No Script

خلال مزاد بلغت حصيلته 600 ألف دولار

لوحات فنية في بيروت ... وفّرت «زاداً» لأطفال سورية النازحين

تصغير
تكبير
| بيروت - من آمنة منصور |

لوحات كأنّها مرسومة بمأساة أطفال سورية ولهم، نسجتها ريشة فنانين تشكيليين من مختلف الدول العربية (لبنان وسورية والسعودية وشمال أفريقيا وغيرها) **وفّروا النِصاب لمعرض مزاد جمع نحو 600 ألف دولار ستشكّل الزاد لأطفالٍ لجأوا من سورية الغارقة في الدم والدمار إلى لبنان حيث ارتسمت مأساة التشرّد المفتوحة على المزيد من «الفواجع» الانسانية.

هم أطفال سورية الذين خطّوا بأنامل فتيّة أولى شرارات الثورة على جدران درعا قبل ان ينالوا لاحقاً نصيبهم الوافر من الاعتقال والتعذيب والقصف والتهجير، منهم مَن قضى نحبه، ومنهم مَن انخرط في القتال، وآخرون حزموا وأهاليهم حقائب الرحيل تاركين آمالهم تحت ركام غرف طفولتهم وفي ساحات أحلامهم التي صارت «كوابيس»، وشقّوا في ليالي القصف طريقاً وعرة نحو أمنٍ فتّشوا عنه ولو نوم في العراء وتشرد في شوارع المدن الفارهة.

في لبنان حيث يتزايد عدد النازحين السوريين باضطراد مع تمدد رقعة الدم في سورية، تذبل ملامح الطفولة «المشرّدة» في وجوه أولاد توافدوا من الشام وحلب والرقة ودير الزور و«اخواتها» من المدن والبلدات التي صارت «ملعب نار». لم يلتحقوا كنظرائهم بمقاعد الدراسة، بل امتهنوا التسوّل لسدّ الرمق فيما آخرون يبيتون على جوع المأساة التي تأكل من «لحمهم الحيّ».

حرصاً على إنقاذ الطفولة وإنعاشاً للأمل في قلوب الأطفال اللاجئين السوريين إلى لبنان الذين يتجاوز عددهم نصف مليون، اجتمعت في معرض البيال عند واجهة بيروت البحرية وتحت عنوان «فنون سورية ـ بيروت» أعمال فنية لعدد من كبار الفنانين اللبنانيين والعرب، بمبادرة من عقيلة رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط السيدة نورا جنبلاط التي نقلت فكرة مزاد علني اقيم في باريس في الـ «institut du monde Arabe» قبل نحو عام تحت عنوان «Syriarts»، لتخضع الأعمال العربية القيّمة بدورها في بيروت لمزاد جمع نحو 600 ألف دولار أميركي ستساهم في تأمين حاجات الأطفال السوريين النازحين.

المعرض التشكيلي الذي نظمته جمعية «فنون سورية - لبنان» بالتعاون مع شركة «سوليدير» اجتمع فيه الإبداع مع النوايا الحسنة، ولم يبخل كبار الفنانين التشكيليين اللبنانيين والعرب ولا سيما السوريين، العراقيين، الفلسطينيين والمغربيين، في تزويده بأجمل اللوحات وأبهى المنحوتات وأفضل الصور الفوتوغرافية.

وتكشف ندى الأسعد إحدى منظمات المعرض لـ «الراي» أن «أحداً من الفنانين الذين تواصلنا معهم لم يرفض المساهمة بتزويد المعرض بلوحة أو أكثر من إبداعاته. وفيما كنا نتوقع جمع نحو خمسين لوحة تمكنا من جمع مئة وخمسين»، مشيرة إلى أن «بعض الفنانين خصّ المعرض بلوحات رسمها خصيصاً له».

جولة في المعرض تبيّن هوية الريشة التي أبدعت ووسمت اللوحات بتوقيعها، فكان من الفنانين: ندى حبيش، جوزيف حرب، ساميا حلبي، عمار عبد ربه، لور غريّب، شكرالله فتوح، حسين بعلبكي، أمين الباشا، زينة عاصي، شانت افيديسيان، وائل درويش، فلافيا قدسي، أيمن بعلبكي، شذا شرف الدين، رندا علي أحمد، يوسف عبدلكي، نبيل نحاس، سامية حلبي، منى حاطوم، جو كسرواني، حسين ماضي، نجا مهداوي، جابر العظمة، ريم الجندي، جميل ملاعب، مي ريشاني، فريد بلكاهيه، وآخرون كان اللافت بينهم رسام الكاريكاتور السوري علي فرزات الذي فاض على المعرض بتألقه عبر لوحات أربع جسدت إبداعه.

وبالريشة التي جسّدت الحاضر بكل معانيه، حياة وموتاً، سكوناً وصخباً، حباً وسخطاً، تناثرت الألوان على جدران المعرض، فلم يغب عنه الطفل السوري بفرحه ومعاناته، فتراءى من بين زهور أندريه شامي طفلاً يقفز فرحاً مزهواً بجمال الطبيعة، وفي لوحة شكرالله فتوح التي جسّدت الجبل، تتبدى أطياف صبية يلعبون على سفح أحد جبال القلمون. وفي لوحات أخرى يتشح الطفل السوري بكوفية ثائر، وإن بدى أكبر سناً فتلك ممحاة الهموم التي نزعت عن محيّا الفتى براءته.

عبدالله العمري جمّد في لوحته طفلا أراد له بيد تغض نظره، ألا يعيش المأساة «فعلّقه» حتى الأزل على لوحة. أما الفتاة المكسوة بشيء من القماش وتختبئ في جحر ضيق وسط الجدار، لعلها كانت فتاة حلبية تبعت نوراً يقيها رصاص المتقاتلين وصواريخ المتصارعين، فإذا بشرك وقعت به سلبها عفّتها، فطأطأت رأسها مكسورة الجناح.

الأسعد، التي تتحدث بفرحة غامرة عن الجو الرائع الذي ساد المزاد، تلفت إلى أن المشاركين كانوا بمجملهم من الفنانين وجامعي القطع واللوحات الفنية، التقوا تحت سقف المعرض مدفوعين بسمة مشتركة وهي حبهم للفن، موضحة أن عدداً كبيراً من المهتمين اشتروا لوحات «أون لاين» عبر الإنترنت من خارج البلاد. وتتضاعف حماستها عند الإشارة إلى أن «المبلغ الذي تم جمعه، والذي وفرت لوحة الفنان نبيل نحاس حصة وازنة منه ببيعها بمئة ألف دولار أميركي، سيتم توزيعه بحسب معايير أربعة: أطفال، لاجئين، سوريين، في لبنان»، لافتة إلى أنه «ستصل الى مَن تنطبق عليهم هذه المعايير المساعدة من المبلغ المجموع عبر «اليونيسيف»، وجمعية «save the children» و»action against hunger»، وربما يتم توزيع جزء من هذا المبلغ على جمعيات أخرى مضطلعة بهذا الشأن، علها تخفف بعضا من معاناة الأطفال اللاجئين السوريين إلى لبنان».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي