No Script

ذكرى اغتيال شطح... رسائل في أكثر من اتجاه

تداعيات ترشيح فرنجية لرئاسة لبنان... «لمْلمة» في «14 آذار» وشروخ في «8 آذار»

تصغير
تكبير
شكّلت المشهدية التي رافقتْ إحياء قوى «14 آذار» الذكرى الثانية لاغتيال الوزير السابق محمد شطح، مؤشراً الى رغبة تحالف «انتفاضة الاستقلال» في توجيه رسالة في أكثر من اتجاه الى ثباتها على وحدتها وخياراتها الوطنية.

وجاء الاحتفال بذكرى اغتيال شطح الذي اقيم عصر امس، في جامع محمد الأمين في وسط بيروت ليكتسب مجموعة دلالات في الشكل والمضمون. فالمكان الذي اختير لإحياء المناسبة حمل رمزية كبيرة باعتبار ان هذا المسجد يحتضن في باحته أضرحة كل من الرئيس رفيق الحريري واللواء وسام الحسن كما شطح اضافة الى مرافقيهم، وهم الذين سقطوا منذ الـ 2005 في إطار الصراع الكبير في لبنان والمنطقة الذي لم ينتهِ بعد.

أما في المضمون فحملت كلمة رئيس «كتلة المستقبل» في الاحتفال، وقبلها بيان الرئيس سعد الحريري، تجديداً لالتزام قوى «14 آذار»، التي حضرت كل مكوّناتها في جامع محمد الأمين، بقيم «ثورة الأرز» الجامعة والعابرة للطوائف والمتمسكة بالاستقلال والسيادة والحرية والدولة المدنية والعيش المشترك والحفاظ على الدستور وسلطة الدولة العادلة، اضافة الى تأكيد ان هذا التحالف الذي يجمعه «الدم» لن تفرّقه السياسة وانه ما زال على تماسُكه في ما خص الرؤية الاستراتيجية لمستقبل لبنان والصراع في المنطقة.

واعتُبرت الذكرى الثانية لاغتيال شطح بمثابة إحياء لـ «روح 14 آذار» التي واجهت تحدياً غير مسبوق منذ الكشف عن طرح الرئيس الحريري اسم زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وهو ما تسبّب بأزمة ثقة بين «المستقبل» وحلفائها المسيحيين لا سيما حزب «القوات اللبنانية».

وبدا واضحاً ان قوى «14 آذار» نجحت في لملمة صفوفها والحدّ من أضرار طرْح الحريري «خيار فرنجية»، الوثيق الصلة بالرئيس السوري بشار الاسد و«حزب الله»، وإن كانت بعض الدوائر السياسية بدأت تعتبر ان مبادرة الرئيس الحريري الجدية وغير الرسمية جاءت «تكلفتها» أكبر على فريق «8 آذار»، اذ انها تسبّبت بثلاثة أضرار: الاول انفجار «الودّ الملغوم» بين فرنجية وزعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، المرشح الاول لفريق «8 آذار» للرئاسة. والثاني انها أحدثت بلبلة هي الاولى من نوعها في مناخ العلاقة بين زعيم تيار «المردة» و«حزب الله». أما الضرر الثالث فتَمثّل في انكشاف الاولويات المتناقضة لفريق 8 آذار في شأن الملف الرئاسي وشروط التسوية وتوقيتها الاقليمي، وسط اقتناع بأن «حزب الله» لا يشاطر فرنجية ما ذهب اليه في حواره مع الحريري الذي يعتبر الحزب ان عودته الى رئاسة الحكومة تحتاج الى مفاوضات من نوع آخر لم يحن أوانها بعد.

وكان الحريري، أطلّ لمناسبة ذكرى اغتيال شطح في سلسلة «تغريدات» تناولت ضمناً «عناوين الساعة»، اذ قال: «في الذكرى الثانية لاغتيال الصديق الشهيد محمد شطح، نستذكر عقله الواسع وإنسانيته العميقة ولبنانيته الصادقة. ان محمد شطح كان واضحا في رؤيته دؤوبا في عمله مخلصاً لبلده وعبقرياً في دفاعه عن السيادة والديموقراطية والعيش الواحد». أضاف: «أفتقد اليوم الشهيد محمد شطح صديقاً واخاً ورفيقاً. لنستلهم من إصراره على الحوار ومدّ الجسور واجتراح الحلول لإعادة وطننا الى درب الدولة والكرامة. سنبقى أوفياء لوحدة 14 آذار التي عمل الشهيد محمد شطح وسنواصل التمسك بالعدالة إنصافاً له ولجميع شهداء ثورة الأرز».

وختم: «نحيي ذكرى محمد شطح ومعه جميع شهدائنا وعلى رأسهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كان محمد احد أركان المحافظة على إرثه وأمانته».

في موازاة ذلك، وبعد سقوط إمكان جمْع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القادة الموارنة الاربعة (عون وفرنجية والرئيس أمين الجميل وسمير جعجع) في بكركي للبحث في الملف الرئاسي، بدا رأس الكنيسة المارونية وكأنه يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه واحتواء «استياء» العماد عون من مواقفه الاخيرة التي اعتُبرت داعمة لمبادرة الحريري ولانتخاب فرنجية رئيساً والتي قابلها «الجنرال» عبر محطته التلفزيونية «او.تي.في» بهجوم حاد على الراعي متهماً اياه بأنه مصاب بـ «الألزهايمر الروحي» في امتداد لموقف «التيار الحر» الرافض بشدّة خيار فرنجية والتمسّك بأن عون مرشّح «ما دام حياً».

واعلن الراعي في عظة الأحد «اننا ما زلنا نطالب باستمرار، باسم الشعب اللبناني - الذي يعبّر لنا كل يوم - بانتخاب رئيس للجمهورية وقيام المؤسسات وبناء دولة القانون والحقوق». وقال: «عندما ندعو الكتل السياسية والنيابية إلى مقاربة المبادرة الجديدة الخاصة بانتخاب رئيس للجمهورية، فلأن انتخابه هو المدخل الأساسي، وعندما نقول إن المبادرة جدية ومدعومة، إنما نميّز بين المبادرة بحد ذاتها والاسم المطروح. وندعو هذه الكتل للتشاور بشأنها في شقّيْها ولاتخاذ القرار الوطني المناسب، انطلاقاً من الوقائع المتوافرة. فليس من المقبول إسقاط المزيد من فرص التوافق من اجل انتخاب رئيس، فالبلاد لا تتحمل، بعد سنة وثمانية أشهر من الفراغ، المزيد من الخراب والدمار للمؤسسات الدستورية وللمواطن اللبناني، إفقاراً وإهمالاً وإذلالاً وتهجيراً».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي