No Script

ببساطة

الآباء المؤسسون... رؤية لم تكتمل!

تصغير
تكبير

لا يمكن بحال أن تمر علينا ذكرى إصدار دستور الكويت من دون أن نستذكر دور الآباء المؤسسين، وهم الأمير الراحل المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح وأعضاء المجلس التأسيسي؛ وتحديداً أعضاء لجنة صياغة الدستور، فهم من وضع الحجر الأساس لبناء دولة الكويت الحديثة، والتحول من الإمارة إلى الدولة، تلك الرؤية التي وضعها الآباء المؤسسون في ذلك العصر لم تكن رؤية لبلد يدار بعقلية المشيخة أو توجهه العقلية الدينية الطائفية بالضرورة، إنما وضعوا أساساً صريحاً لبناء دولة مدنية ذات منهجية ديموقراطية... بلداً يعمل وفق إطار مؤسسي منظم، تتساوى فيه حقوق المواطنين من دون النظر للجنس والعرق والمذهب، فكان دستور 62 الذي لم يكن ليرى النور لولا التضحيات الكبيرة التي قدمها الآباء والأجداد منذ ثلاثينات القرن الماضي.
بعد إقرار الدستور لم تتوقف هجمات السلطة على ذلك المكسب الشعبي الكبير، بل كان هناك تعمد لتشويه هذا الدستور منذ البدء بصياغته عبر اعتراض الحكومة على العديد من مواده وإعادة صياغة بعض المواد بحيث تقلل من المكاسب الشعبية، تلك الهجمات المستمرة أدت بالنهاية إلى تقويض هذا الدستور ومشروع الآباء المؤسسين لبناء دولة الكويت الحديثة، فأصبحنا اليوم نعيش واقع الفوضى السياسية وتسيّد القرار الفردي، وتوقفنا منذ ذلك الوقت عند دولة الكويت الثالثة بعد الدولة الأولى في عهد الشيخ صباح الأول والدولة الثانية في عهد الشيخ مبارك الكبير.
ذلك التوقف عن بناء دولة الكويت الحديثة كان من الممكن أن يتم تجاوزه، واستئناف بناء دولة الكويت الرابعة التي يتم فيها استكمال العمل الديموقراطي عبر التحول للنظام البرلماني مكتمل الأركان، وترسيخ العمل السياسي الجماعي المنظم، وتأكيد مقولة الأمة مصدر السلطات جميعاً، وذلك تحديداً بعد تحرير الكويت من الاحتلال الغاشم عام 1991، حيث تم التأكيد على ضرورة إعادة الاعتبار للدستور والديموقراطية في مؤتمر جدة الشعبي ذلك الحين، كما جاءت وثيقة أبناء الأسرة «الشهيرة» لتؤكد على ذلك التوجه، لكن للأسف كانت الغلبة مرةً أخرى للقوى الرجعية الرافضة للديموقراطية وبناء دولة الدستور والمؤسسات، فتم إجهاض ذلك المشروع الذي طالما نادينا باستكماله لتتحقق رؤية الآباء المؤسسين.
نحن اليوم نعيش عند تلك اللبنة وذلك الأساس الذي وضع في العام 1962، ولا نزال منذ سبعة وخمسين عاماً نحاول الحفاظ عليه من الهدم، بينما يفترض أن نعمل جاهدين على وضع اللبنات الأخرى لنستكمل ذلك البناء ونحقق تطلعاتنا كشعب في دولة دستورية ديموقراطية مدنية، وهذه المهمة التاريخية هي مهمة الأبناء والأحفاد من الشباب الوطني، فقد حان الوقت لنعي حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقنا، فالتاريخ مليء بالأمثلة والأحداث التي تؤكد بأن التغيير هو الأمر الوحيد الثابت، وأن استمرار الوضع على ما هو عليه من المستحيلات، لذلك علينا أن نعمل على استكمال مشروع الآباء المؤسسين، لنبني دولة الكويت الحديثة، فنعيد الاعتبار للمواطنة الدستورية، ونرسخ فكرة العمل الجماعي المنظم، ونعمل على استكمال العملية الديموقراطية والتحول إلى النظام البرلماني مكتمل الأركان، فنعمل على اقتلاع الفساد من جذوره، لتكون دولة الكويت رابع دولة مدنية ديموقراطية تكافح الفساد ولا ترعاه، وتقوم على أسس المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية!

dr.hamad.alansari@gmail.com
twitter: @h_alansari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي