حيث ان ذلك سيحفظ كرامة 14 مليون مصري يعيشون في الغربة، و90 مليوناً يعيشون على أرض الوطن... بل إنه حفاظ على كرامة الوطن ذاته.
تابعنا على مدار الأيام الماضية، أخباراً ومشاهد قاسية لمواطنين مصريين مغتربين في دول عربية وأجنبية يناشدون المسؤولين التدخل لإعادتهم إلى وطنهم وإنقاذهم من المعاناة التي يعيشونها في ظل ظروف صعبة على إنسانيتهم وكرامتهم، وقد وصل الحال ببعضهم، الاستمرار في مراكز الإيواء.
لقد تواصلت طوال الفترة الماضية مع جهات الاختصاص لنقل الشكاوى التي وصلتني، وكان الرد دائماً، أن الأمر محل اهتمام شديد وأن الحل قريب جداً، إلى أن جاء إعلان الحكومة منذ يومين، عن استهدافها خلال الفترة المقبلة ومن دون حتى أن تعلن عن خطة محددة أو مواعيد مبرمجة، إعادة 3378 من المواطنين العالقين، بعدما اعتمدت تعريفاً لـ«العالق» بأنه كل مصري كان في زيارة موقتة لإحدى هذه الدول، أو كان مسافراً بغرض السياحة، أو في رحلة علاج، أو في مهمة عمل، أو نشاط تجاري أو ثقافي، أو كان حاضراً مؤتمراً في الخارج، أو من الطلاب الذين أغُلقت المدن الجامعية الخاصة بهم، ولم يتمكنوا من العودة إلى مصر بسبب توقف حركة الطيران.
ومع التأكيد على أهمية هذه الخطوة والإشادة بها، إلا أنها تبقى محدودة وقاصرة بشدة، ذلك أن التعريف المعتمد للفئة المستهدفة بالإجلاء لا ينطبق ربما على عشرات الآلاف الآخرين من الحالات شديدة الإلحاح، وبالأخص في بعض الدول العربية التي تستقبل أعداداً كبيرة من العمالة المصرية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، دولة الكويت الشقيقة التي تشير إحصاءات عام 2018 إلى أن قرابة 644 ألف مصري يقيمون ويعملون بها، بينما يتواجد منهم الآن نحو 5500 في مراكز إيواء، وينتظرون الترحيل لمخالفة شروط الإقامة وعدم قانونية بقائهم.
هذا في الكويت وحدها، بخلاف الاستغاثات المتكررة والمؤلمة التي شاهدناها من مواطنين مقيمين في معظم البلدان العربية الأخرى، فكيف تكون خطط الحكومة هي فقط إعادة 3378 مواطناً مغترباً، بينما الدولة الشقيقة نفسها التي أشرت إليها كمثال، تستعد خلال الأيام القليلة المقبلة، ومن خلال خطة إجلاء كبرى، لإعادة 40 ألف كويتي من مختلف بلدان العالم، وهي الدولة التي يقدر عدد من يحملون جنسيتها بنحو 1.3 مليون؟ وهل كثير على مصر الكبيرة بحجمها وقيمتها وعدد سكانها المقيمين على أرضها، والمغتربين أيضاً، أن تنفذ خطة مماثلة في أسرع وقت؟
من منطلق وطني بحت وانساني، أناشد السيد الأستاذ الدكتور رئيس مجلس الوزراء بتوجيه الحكومة بنحو البدء فوراً في تكليف السفارات والقنصليات المصرية باستقبال بيانات الحالات ذات الأولوية القصوى من خلال الرسائل البريدية والإلكترونية والاتصالات الهاتفية، ومن ثم فحصها وتحديد العاجل منها للبدء في تنفيذ خطة إجلاء منظمة على مراحل عدة، وبحيث يتم استقبال العائدين مباشرة، بعد الكشف عليهم، في الأماكن المخصصة للعزل ولمدة 14 يوماً، سواء في الفنادق، وبسعر التكلفة لمن يتحمل دفعها، أو لغير القادرين في المدن الجامعية وعلى نفقة الدولة، وبما يمكن أن يضاف إليها من تبرعات المصريين.
نعرف أن الأزمة المفاجئة التي خلقها انتشار فيروس كورونا كبيرة فعلاً، وأن التحديات التي تواجهنا بسببها صعبة حقاً، إلا أننا في حاجة لبذل كل الجهود الممكنة في إطار الأولويات التي يحتاج إليها المواطن المصري، ومن بينها هذا المطلب المهم جداً، والذي ننتظر من الحكومة الاستجابة السريعة له، ليس فقط للأسباب الإنسانية التي تكشفها بوضوح الاستغاثات التي أشرنا إليها، وهي تكفي وزيادة، ولكن أيضاً بالنظر إلى صورة الدولة المصرية في عيون ووجدان كل مواطنيها، في الداخل كانوا، أو من المغتربين الذين قدرت وزيرة الهجرة عددهم في فبراير 2019 بنحو 14 مليوناً.
يجب ألا ننسى أنهم في غربتهم يوفرون الفرص المتاحة على أرض الوطن لغيرهم، كما يرفعون عن كاهله أعباء أخرى، إضافة إلى أنهم يمدون الوطن بأكثر من 25 مليار دولار سنوياً من التحويلات المالية - أرقام 2018 - 2019 - والتي يتوقع لها أن تشهد انخفاضاً ملحوظاً، كما يتوقع لهم أنفسهم أن يواجهوا ظروفاً صعبة خلال الفترة المقبلة في الدول التي يعملون بها، وذلك من واقع تداعيات الوباء الذي يجتاح معظم بلدان العالم، والذي نسأل المولى القدير، لوطننا، وأمتنا، والإنسانية جمعاء، الخلاص منه بأسرع وقت ممكن، وأقل تكلفة ممكنة اقتصادياً.
نترقب قراراً وطنياً عاجلاً يعكس التضامن والتكاتف في الأزمات ويعلي قيمة الإنسان أولاً وأخيراً، ففي الأزمات تبرز المعادن الصلبة والأصيلة.

* أمين المصريين في الخارج -«حزب الحرية المصري»

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي