No Script

عزيزي الأب...عزيزتي الأم ماذا عن تعلُّق قلوب أبنائكم بالقرآن؟

No Image
تصغير
تكبير

تُشكل مسألة حفظ القرآن عند بعض أولياء أمور الأطفال نقطة روحانية محورية، تشغل عقولهم وقلوبهم، فكلام الله عزّ وجل يسكن أرواحهم، ولاتطمئن قلوبهم إلا حين يرون أبناءهم وقد انخرطوا في مراكز ومدارس تحفيظ القرآن، وهؤلاء لاخوف عليهم، لأنّ عزيمتهم القوية، وإرادتهم الحديدية المستمدة من قوة الله عز و جل لايمكن وصفها، ولاحدود لآفاقها ماشاء الله. ولكن ماذا عن الآخرين الذين يتحملون وِزْر تربية أبنائهم بتوجيه انتباههم لأمور دنيوية خالية من كل الأبعاد الايمانية يعلمونها لأطفالهم، ويفاخرون بها أمام الناس، وقد يدفعون رسوما مالية باهظة، وفي ذات الوقت يتثاقلون في تعليمهم القرآن، فينشأ الطفل في هذا المحيط الأسري بعيدًا بقلبه وروحه عن كتاب الله عز وجل.
 ربما هذه الفئة من الناس برحمة من الله تبارك وتعالى، وفي لحظة روحانية خاطفة يقرّرون إدخال أبنائهم إلى مراكز تحفيظ القرآن، وهنا تكون الخطوة الصحيحة والبداية الجميلة التي تضيء حياتهم وحياة أبنائهم بنور الله عزوجل، ولكن مايؤسف هو أنّ البعض منهم يظنّونُ أن تحفيظ أطفالهم - بمختلف مستوياتهم العمرية والعقلية والتذكرية- يقع في دائرة مسؤولية معلم القرآن، وهذه معلومة خاطئة، وفكرة مغلوطة، فالمعلم يُوجِّه ويراقب ويدقق في التلاوة الصحيحة للطفل بقواعد التجويد، ويصحح حفظه بعد ذلك، ولكن مسؤولية التحفيظ تقع على الطفل في المنزل، يحفظ ويراجع ماسبق حفظه مسترشدا بتعليمات معلمه، وبتشجيع من أسرته، أمّا إنّ كان صغيرا لم يتعلم القراءة بعد، فتلك مسؤولية أسرته في المساعدة والمتابعة الحثيثة. تلك النقطة الحاسمة التي حين يتوصل إليها بعض أولياء الأمور، فإنهم وللأسف يفقدون العزيمة والهِمّة في استمرار أولادهم في حفظ القرآن، فيقررون بعد فترة وجيزة سحب أطفالهم من مراكز القرآن، لشعورهم بالضجر والملل والكسل في المتابعة، في مقابل حماسهم الكبير ومتابعتهم المجهرية الدقيقة لدروس المدرسة والفروض المنزلية التي يُقررها المعلمون لأبنائهم في كل المواد الأدبية منها والعلمية.
 ونأتي هنا إلى السؤال المهم: لماذا يتحمس بعض أولياء الأمور لدقة حفظ أبنائهم للنصوص الأدبية، والمعلومات التاريخية والجغرافية، والنظريات العلمية التي تُعطيها المَدْرسة لأطفالهم، بل يعمدون إلى دروس الدعم الخاصة التي تكلفهم ماديا من أجل تحصيل النقاط العالية في المدرسة للتفوق، في حين يغيب هذا الحماس وهذا النشاط الذهني والسلوكي الكبير في متابعة حفظ أبنائهم لكتاب الله عزّوجل؟! وهذا السؤال الجوهري الذي يطرق بوابة قلوب هؤلاء الآباء والأمهات، يولِّد سؤالا مهما يحرك الضميرالايماني في أعماقهم قائلا: ألا نخجل من الله عزّ وجل باستخفافنا بكلامه تبارك وتعالى بجعله في آخر قائمة اهتماماتنا؟ هنا ينبعي أن يطفو الشعور بالذنب والتقصير في حق الله عز وجل، فقراءتنا للقرآن هي استماع لحديث الله تبارك وتعالى إلينا، وأي حديث أجمل من حديث خالقنا؟ فكيف نغفل ذلك؟ معادلة بسيطة تقول: انّ الطفل لايمكنه أن يتخذ قرار الانضمام لحلقات القرآن، ولا الاستمرار فيها أوالانسحاب منها، فالقرار بيد أولياء أمورهم، فهم من يحملون أحقية هذا القرار بحكم الوصاية على أبنائهم في الصغر.
أختم مقالي بقولي: ألا تبعثك العزيمة في هذه اللحظة بالانتفاضة ضد التكاسل في حق كتاب الله عز وجل باتخاذك قرار إلحاق ابنك بمراكز تحفيظ القرآن، والشعور بالسعادة الكبيرة بمتابعة حفظه، والمراجعة معه في البيت؟ ما أعظمها من لحظات روحانية تجمعك بطفلك في حضرة كتاب الله عز وجل! اللهم عَلِّق قلوبنا بكتابك العظيم، واشغلنا به، واجعله نوراً يضيء دروب حياتنا.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي