No Script

المرّات الأولى لأننا نستحق

No Image
تصغير
تكبير

المرّات الأولى بعمومها هي دائماً الأصدق، هي الأكمل وهي لا تشبه ولن تشبه غيرها من المرّات.
شفّافة، نختبرها بكل ما نملك من روح وجسد وفكر ونحفظها حتى أخر المرّات وبعدها.
هل ننسى يوما أول مرّةٍ أقصانا المعلّم لشغبنا من الفصل، فضحكنا بهستيريا طفوليّة واحتضنّا ذكرى لن تغرُب؟
هل ننسى الليمون أول مرةٍ عانَقَنا بحموضته فاشتعلت حينها حواساً مجهولة؟
كثيرةٌ هي المرّات الأولى، أول فرحة وأول عناق
أول بكاءٍ مُر وأول رشفة قهوة
حتى الأخطاء، أولها لا يُمحى من ذكرانا ولو أعدنا الكرة آلاف المرات.
أول ربحٍ وأول خسارة، كل أول مَرّة لن تُكرّر وإن كررنا الفعل ذاته،
وهكذا يكون العشق أيضا...
هو الذي معه ملايين المرّات الأولى نختبر، أول رعشة قلب وغرة أنفاس تقطّعت، من كلمة أولى، لاعتراف أول لإحساسٍ نألفه للمرة الأولى.
نجنّ ونخرج عن كل مألوفٍ ونتجاوز أبعاد معرفتنا وتطلعاتنا ونبصرُ للمرةِ الأولى حلم الهوى، حلم السعادة غير المبررة وغير العقلانية أو التي قد تكون ملكاً لغيرنا في الختام.
نعم... ما أروع المرّات الأولى، تبقى للأبد متفرّدة، تبقى استثنائية ولكن، كما المرّة الأولى، قد نعشق للمرّة الثانية أو أكثر وستكون مختلفة وفريدة في كل مرّة.
أجل... لا يمكن أن تكون بنفس الطيب أوالرائحة ولن تحمل ذات الوَلَع وتلك النوبات الشَرِسة، ولكن قد تحمل جمالاً مختلفاً، قد تحمل فُرصاً جديدة.
قد تكون مرتنا الثانية أو الثالثة أو حتى العاشرة ولكنها ملكنا ومعنا ومن أجلنا، هي تخصنا وتُشبعنا بأحاسيس مختلفة تشبهها فقط، تخص فقط من كَوّنَها، وتملأ مكانا حُفِظَ لها خُلِقَ من أجلها.
لا تستهينوا بالمرّات الأخرى فإن الفرح والتعطش، الحنين والشجن، الحماقة والصبا وكل شيء آخر غير محتكر للمرّة الأولى.
لا يمكنكم أن تحدّوا الأشياء وتحاصروها، تمتنعوا عن لَذَّةِ المرّات الأخرى، لا تقللوا من خُطورتها أو شراستها فكلّ مرحلة وكل يوم له نكهة فارقة له فرصة ولادة جديدة، له حق بأن يكون وأن يتشكّل.
آمنوا أن كل يوم هو حياة مختلفة، وأن كل روح سيزورها من يثريها روحاً، وكل فصل هو كفيل بأن يتميز بعيداً عن أي مقارنة أو أي صراع. فقط اسمحوا للأمور أن تحدث، ودعوا الأحاسيس القابعة تنهض واتركوا الرائحة المحاربة تَروج حتى تَعبَق بها أرواحكم بلا تردد بلا شكوك...  سافروا مجددا لمكانٍ قصدتموه واخلقوا انفعالات جديدة، اصطلحوا مع أناس من أرشيف الأيام وخوضوا تجربة جديدة، اقرأوا كتاباً للمرة الثانية وانظروه بفكرٍ جديد.
إن كنّا نحن أنفسنا نتجددُ كل يومٍ ومع كل اختبار، فكيف برأيكم تَجدد الفُرص يكون؟
تجدد المرّات وتجدد الأرواح؟
نعم لكل المرّات، لماذا؟
لأننا نستحق.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي